المجلس التشريعي.. الفريضة الغائبة
تقرير- صلاح مختار
خلافات كبيرة نشبت بين مكونات الحكومة، حالت دون تشكيل المجلس التشريعي في الموعد المحدد. وكشفت مصادر، عن وجود طعون ورفض لبعض الأسماء في قائمة الترشيحات التي تم طرحها من جميع المكونات، لشغل المقاعد داخل المجلس التشريعي المرتقب. وأضافت أن الخلافات حالت دون الالتزام بالمصفوفة الزمنية التي تم التوافق حولها داخل مجلس شركاء الفترة الانتقالية في وقت سابق.
في وقت تواصل فيه أطراف العملية السياسية ترشيحاتها في المركز والولايات لاختيار الممثلين في المجلس التشريعي. ورغم الاجتماعات الحاسمة لشركاء الحكم، لحل خلافات المجلس التشريعي وتحديد موعد التشكيل، إلا أن القضية تراوح مكانها وباتت أزمة تؤثر كما قال بعض المراقبين على أداء الدولة ووصف البعض غياب المجلس التشريعي كالفريضة الغائبة للدولة. وكان مقرراً تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي في 25 فبراير الماضي، وفقاً للجدول الزمني الذي أجازه مجلس شركاء الفترة الانتقالية.
فريضة غائبة
في أبريل الماضي، وسم الدكتور أمجد فريد في تصريحات له، عن حق، التعثر في تكوين المجلس التشريعي الانتقالي بالفريضة الغائبة، مشيراً إلى أن فترة هذا التعثر، عبر التأجيل المتكرر، بلغت اليوم 20 شهراً، تزيد عن نصف عمر الفترة الانتقالية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، عازياً ذلك إلى العجز البين للقوى المنوط بها تكوين المجلس، وهي قوى تحالف الحرية والتغيير.
فيما دعا القيادي د. الشفيع خضر في وقت سابق قبل تشكيل الحكومة الجديدة، وقبل أي تسمية لأعضاء مجلس سيادة جدد، إلى تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، لعدة اعتبارات، أهمها أن السلطة التشريعية تمثل إحدى الضمانات الرئيسة للتحول السياسي والمجتمعي في الفترة الانتقالية، ومع غياب المؤسسات التشريعية، كأطر منظمة ومراقبة وفق القانون، تلوح في الأفق إمكانية إخفاق العملية السياسية في تنفيذ مهام الانتقال، في حين أن المجلس التشريعي الفعال، هو وحده القادر على ضمان عملية التحول السياسي والديمقراطي في الفترة الانتقالية، بعيداً عن نزعات الإقصاء والاستئصال، أو اختطاف طموحات الناس وآمالهم في التغيير.
هروب متعمد
ويشكل إخفاق الأطراف السياسية في الوصول إلى توافق حول تشكيل المجلس التشريعي قلقاً كبيرًا بالداخل والخارج في وقت عده بعض المراقبين بأنها تمثل هروباً من الرقابة الشعبية لكثير من الأزمات التي تحيط بالبلاد والإفلات منها وإعطاء مساحة من الفساد. ويرى البعض أن تأخير إعلان المجلس التشريعي أضعف سلطات الدولة وفرض هيبتها على كثير من القضايا بالتالي السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تأخر وما هي الأسباب، وهل يمثل ذلك هروباً من الرقابة؟.
وجهات نظر
ويقول القيادي بلجان المقاومة أزهري الحاج لـ(الصيحة): ليس هنالك خلاف داخل لجان المقاومة حول المجلس التشريعي كل لجان المقاومة الحقيقية متفقة على أن المجلس التشريعي لا بد أن يكون للثوار ولا يقوم على المحاصصات وليس فيه أي من أعضاء من الحكومة أو المجلس العسكري، واعتبر الخلافات بين المكونات حول المجلس بأنها تباينات في وجهات النظر، وقال: هناك من يرى أن يكون التمثيل على أساس جغرافي، وهناك من يعتقد أن يكون التمثيل على أساس فئوي، وجزم الحاج بأنهم كلجان مقاومة لا يعترفون بالأنصبة التي قالت بها الوثيقة الدستورية التي وصفها بالمعيبة والمهترئة المخترقة، وجزم بأنها لا تمثلهم، وقال: داخل المجلس التشريعي لا بد أن تكون الغلبة فيه للثوار، ولا بد أن تكون من كفاءات وخبرات وطنية حسنة السمعة مختبرة لا تنتمي إلى النظام السابق ولا تنتمي إلى النادي الحزبي الحالي.
واتهم قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري ومجلس شركاء الحكم وكل مكونات الفترة الانتقالية وراء تآخير إعلان المجلس قال لديها مصلحة في ذلك.
أسباب التعقيد
غير أن القيادي بالحرية والتغيير نورالدين صلاح الدين برر أسباب تأخير إعلان تشكيل المجلس التشريعي بوجود تعقيدات سببها من المفترض على حسب اتفاق جوبا موءامة الوثيقة الدستورية الخاصة بالمجلس التشريعي المخصصة لكل مكون داخل المجلس التشريعي، مبيناً أن قوى الحرية والتغيير ترى أن عملية التسمية معقدة ونحن نسعى إلى تمثيل عالٍ لكل الولايات بصورة متوازنة. وقال لـ(الصيحة): بعد تخصيص لكل ولاية مقاعدها، هنالك معايير يتم وضعها، وأضاف: هنالك أسماء تم رفعها، لكن تم تقديم طعون فيها وهو شيء طبيعي، كذلك وجود مقاعد تم تخصيصها للجبهة الثورية نحن حريصون على تقديم أسمائهم بحيث لا تخل بالمعايير، تم الاتفاق على أن كل طرف يرسم خارطة جغرافيا التي توزع بها المقاعد بحيث لا يمكن لأي ولاية أن تأخذ أكثر مما تستحق، مؤكداً أن لجنة تكوين المجلس التشريعي قطعت شوطاً كبيراً. مستبعداً الاتهامات بوجود جهات تقف وراء ذلك، مبيناً أن المجلس التشريعي من أهم مؤسسات الحكم ووجود المجلس التشريعي هو مصلحة القوى السياسية بالإجماع لأنه يخفف احتقان القوى السياسية ويقلل الاتهامات واتخاذ قرارات لازمة.
خطوة متسرعة
وتوقع القيادي بحركة العدل والمساواة الموقعة أحمد عبد المجيد في حديثه لـ(الصيحة) حدوث مشكلة بسيطة حال اعتزام قوى التغيير تشكيل المجلس التشريعي وهي مسألة كأنها خطوة متسرعة في الوقت الراهن رغم أن أجل بناء المجلس التشريعي جاء وانتهى، والذي كان مقرراً لها (3) أشهر ولم يكتمل. وقال: طالما أن هنالك عدم احترام للدستور والأجيال نفسها وتجاوزها الزمن ولاعتبارات، فإنها قد تظل قائمة حتى الآن, وأن التأجيل كان الغرض منه الوصول إلى سلام والآن كل الخطوات تمضي إلى الأمام تجاه ذلك الهدف, فضلاً عن الخطوة التي اتخذتها الحكومة بإرجاء اختيار الولاة, وبالتالي ليس من الحكمة المضي في إعلان المجلس التشريعي الآن خاصة أن عملية السلام طبقاً لتصريحات إيجابية حتى منتصف فبراير يتم الوصول إلى اتفاق، ويرى الأفضل أن يتم الإرجاء عن التشكيل إلى حين الوصول إلى سلام ثم يتم التشكيل وبالتالي كقوى وهي حاضنة سياسية تحترم رأي حكومتها .
تأجيل التشريعي
ونوه دبجو إلى وجود مشاورات مهمة بالنسبة للحركات المسلحة المشاركة الموقعة على السلام هل ستكون مشاركتها وفق لأي موقع (67%) الخاصة بقوى التغيير وباعتبارها قوى ثورية أم ستكون مع القوى الأخرى المشاركة في نسبة (33%)، وقال: تلك القضايا لم تناقش إلى اللحظة، ولذلك أعتقد الأجدى انتظار اتفاق السلام والاتصال بالحركات الموقعة على السلام, وكيفية استحقاقاتها لأنها مع حكومة السودان ولذلك إذا مضت الحكومة في تشكيل المجلس التشريعي قد يؤدي إلى تعقيد المشهد أكثر مما هو عليه الآن، ولذلك نحن من دعاة إرجاء تلك الخطوة.
مقترح جديد
وعلى عكس ما هو متوقع، قدم المحلل السياسي د. عبده مختار في حديثه لـ(الصيحة) مقترح أن تستعين الحكومة الانتقالية بمفوضيات متخصصة من كفاءات وممثلين لأحزاب لديهم خبرات وكفاءات، وقال: تشكيل المجلس التشريعي لا داعي له، وأضاف: نفس التمثيل في المجلس التشريعي يكون التمثيل في المفوضيات ويمكن زيادة عددها من الموجود حالياً حتى تكون عشر مفوضيات وكل مفوضية يكون فيها (60) عضوا, وبالتالي عشر مفوضيات يصبح العدد (600) عضو، وهو عدد أعضاء المجلس التشريعي. وقال: المفوضيات تشكل ذراعاً فنية واستشارية وتشريعية تعين الحكومة بمجلسيها في التشريع, وأكد أن المجلس التشريعي بهذا الجدل لن يتم تشكيله في وقت وجيز مع ضيق الفترة الانتقالية والدخول في جدل في من يتم تمثيله والحصص والمحاصصة وستكون خصماً على الفترة الانتقالية من ناحية الوقت والأدء والكفاءة.
وقال مختار في ظنى أن تكتفي الحكومة بتشكيل مفوضيات فقط لأن ملف السلام لا وقت محدد له, وغير مضمون متى ينتهي، وهي عملية طويلة ومستمرة ومعقدة ومن الخطأ ربط تشكيل المجلس التشريعي باتفاقية السلام, وقال: إذا تم تشكيله دون مكونات الحركات المسلحة أو المعارضة سندخل في جدل وسيعطل العملية السلمية وبالتالي الحل الأمثل أن يجمد والاستعاضة عنه بمفوضيات, والتي تعمل عمل البرلمان.