محمد علي التوم من الله.. كرة الشراب في متحف الرياضة الشعبية
كلام تير
محمد علي التوم من الله
كرة الشراب في متحف الرياضة الشعبية
مثل شعبي يقول (النسى قديمو تاه)
ومما لا ينبغي أن ينسى من قديم مناشطنا الرياضية والاجتماعية ما كان يسمى (بالدافوري)، وهو مباريات كرة القدم كان يمارسها الشباب والصبية في الأزقة والحواري والميادين بالأحياء على الطريقة السودانية والكرة التي يلعبون بها هي (كرة الشراب).
ومعلوم أن كرة القدم لعبة عالمية محبوبة وهي الأولى جماهيرياً ولها تاريخ عريق.
يقال إن الإنجليز هم الذين كان لهم السبق في تنظيم مناشطها الجماعية والتنافسية ومبارياتها.
ومعلومة تاريخية عنهم وإن كانت صادمة تقول إنهم لعبوا كرة القدم بجماجم رؤوس الدنماركيين الذين كانوا يستعمرون انجلترا بعد أن دحروهم.
إلا أن كرة القدم ما انتشرت عبر العالم (للنكايات) والتشفي ووضعت لها قوانين تنظم منافساتها بين الشعوب ومحلياً لتخلق بين الناس عرى المحبة والسلام والوحدة، أصبحت أخيراً لها نظام عالمي وقوانين كما أضحت قوه اقتصادية لا يستهان بها إضافة إلى أنها تعتبر أفضل سفارة إعلامية بين الشعوب.
وبما أن بلادنا كانت إحدى المستعمرات البريطانية فقد كان من حظها أن تجد كرة القدم حظاً من الانتشار السريع، أصبح لها تاريخ خاص بها متميز يحفظ بين طياته الكثير.
شعبياً كان (الدافوري) كما أسلفنا وكرة الشراب،
كرة الشراب تخرّج من مدرستها الابتدائية والإعدادية كبار لاعبي كرة القدم بالسودان الذين أثّروا في تاريخ الرياضة ولعب بكبريات فرقها الهلال والمريخ وغيرهما .
صناعة كرة الشراب بسيطة، ومن ورائها بعض الطرائف فهي تصنع من شرائط الأقمشة القديمة تلف كروياً بعناية وقوة ثم تلبس في شراب (جورب) قديم وتخيط بعد ذلك بالإبرة والخيط.
واليوم أصبح البديل لها كرات حديثة مستوردة تصنع في مصانع عالمية شهيرة عالية التكلفة مواردها من النسيج جلد وبالونات (لاكتيس) وهي خليط تتم معالجته بمواصفات عالمية وصحية. والسودان يستورد بالعملة الصعبة من تلك الكرات الكثير.
تميزت كرة الشراب بصغر حجمها وقوتها الشيء الذي أكسب اللاعبين بها مهارات عدة، منها إجادة اللعب الأرضي والباصات البينية ودقة التصويب.
وبما أن الكرة تلك لا تقفز عالياً كالكرة الحديثة فإن اللعب الأرضي له ميزاته التي يوصي عليها المدربون.
إذن فكرة الشراب كانت تكسب المبتدئين بها أهم قواعد السيطرة على الكرة وتداولها بين الزملاء.
لا غرو أن الكرة الحديثة لها مزايا أخرى وذات أهمية في إجادة اللعب بها، لأن المنافسات عالمياً تقوم عليها، إلا أن لاعبينا الذين بدأوا بكرة الشراب لم يجدوا أي مشقة بسرعة التعود على اللعب بـ(الكفر) وهو اسم الكرة المصنعة حديثاً، لأنهم أتقنوا في البدء فنون التحكم والسيطرة والمحاوره والتهديف في كرة صغيرة قوية.
ساهمت كرة الشراب في أن يحافظ جنيهنا السوداني قديماً على قوته امام الدولار فمنعت دخول (الكفر) بالعملة الصعبة، أما اليوم فإن الكرة التي كان يلعبها الإنجليز برؤوس الدنماركيين أصبحت تلعب برؤوس جماهير عشاقها عبر العالم وذهبت كرة الشراب طائعة (مختالة) إلى متحف الرياضة فوداعًا.