في وداع محمد طه القدال.. “الابن” الذي بشّر به الأبنودي
كتب ــ مصطفى حمزة
في حضرة الشعر تشكلت ملامح علاقة الأبوة بين الشاعرين المصري عبد الرحمن الأبنودي والسوداني محمد طه القدال، وبعد 6 سنوات من رحيل الأبنودي، غيّب الموت مساء أمس الأول القدال “ولده كما أطلق عليه الشاعر المصري الراحل”، عن عمر يناهز 70 عاماً بإحدى مستشفيات قطر، بعد صراع مع المرض.
ولد القدال في ديسمبر 1951 في قرية “حليوة” التابعة لولاية الجزيرة في شمال السودان، وتحدث عنه الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي في لقاء مع قناة “النيل الأزرق”: “أنا بعتبر محمد طه القدال وأزهري محمد علي، أولادي، صحيح أنا مشفتش أمهاتهم، ولكن منذ أن كان القدال شاباً صغير السن غضاً، أنا بشرت به وقلت ده ابني، وقلت ده حيبقى شاعر كبير، وقد ال النهارده يدهشني بقصائده، يعني شيء عجيب وجميل.
وحرص القدال قبل طبع ديوانه الشعري “غنوات لحليوة” على الحضور إلى مصر، لسؤال الأبنودي الأب والمعلم بالنسبة له، ليفاجأ الشاعر السوداني بأستاذه يقول له: “انت هتحط لي بروفة الديوان، وأول ما نتغدى ح نروح ع الاستديو تسجل الديوان بصوتك، وأنا ح أكون قُصادك في الاستديو، أنا جمهورك، وبعدين دا هوَّ نفس الاستديو اللي انا عملت فيه كل دواويني الصوتية.. وهوَّ قريِّب ع الناصية التانية.. وخُـلُـص الكلام.. انا حجزتلك”.
وبعد انتهاء القدال من تسجيل القصائد على مدى الساعتين في حضور الأبنودي، وإتمام عمليات المكساج، ذهب إلى مهندس الصوت للسؤال عن الفاتورة، ليجد الإجابة المفاجأة “فاتورة إيه يا أستاذ الخال خلص كل حاجة”. وعند صدور الديوان قام الشاعر السوداني بكتابة الإهداء التالي: “إلى صديقي الزمن الطيب، من جعلا هذا ممكنا: الشاعر المعلم الخال عبد الرحمن الأبنودي، والأديب الطيب عبد المنعم”. وعندما وصل خبر وفاة الأبنودي في 21 أبريل 2015 إلى تلميذه السوداني، كتب محمد طه القدال “وبعدين معاك يا زمان، زي ما بتناديك العَمَّة “يا منة”، طب انت مش قلتلي يوم نَـشَـر الجرابيع إشاعة موتك، (يعني يا مْحمد.. يعني حاموت قبلِ ما اقولَّك)، طب أهو انت اخر رحت يا خال، وما قلتليش ولا عبّرتنيش”.
الشاعر الراحل محمد طه القدال الذي رحل عن عالمنا مساء أمس من أبرز رموز الشعر السوداني، وعمل مديرًا قطرياً لمنظمة رعاية المسنين البريطانية، وشارك في تأسيس العديد من المؤسسات الخيرية والإعلامية بالخرطوم، وغنى من أشعاره نخبة من نجوم الأغنية السودانية.