مفاكهات
حلاوة اللمة وطعم العيد
من عجائب الخروف.. تتعدد مذاقاته والخروف واحد
الشية والكباب والكبدة والكمونية والسلات والباسم.. و.. و..
× أحلى ما في العيد هو هذا التراحم والتواصل والتوادد فهو يجمع ما بين الجيران والأهل والأصحاب والحبان.. والعيد في السودان هو أعياد.. وان كان مذاق ما يكرمنا به عيد الفطر هو الحلويات والكعك وفنون السكريات.. فإن عيد الأضحى المبارك له طعم آخر فيما يجمع بين الناس وسبحان الله فان للسان والأنف والشهية أسرار ما يبهج الإنسان ويسعده في التذوق..
× الخروف واحد لكن أصنافه من الطعام بالمئات وكل منها وكل قطعة منه لها طعم متميز به فوائد مخبوءة فما بالكبدة يختلف عن ما بالكوارع مثلاً وهلم جرا.. وتختلف الوجبات من بلد لبلد ومن مجتمع لمجتمع حسب ثقافة الشعوب وموروثاتها.. ومن هنا جاءت المبالغة في المنافسة بالتي تفوز بالدهشة والإعجاب الشديد حتى يقال عن أفضلها “تاكل وراها أصابعك”..!
× يختلف الخروف عن سائر الأنعام بأن في كل موضع من لحمه كما اسلفنا وجبة غذائية شهية ودسمة لها عشاقها ومحبوها.. فتجد مثلاً في مجال الشواءات فنون الطبخ الشهية التي تدعوك من خلال “عطرابة” دخاخينها مخاطبة الأمعاء من خلال روائحها المحفزة للاستعداد لما تحب, فالشية أنواع منها الجمر والصاج والسلات والسيخ والشاورمة وتدخل فيها اللحمة بالفرن وأخرى عن طريق البرمة كما في الغرب الحبيب والتي تنضج بالبخار..
× والأعجب أن لكل قطعة من اللحم ما يميزها فالكستليتة تختلف عن الفخذة أو الكوارع، أما غير ذلك فإن ما يتجاور مع العظم فإن مكانه الحلة وما أدراك ما الحلة “بفتح الحاء” فإن فنون طبخها كثر والعظم نفسه منه “المقرشة” ومنه ما به “المخ” وله عشاق ويصلح للشوربة وفي الشوربة فوائد جمة ولها وظائف تدخل في “الفتة” وما أدراك ما الفتة عالم واسع كبير له رواده وله مهام اجتماعية خصوصاً في بعض المناسبات الدينية والكل منا يعرف أهازيج “الفتة أم توم حمتنا النوم”…!
× ومن عبقرية الطاهية السودانية أنها كثيراً ما تستثمر الشوربة هذه نسبة لثرائها بكثير من العناصر المغذية بإضافة الويكة إليها فتصبح “أم رقيقة” التي حينما تتحالف مع الكسرة يصعب على كثير من السودانيين مقاومة التلهف بما تزخر به السفرة منها.. ويتغنى بها البعض طروبين: “ام رقيقة بوخك طلع انتي احلى من القرع” خصوصاً أم رقيقة حينما يكون حظها الرائع قد جاد لها بالشوربة التي جاءت من “الضلع” هنا تكون ام رقيقة أيقونة السفرة بلا منازع..
× أما عزيزنا الضلع وهو ما يدعى سيد الطعام فله وقع خاص يحتاج لصفحات متخصصة.. ولا نستطيع مغادرة وجبات الخروف الشهية المفضلة ونحن في رحاب عيد الأضحى المبارك، فهنالك في بطن الخروف الكثير فقد تخرج من ذلك أولاً بـ “المرارة” ثم الكمونية ثم الكبدة الصيدلية المتكاملة في دعم الدم.. وقد يسعفني أحد المتخصصين العارفين حتى لا أنسى رأس الخروف والذي نلقبه بـ “الباسم” ويقال له أيضاً “رأس النيفة”.. فإنك ستجد عزيزي القارئ طعماً خاصاً لا تجده في بقية أجزاء الخروف حتى إنه يضرب به المثل في الجمع بين أشتات قد لا تتقارب فيقال عنها “لحم راس”..!!
× وعن الكوارع حدث ولا تنتظر الجواب.. فإن فوائد الكوارع والتي يطلق عليها العرب “الأكارع” لها مذاق مختلف ومن فوائدها أنها تفيد المفاصل بل إن بها شوربة لو خلطتها بالليمون والمحدقات فإنك لا تأكل وراها اصابعك.. لأن أصابعك قد تجد صعوبة في الفكاك من بعضها البعض..!!
× تلك النعمة عزيزي القارئ جديرة أن نشكر الله عليها.. وأن نكثر في هذا العيد من الصدقات خصوصاً على الفقراء والمساكين.. ولعل ما يميز هذا العيد هو ضرورة الاهتمام بالجوانب الصحية بعدم الإفراط في تناول اللحوم فيه لأن ما يتناوله الكثيرون في معينات للهضم كالشطوط وملحقاتها كثيراً ما تؤدي لتجاوز متطلبات ونداءات الأطباء والصحة العامة.. وأيضاً يحتاج الى قدر كبير بالاهتمام بالموجهات الصحية للتعامل مع مخلفات الذبيح درءاً لتوالد الذباب وانتشار الأوبئة والمحافظة على بهجة العيد من خلال مظهر الحي والمدينة ولا يكفي أن نهتم بنظافة منازلنا فقط فنحن كل متكامل مع ما حولنا..
× صلاة العيد فرصة وسانحة طيبة بالتوجه بالدعاء أن يحفظ الله سبحانه وتعالى بلادنا آمنة مستقرة وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ويقينا شرور أمراض العصر كافة وأن يجعل بلادنا سخية رخية آمنة مستقرة، وكل عام والجميع بخير وصحة وعافية..
///////\/////////-
لقطات حكيمة
تضحيات مدهشة
× أخذ الأستاذ يخبر تلاميذه عن قصة سفينة راحت تغرق في البحر وكان على ظهر تلك السفينة الصغيرة رجل وزوجته، وكان هنالك قارب نجاة لا يتسع إلا لشخص واحد وعندما تعرضت السفينة لحادثة الغرق دفع الرجل بزوجته وراءه ورمى بنفسه في القارب تاركاً الزوجة, وقفت الزوجة في السفينة الغارقة وصاحت بجملة واحدة لزوجها:
توقف الأستاذ عن سرد القصة وسأل التلاميذ ترى ماهي الكلمة التي قالتها الزوجة لزوجها؟ أجاب التلاميذ إجابات مختلفة إلا تلميذ واحد أجاب قائلاً: قالت له يا زوجي “اعتني بطفلتنا”.. تفاجأ الاستاذ بأن إجابة ذلك الصبي كانت هي الصحيحة وقال له: جوابك صحيح.. أما الرجل الناجي فقد عاد لمنزله حيث رأى ابنته الوحيدة والتي تركاها وذهبا في رحلة علاج أمها التي شخص الاطباء حالتها بأنها ميؤوس منها وأن ايامها معدودات. بعد سنوات عديدة توفي الأب فوجدت ابنته بعد أن كبرت مذكرة فيها أسباب ما دفعه لترك الأم لانقاذ ابنتهما الوحيدة وقد كتب الأب في مذكراته أيضاً لزوجته: “كم تمنيت لو مت انا وعشت أنت, ولكن الحرص على توفير الحياة لابنتنا الكريمة الصغيرة هذا الذي لم يجعلني أذق طعم النوم بعدك”..
/////////
من عادات العيد
الشربوت وما أدراك ما الـ “الشر boot”
× يعد الشربوت من أمتع وأحلى المشروبات السودانية خصوصاً في عيد الأضحى المبارك, وذلك لارتباطه الوثيق بوجبات اللحوم المتعددة مثل الشية والكباب والكمونية وغيرها والتي قد تجد الإمعاء مشقة بالغة في هضمها فاللحوم ليست وحدها التي تتحف المعدة بما لذ وطاب وإنما تزف إليها بوصيفات من الشطوط المزدانة بفاتحات الشهية كالليمون والمخلل والأتي والدكوة وحسناوات من السلطات ذات “السلطة” القوية في أسر الألباب، لذلك فإن المعدة تستقبلهم بأريحية بالغة بعد أن تكون الشهية قد أقنعتها بأن اليوم يوم عيد, وأن الفرصة تلوح مرة في العام, وليكن ما يكون وهو مناسبة يحلو لها ما يحليها من لقاء الأهل والجيران والأحباب, ومهما يحدث للإمعاء فإن عليها “الاستكانة” والتمتع بالتضحية للأمر المستجاب. من هنا ولدت عبقرية “الشربوت” وهي قوات “حفظ سلام إمعائية” لتقدم دعماً سريعاً يعين المعدة على اداء مهامها بصبر وجلد..
× يتكون الشربوت من البلح تضاف اليه بعض البهارات مثل الجنزبيل والقرنفل والقرفة والهبهان, يغسل البلح جيداً ويوضع في وعاء يغلي بالماء وبعدها تضاف اليه تلك البهارات ويترك الخليط ليوم كامل ويصفى بعدها ويوضع في الثلاجة بعد ان يكون قد نال درجة معينة من البرودة ثم اخيراً تضاف اليه بعض المنكهات..
لكن ما يحذر منه الا تتعدى درجة إعداده لتصل مرحلة التخمير حينها لن يكون شربوتاً وإنما “شرboot”وكل عام وانتم بخير..
////////////
كوكتيل مفاكهات
أسرار في رأس الخروف
× ذكرت مجلة “بيولوجي ليترز” العلمية أنها أجرت دراسة على رأس خروف ورأس نعجة, فوجدت اختلافاً كبيراً في القرون وعزت ذلك لوظائف كل منها.. وقالت إن قرون الخروف مصممة بطريقة قتالية ليقاتل بها الذكر نظيره للحصول على الانثى للتزاوج.. اما النعجة فإن قرونها مسننة من أجل مساعدتها على دفع اي نعجة اخرى تشاركها في الطعام والدراسة أكدت ان النعاج تتصرف بعدائية أكثر تجاه بعضها عندما يكون الطعام قليلاً حماية لصغارها..
× لكن الدراسة لم تتطرق لطعم ومذاق رأس الخروف وهل هو مختلف عن رأس النعجة؟ وكما هو معلوم نحن السودانيين مولعون بذلك ونسميه “الباسم” او “راس النيفة”.. عموماً الخواجات لا يهتمون بما نهتم نحن به.. لماذا؟ وكل سنة ورأس الخروف بيناتنا شهياً بالهنا..