دهاليز
علي مهدي
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد:
(نور دبي) تعمل ليكون للجميع الحق في الإبصار
(نور دبي) نور على نور يضيء يحقق الأحلام فتغدو ممكنة
الدبلوماسية الإنسانية تجلياتها في (نور دبي) وأدوارها في القضاء على مسببات العمى إقليمياً ودولياً
جئتها (دبي) أول مرة، زمن، عقود وعقود، تزيد الآن على الأربعة، إذ لم تمشي، تتهادى نحو الخمسة، أمضيتها بينها البلد الأحب، ومدن أخرى في الخاطر دوماً، من عند أبوظبي والعين والفجيرة والشارقة ورأس الخيمة وعجمان وأم القوين، مدن مزهرات، تظل في الخاطر دومًا، لأهلها، وحلو وجمال الترحاب، وحسن المقام بينهم، ومحبة نتبادلها، أفضت للخيرات التي عرفنا سويًا، فكرًا وآداباً، وفناً وتنظيماً، وإنسانية تتجلى في جهد يتعاظم الآن بتوسعة دوائر المعارف المفضية لتوفير الأمان والصحة والعافية، وإن تنوعت الوسائل، وتعددت الأسباب .
وفيها عرفت معنى امتدادات العطايا بلا حدود. لكل أنحاء المعمورة، ووقت أن يحتاج الإنسان لعون أخيه الإنسان.
فتكتمل عناصر فكرتي عن (الدبلوماسية الإنسانية) في ظل تعقيدات الدنيا إقليمياً ودوليًا.
وصلتها أول مرة، وسبقني إليها بعض أهلي والأحباب، عملوا هناك، أسهموا بالقدر المستطاع في البناء والتعمير .
وكانت الدنيا قبل ستة عقود تبدأ من هناك، من عنصر الرمل والحر، وبلا مطر. ساعات ظِل أقل، لكن حسن الاستقبال والترحاب يضيق على الشمس، فتصبح ورحابة الابتسام أقل حدة، وتفتح للناس رياحين من برد وسلام، فتكتمل المشاهد، باكتمال الخطط والبرامج. وتقوم في تلك الفيافي مدن، تحكي عنها مدن الحضارات القديمة، وكأنها الأنهار تحتفي بها، فتقبل عليها، لتشد من أزرها، فلا الطبيعة بقسوتها منعتها فرص الخيالات الأجمل، ولا مشت بعيداً من حلم الأب المؤسس الشيخ زايد آل نهيان قدس الله سُرَّه، فقامت المدن مزدانة بصوت الاستنارة، وحلم الدولة الكبرى، في وسط الخليج العربي، ممتدة الفرص، تتعافى في كل لحظة. وتقوم الدولة الأحدث بين الأمم، في أوقات بالغة التعقيد، لكن الإصرار والإيمان والحزم، والنظر بعين الغد، لصناعة المستقبل، والنموذج الأفضل فيه، ولتصبح بعدها دولة الإمارات العربية المتحدة، الأقرب الأفضل، والأوفر في تفاصيل معنى الاتحاد ممكن، بإخلاص النوايا، والشراكات الذكية، والمواقف الأصيلة، لا في السياسة وحدها. وتلك كانت في مختلف الأوقات مشقة، لكن في امتداد الخدمات الإنسانية بتنوعها، وأهمها رعاية الناس كل الناس في كل مكان.
نزلت دبي سادتي وكانت أيامي الأُوَل في مقعدي الأحب، والذي لازمني لعقد ونصف من الزمان، أمضيتها بين (القاهرة) الأحب ومدن أخرى، أقوم بواجبي ومسؤولياتي، في ظروف تنوعت، لكنها ولمرتين كانت مدن الإمارات التي أحب وأعشق خير معين لي، في (دبي) أول مدخلي لها، ثم (أبوظبي) يوم أسست المدينة ودعمت بقدرتها على جمع الناس، كل الناس من كل الأجناس، مسؤولياتي لثلاث دورات متتالية، يوم عقدنا أول اجتماع للمجلس التنفيذي خارج القاهرة، برعاية كريمة من لدن صاحب السمو الشيخ عبد الله بن زايد وزير الثقافة والإعلام يومها، وزير الخارجية الأماراتية الآن.
أظنني يوم أسجل الأحداث فيها الأمانة العامة والقاهرة ومدن في خاطري، أحبس نفسي قليلاً بعيداً عنها مشاعري، وكنتُ شاهداً على الأحداث، وإن شاركت في صناعتها. وتلك حكاية أخرى.
لكني في زيارتي تلك الأولى لمدينة (دبي) أميناً عامًا للاتحاد العام للفنانين العرب، والحدث عندي، أنها الفرصة الأولى لمسيرة الإدارة والتنظيم لي، تمتد بعدها لعقد ونصف، وكان فعلاً نبيلاً منها جامعة الدول العربية، ومنظمتها للتربية والثقافة والعلوم (الأليسكو)..
أن تحرص على دعوة الأمناء العامين للاتحادات الفنية والأدبية، للمشاركة في اجتماعات مجلس الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، وقد كان، وكنت في (دبي)، مدخلي يومها لمدينة (الشارقة) وهي تستضيف الاجتماعات. وعرفتها المدينة (دبي) في تفاصيلها، وأسعدني أكثر، الترحاب. كنّا جزءاً من كل النشاطات والبرامج لأصحاب المعالي الوزراء، وكان الأهم فيها، يوم وقفنا لمصافحة الأب المؤسس الشيخ زايد آل نهيان قدس الله سُرَّه، وقفت إليه وهو في ذاك الشموخ والتحنان، وأمسك كفي، أب يسأل ابنه الذي غاب فترة عنه، ثم يزيد في تحنان الأسئلة الصادقة، عن الأهل والأسرة، وكفي بين يديه في أمان، والنَّاس خلفي يبتسمون. ثم السؤال الأهم عن السودان وأهلها، وهم عنده الأحب . وفرحت يومها باللحظة، المقابلة، الإدراك. لأنك في أمان، وأنك تُقدم على أفعال نبيلة برحمته الواسعة، ومباركة الأب المؤسس لا لدولة الأمارات العربية المتحدة وحدها، ولكنها لفكرة كبرى، أن ترعى الدولة الإنسان حيثما كان، وأن تمتد أيدي الخير إليه وقت الشدة وغيرها. وهو ما ظلت تفعله مؤسسة (نور دبي)، المبادرة الخلاقة لسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم دبي.
وهي وفعلها النبيل حول العالم وبشكل خاص في السودان بشراكتها الناجعة مع مجموعة مستشفيات “مكة” المنتشرة في كل أنحاء السودان، ومؤسسة البصر العالمية والتي تتخذ الآن من مدينة دبي الإنسانية مقراً لها، وعبر مخيماتها الممتدة في ولايات السودان، ويوم يحين وقت التعداد والإحصاء، تدرك أن الدبلوماسية الإنسانية عندي تحقق أفضل نتائجها. انظر لحضور صديقي الحبيب سعادة السفير حمد الجنيبي سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في السودان لهكذا نشاطات، متقدماً المخيمات، ويسهم في تسهيلها، اعتماداً على علاقات بُنيت على صدق ومعاملات لفترة طويلة، هي خدمته الممتدة بُحسنها، والتي أجد الآن الفرصة لإشارات التقدير والاحترام لتجربته الإنسانية الدبلوماسية. كم هو حريص على المشاركة في أدق تفاصيل الشراكة والإعداد والتحضير للمخيمات (نور دبي)، وعندي أرقام تسعدكم، نعم، وهي ما يزين دهليزي هذا الصباح بأنوارها الملهمة، دبي، و(نور دبي)، التي عرفتها عن قرب بعدها، ومشيت في دروبها، وهي أكبر من منظمة إنسانية، هي عندي وآخرون شركاء في العمل الإنساني الأممي، امتداداً للأفعال الطيبة والتي اكتملت بأركانها، وعندي من النتائج ما يدخل البهجة على يومكم هذا، وأيامكم القادمات، لا في في مجال إحصاء فحسب، لكن فيما تكون قد تركته على البشرية من فرص التغيير للأفضل رغم المشقة، وساهمت به في تقليل العنف، ومن بين أسبابه الأهم أو بعضه، الفقر، والفاقة، والعوز، والحاجة، ثم المرض، والأصعب فقدان البصر .
أيامي تلك المجيدة في دبي ترافقنا للمشاركة في اجتماعات مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن الشؤون الثقافية والحبيب الأستاذ علي (عقلة عرسان) وكان أميناً عاماً لاتحاد الأدباء العرب، ومقره دمشق الجمال، الناس والعمارة الأقدم، والغناء البديع، ووديع الصافي، ودريد لحام، وأسعد فضة، وأيمن زيدان. وكل أهلي مبدعي الشام الكبير، كان مكتبي فيها، غير بعيد عن نقابة الفنانين. أمشي إليه راجلاً، أسلم، وأتلقى التحايا والترحاب، وأعود فندقي عبر الأسواق القديمة، الحوانيت و(الفرندات) الفخامة. وتلك حكاية أخرى .
لكنها مدينتي (دبي) أسرتني، ومشيت إليها وسحرها مراراً، وتكررت زياراتي، لا لأسباب الفنون، ولا، لانشغالات أخرى، أدخلني فيها ولعي بكل جديد، وعرفت عبرها ومدن أخرى فيها الأمارات، كيف تدار الدولة الأحدث، والناس فيها كل لما هو ميسر له من عمل مرتب، صادقين في المسؤوليات، وإن تخطت الحدود وقد رافقتهم كبار المسؤولين، نتبادل مدائن، نطوف العالم شرقاً وغرباً، ونقدم الإسهام في الشأن الإقليمي والأممي.
ثم نظرت بعضها الإسهامات يوم أزور المغرب الكبير من (تطوان) حتي (كاس) وأزور أهلي (الأمازيغ)، تأسرني اللهجة، خاصة في حال الغناء والشعر، تفهم، أو تمر عليك الكلمات، لسحرها تظن أنك فهمت. وكنت المسحور بعطاء (نور دبي) وعملها الصادق من أجل الإنسان والإنسانية.
لا لغير ذلك تأسست الفكرة المفتوحة على الكل، بلا تفاصيل، في لمن تقدم الخدمة؟ الهم (القضاء على مسببات العمى والمشاكل البصرية).
وبالشراكة الذكية مع مستشفى مكة لطب العيون الفريدة، عملوا في أكثر من ثلاثين مدينة مغربية، من طنجة وتطوان وفاس والدار البيضاء، وغيرهم، قطعوا المسافات الطوال، ليحققوا الأهداف الأسمى والأغلى .
التي حكى عنها صاحب الفكرة، المبادرة المباركة، قال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حفظه الرحمن (من حق كل فرد التمتع بالصحة)
ولتكن نور دبي تعمل وتسعى
(ليكون للجميع الحق في الإبصار)
(ونهدف إلى القضاء على مشاكل العيون باستخدام شتى السبل، والعلوم الإنسانية، والتعليم، وقبلها الوقاية تمهيداً للعلاج).
لقد تطورت الشراكة الكبرى في السودان وحققت نتائجها المطلوبة منذ البداية. ولأنها شراكة مستنيرة، تأسست على خطط مدروسة لواقع ومشكلات أمراض البصر، وهي كثيرة ومتنوعة، ومنها الأهم العمى، فكانت مخيمات في مدن السودان الكبرى وغيرها، منها
كادوقلي، نيالا، في دارفور الكبرى.
ثم في وسط البلاد في الكاملين وربك و كنانة
وفي كردفان الكبرى مدينة الأبيض، والسيرة هناك عطرة كما المدينة، والأرقام تفرح، فيها وحدها، استقبل المخيم أكثر من 2600 مريض تم استقبالهم وأجريت لهم إجراءات الكشف، وتمت العمليات الدقيقة في أوقات قياسية، وباستخدام أحدث الأجهزة، وكانت المخيمات قد توفرت لها كل المعينات الإدارية والفنية والتقنية، وتوفرت الطاقة الكهربائية بالمولدات الضخمة، لضمان استمرار برنامج المخيمات وفقاً لما هو مخطط له، وبالاتفاق مع مؤسسة (نور دبي) العالمية. يسبق ذلك زيارات ميدانية لمواقع المخيمات، وتصل وفود إدارية ومنظمون وعلماء وأطباء من (نور دبي)، وتكون السفارة الأماراتية حاضرة، سعادة السفير حمد الجنيبي ومساعديه، ويشهد ويشارك لا في مراسم الافتتاح، بل في الذي أعلم يبقى لأيام في أطراف المخيم، وعلى استعداد لتقديم الحلول للمشكلات الطارئة. وهي عندي دبلوماسية إنسانية، تخرج من المكاتب، وملفات التعاون الاقتصادي، وكواليس السياسة والسياسات، الى فضاء العلم والطب، وهي الإشارات الأهم لمعاني أنسنة الدبلوماسية.
وتخرج شراكة (نور دبي) عبر الخرطوم إلى أبعد من ذلك في جغرافيا الحدود والدول، إلى جمهورية تشاد، ودولة جنوب السودان.
الأرقام عندي مفرحة، ومعلوماتي أنهم في مستويات أفضل، يمشون الآن لتحقيق المزيد من الشراكات لمعافاة المحتاجين للبصر المفضي للبصيرة.
تلك حكاية أدركتها لمّا بحثت في متابعة بعض الأحباب للأعمال الإنسانية التي انطلقت من مؤسسة (نور دبي) مؤسسة غير ربحية، تعمل من أجل الإنسان، وتسهم في تحقيق أفضل الفرص لبناء شراكات علمية، تقوم على العلوم والمعارف، وتهتم بالإنسان في كل مكان. خاصة وأن الإحصائيات المؤكدة، أن ملايين من البشر مهددون بفقدان البصر، بأسباب المرض وغير ذلك. فهي من خلال البرنامج الذي تابعت، والنتائج التي تحققت، لا في السودان، لكن ما تعرفت عليه في ترحالي لأداء بعض مشاركاتي في العمل الإنساني، اطلعت عن قرب على حجم تلك المسؤوليات، ثم على حرصهم أن يكون كل ذلك الجهد مباركاً، لا ترويج له، ولا إعلان، إلا إذا ارتبط ذاك بالتحذير من العادات الضارة التي تتسبب في فقدان البصر، خاصة في بعض البلدان الأفريقية، ثم ما يحيط بالإنسان من فقر، يتسبب أيضًا في تردي البصر قبل أن يذهب تماماً، لذاك جهود (نور دبي) تمتد الى التعليم، ومساندة طلاب الطب، والتشجيع على البحوث والدراسات، وتقديم خدمات متصلة للوصول للنتائج العلمية المساعدة على تخفيف انتشار الأمراض المعدية المسببة لفقدان البصر، خاصة بين الأطفال والشباب.
مشواري هذه الأيام يذهب بي أقرب إلى جهود مناهضة العنف المتسبب في حرمان الإنسان من أبسط حاجاته، وهي حق الأمان والعلاج والغذاء، ثم أن يتعافى في بدنه وبصره، ليعمل من أجل أخيه الإنسان.
وأنظر في الدواعي والأسباب الموجبة لإعلان وتإسيس منظمة (نور دبي) الإنسانية. الإنسان والإنسان.
وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حاكم دبي
(من حق كل فرد التمتع بالصحة)
( عالم تتوفر فيه الخدمات الطبية للجميع دون تمييز)
( لجميع الحق في الإبصار)
أمتعت روحي ونفسي ليوم تام في أكاديمية مكة لطب العيون، غير بعيد من نهر النيل في الضفة الغربية، تعرفت وفهمت، وكنت الأسعد أنا، وهي مفتاح لأيام ومستقبل مشرق لطب العيون .
دهليز قادم يبدأ من هناك من حيث النيل يمشي نحو مصر بلا تردد..