أقامت الصين أكبر دولة عدداً وتعداداً، سورها الشاهق العظيم لتحمي بلدها وشعبها ومؤسساتها من أيِّ هجوم بَري عبر جحافل الغزاة ولمدة طويلة.
وفي المائة السنة الأولى لتشييد السور، تم غزو الصين ثلاث مرات، ولَم يتم ذلك بتسلُّق السور ولا برميه بالمانجنيق ولا بطائرة بدون طيار ولا بصاروخ بعيد المدى، ولكن تم ذلك بفتح الأبواب ليدخل الغزاة بواسطة الحارس، لأنّ الصين اهتمت بالطوب والحجر ولَم تهتم بالبشر.
عليه لو أردت أن تهدم حضارة أمة، عليك بوسائل ثلاث:
١/هدم الأسرة
٢/هدم التعليم
٣/إسقاط القدرات والمرجعيات
لتهدم الأسرة، عليك بهدم الأم وذلك بتغيُّب دور الأم في المجتمع والأسرة وفي الحياة، واجعلها تخجل من وصفها بربة منزل.
أما لتهدم التعليم، عليك بهدم المعلم، لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلِّل من مكانته حتى يحتقره طلابه.
ولكي تسقط القدوات والمرجعيات، عليك بالعلماء، أطعن فيهم وقلِّل من شأنهم وشأوهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد.
اذا اختفت الأم المربية رب المنزل، وإذا اختفى المعلم المُخلص المربي، وسقطت الرجال والنساء القدوة والمرجعية، فمن يُربِّي النشء والمُجتمع على القيم؟
إنّ بناء الإنسان وهو أساس قيام حضارات الأمم، فالحضارة لا تقوم على الطوب، ولكنها تقوم على الأخلاق والقيم وهذا يعتمد على بناء الإنسان الذي يبدأ بالأسرة وعماد الأسرة وقوامها الأم حتى قيل:
(الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيِّب الأعراق)
أمّا المعلم، فهو يقوم بدور الأب، حيث إنّ المدرسة هي المقام الثاني للتلميذ، وهي تأتي بعد البيت، ولذلك المعلم المُخلص الأمين الصادق صاحب الخُلُق والدين، وهو القدوة الحسنة للتلميذ والطالب، وهو المَرجع والأب الثاني للطالب والتلميذ خارج البيت.
أما العالم القدوة والعلماء الأفذاذ المرجعيات، هل المثل المُقتدى بهم، وهُم نور المجتمع ونوارته، بل مشعل المعرفة والعلم.
عليه أيها السادة في السودان.. إنّ البلاد تمر بمرحلة هدم الأمة السودانية.
فالمرأة الآن المربية وربة البيت، صارت خارج هذه الوظيفة، وشُغلت بسيداو وتحرير المرأة ومساواتها بالرجل، واصبناه بالتفسخ والتبرج وغير ذلك.
أما المعلم الأمين المُخلص، رفسناه وقلّلنا من قيمته في المجتمع حتى قلّ احترام تلاميذه وطلابه له.
أما القادة والعلماء القدوة، قلّوا في المجتمع، وبدأنا نسمع للرويبضة والأفاك والمنافق والكذوب، بل بدأنا نقود ونولي أمورنا إلى المنبت قليل الخبرة والرأي وعديم الخُلُق.. لذلك الأمة السودانية آيلة للسقوط.
عليه، إن شأن الوطن الآن عظيمٌ.