قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني كمال كرار، إن تشكيل المجلس التشريعي تم تعطيله عمداً لتمرير قوانين وقرارات ضد الثورة، ووصف تشكيل المجلس التشريعي في الموعد الذي حُدِّد له في أغسطس، بأنه تحصيل حاصل وأضاف (التشريعي سيولد ميتاً)!
وأكد كمال في تصريح لـ”الصيحة” أنّ حزبه لن يشارك في (هياكل كرتونية), وأشار إلى أن الخلافات بخصوص تمثيل الولايات في المجلس تتمثل في معايير الاختيار وعدد الممثلين!
كلما اقرأ تصريحاً لأحد قيادات الحزب الشيوعي عن حكومة الثورة، ازداد تعجباً واندهاشاً واستغراباً!
ومرد ومرجع ذلك, أن الحزب الشيوعي يُعد (عراب) هذا النظام والحاضنة والمرجعية الفكرية والسياسية له، ونظام الحكم الآن في بلادنا (أحمر شديد الحمرة), ويشارك فيه الحزب من أعلى هرم السلطة الى أدناها، ومن (بنات) أفكاره تفجّرت ثورة ديسمبر الظافرة, وله نصيب الأسد في إسقاط نظام الإنقاذ المُباد!
ولكن رغم كل ذلك؛ فإن الحزب الشيوعي ظلّ يُوجِّه (راجمات وقذائق وصواريخ) نقده للحكومة بكثافةٍ وعُنفٍ، حتى يُخيّل إليك أنه معارض وليس (صانع) ألعاب أساسي في تيم السلطة وتشكيلة الحكم، يُدير دفتها ويقود سفينتها!
لقد ظل الشيوعي يقسو على الحكومة ويرميها بسهام النقد؛ ويُعرِّيها ويُجرِّدها من كل خير أو حسنة!
والمتابع لتصريحات الحزب ونقده للحكومة، يصل إلى قناعة أنها محض شر ولا خير فيها إطلاقاً!
وتصريحات الأستاذ كما كرار القيادي البارز في الحزب الشيوعي خير دليل على ما ذهبنا إليه؛ فهو يقول (إن تشكيل المجلس التشريعي تم تعطيله عمداً لتمرير قوانين وقرارات ضد الثورة، ووصف تشكيل المجلس التشريعي في الموعد الذي حُدِّد له في أغسطس، بأنه تحصيل حاصل، وأضاف (التشريعي سيولد ميتاً)!
ونحن نسأل الأستاذ كمال، مَن الذي عطّل تشكيل المجلس التشريعي حتى يمرر قوانين وقرارات ضد الثورة؟!
ولا شك أن الذي يضع ويصيغ القوانين والقرارات هم أهل السُّلطة و(ناس) الحكومة التي أنتم أحد ركائزها ودعامتها؛ أم أن هنالك (آخرين) من خارج الحكومة، يهبطون من كوكب آخر، ولهم سطوة وشوكة وسلطة عليها يشرعون ويصيغون لها القوانين والقرارات, وهم في نفس الوقت ضد الحكومة والثورة, وبالطبع لا يُكمن أن تكون الحكومة ضد نفسها؛ أو تحمل في جوفها (حكومة ومعارضة) في آن وجسم واحد؛ حتماً لا يعقل ذلك!؟
أما قول الأستاذ كمال إن تشكيل المجلس التشريعي في موعده المضروب هو تحصيل حاصل، بل وذهب أبعد من ذلك وقال إن التشريعي سيولد ميتاً!
وهو يعني أنه لا فائدة من تشكيل التشريعي طالما أنه سيولد ميتاً!
ويتناقض هذا الزعم مع مُطالبة الحزب الشيوعي المتكررة بتكوين المجلس التشريعي الذي تأخّر كثيراً؛ حتى يضع التشريعات والقوانين التي تكون هادياً ومُرشداً ومُوجِّهاً ومقيماً ودليلاً للحكومة؛ حسب وجهة نظر الشيوعي نفسه!
ولكنه مع وضد تشكيل المجلس ومعارض ومؤيد في وقتٍ واحدٍ، وهذا قمة التناقض والتوهان!
ثم يتبرأ ويترفّع الشيوعي عن المشاركة في الهياكل الكرتونية للسلطة؛ حسب تصريحات كمال، بيد أنه (يتناسى)، أنه هو الذي صنع وبنى هذه الهياكل الكرتونية لحكومته المُشارك فيها؛ وليس أعداء الثورة، وهذا أمرٌ غريبٌ ومحيِّر؛ ترى ماذا يريد الحزب الشيوعي وهل هو مع أو ضد حكومته!؟
يجب أن يحدد الشيوعي موقفه من (حكومته)، فإما أن يخرج منها وينضم للمعارضين لها؛ ويخرج من اللون الرمادي, وحالة التوهان السياسي وموقف (المعارضة والحكومة) في جلباب واحد!
وإما أن يواصل في حكومته ويُوقف هجومه ونقده الكثيف, ولا ينقض غزله ولا يهدم بناءه!
وإذا ما أحسنا الظن به إزاء هذه التناقُضات الكبيرة؛ فهي تفسر بأنها مجرد ذر للرماد في العيون وخداع للشعب، ومكر سياسي (كبارا) و(استبهال)؛ يتخذه الشيوعي حماية وجنة، وحائط صد وجودي يستعصم به من (الطوفان) اذا ما غرقت سفينة الحكومة كما استعصم ابن نوح بالجبل؛ فإن الحزب سوف يقفز منها سريعاً ويقول للشعب (انا كنت انتقد وانبه للخطأ من قبل) ولقد صدقت توقعاتي وحدسي، ألم اقل لكم!؟
ونحن وكل الشعب السوداني يسأل: ماذا يُريد الحزب الشيوعي؟ هل هو مع حكومته او ضدها، ام هو معارض؛ ام هو (جامع للتناقضات والهجين والشئ وضده) في نفس الوقت..؟!