منكم وإليكم
كتب محمد عثمان الرضي
جامعة الدول العربية والدور المرتجى
جامعة الدول العربية منظمه إقليمية تأسست في الثاني والعشرين من شهر مارس عام 1945عقب نهاية الحرب العالمية الثانية وتضم العديد من الدول العربية والأفريقية في عضويتها في قارة أفريقيا وآسيا وينص ميثاقها على التنسيق بين الدول الأعضاء في الشؤون الاقتصادية والعلاقات التجارية ما بين الدول الأعضاء والمقر الدائم للجامعة بدولة مصر وعدد الدول الأعضاء حوالى 22 دولة.
السودان من أوائل الدول التي نالت عضوية الجامعة العربية وكان ذلك في التاسع عشر من شهر يناير عام 1956 أي بعد الإعلان الرسمي لاستقلال السودان بـ18 يوما فقط ومنذ ذات التوقيت ظل السودان عضوا فاعلاً في الجامعة العربية ولعب أدوارا فاعلة في مختلف القضايا الاقتصادية والسياسية بين الدول الأعضاء، إلا أن دور الجامعة العربية تجاه السودان كان دون الطموح وكانت تتوقع الخرطوم أن تلعب الجامعة العربية أدوارا أكثر فاعلية تجاه دعم السودان اقتصاديا وسياسياً وأمنياً.
وكل هذه الأسباب مجتمعة تبنى العديد من المهتمين والناشطين السودانيين داخل وخارج البلاد حملة واسعة تطالب بالانسحاب من عضوية جامعة الدول العربية وكان ذلك في عام 2016 وذلك بسبب عدم اهتمام جامعة الدول العربية لما يدور من تدهور اقتصادي مريع شهده السودان إلى جانب اتساع رقعة النزاعات المسلحة وقد لاقت هذه الحملات قبولا ورواجاً واسعاً في أوساط المواطنين بمختلف توجهاتهم السياسية ومشاربهم الفكرية وقد ركزت هذه الحملة على ضرورة العودة إلى البيت الأفريقي وذلك لاهتمامه وتلمسه وتفهمه لقضايا السودان وذلك من خلال التعامل مع الاتحاد الأفريقي مع الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع أعضاء جامعة الدول العربية والانسحاب من جامعة الدول العربية لا يعني ذلك قطع العلاقات مع الدول العربية وستظل هذه العلاقات محل احترام وتقدير وذلك وفقاً لإفادات قادة مبادرة الانسحاب من عضوية جامعة الدول العربية.
عقب سقوط النظام الحاكم السابق في أبريل 2019 كان من المتوقع أن يكون هنالك موقف واضح من جامعة الدول العربية تجاه التحول السياسي الجديد، ولكن قيادة الجامعه تلتزم الصمت حيال ما حدث في الخرطوم مما أثار ذلك العديد من التساؤلات والاستفهامات حول هذا الصمت بالرغم من النشاط اللافت للنظر للاتحاد الأفريقي وجهده المتعاظم في تقريب وجهات النظر ما بين المجلس العسكري والحاضنة السياسية قوى الحرية والتغيير في التوقيع على الوثيقة الدستورية والتي من خلالها تمت بداية العمل المشترك الجديد كأول تحالف سياسي مشترك ما بين المكون العسكري والمكون المدني.
وعقب تولي دولة قطر رئاسة الدورة الحالية لجامعة الدول العربية كان لزامً عليها كسر حالة الجمود وتجديد روح العلاقة ما بين السودان والجامعة وكان ذلك خلال زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري إلى الخرطوم والتي أتت متزامنة تماما مع زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو إلى دولة تركيا والكل يعلم شكل العلاقة المتينة ما بين الدوحة وأنقرا والتنسيق الكبير بينهما في إدارة الملفات في الإطار الإقليمي والدولي، وقطعًا قيادة دولة قطر لقيادة الدورة الحالية لجامعة الدول العربية في هذا التوقيت سيسهم وبصورة كبيرة في إعادة العلاقات ما بين السودان والجامعة إلى قديم عهدها ويخلق فيها الروح من جديد علماً بأن الدوحة لديها علاقة متميزة مع الخرطوم وذلك من المواقف البطولية تجاه أزمة دارفور.
انضمام السودان لمنظمة الوحده الأفريقيه سابقًا والاتحاد الأفريقي حالياً لن يكون خصماً على عضويته في جامعة الدول العربية بأي حال من الأحوال ويمكن للسودان الاستفادة من الطرفين في تحقيق مصالحه المشتركة ولا يمكن أن يكون السودان بمعزل عن المنظمات التي تعمل في إطاره الإقليمي والدولي.
دعوة جامعة الدول العربية لوزراء خارجية الدول الأعضاء لعقد اجتماع بغرض مناقشة المستجدات السياسة في السودان وبالذات قضية سد النهضة والنزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا تعتبر البداية الحقيقية لعمل مؤسسي جديد للجامعة العربية وقطعا ذلك سيساهم وبصورة ملحوظة في إعادة المياه إلى مجاريها ما بين السودان وقيادة الجامعة العربية الحالية.
التقارب ما بين الخرطوم وإسرائيل قطعًا يعتبر دفعة قوية في الاتجاه الصحيح وعكس ما يعتقد الكثيرون بأنه السبب الرئيسي في فتور العلاقة ما بين الجامعة والسودان والدلالة على ذلك العلاقة القوية التي تربط دولة مصر بدولة إسرائيل وتحتضن القاهرة المقر الدائم لجامعة الدول العربية.
أتيحت للسودان فرصة ذهبية لا تعوض عقب تسلم دولة قطر رئاسة الدورة الحالية لجامعة الدول العربية ويمكن أن يستفيد السودان استفادة كبيرة جداً وذلك من خلال حشد المواقف الإقليمية والدولية للجامعة تجاه السودان إلى جانب إقناع الأعضاء في تدفق الاستثمارات العربية تجاه السودان.