النجاح صفة ترتبط بالأشخاص الذين يقهرون الصعاب ولهم قدرات خاصة في كسر الإطار التقليدي والجغرافي.. وهناك بعض النماذج السودانية المشرفة التي حققت حضوراً لافتاً في أرض الغربة وأصبحوا عنواناً مشرفاً لبلدهم، ولعل الأستاذ عصام محمد أحمد إبراهيم نموذج لذلك المثال الباذخ.. فهو شخصية اجتماعية ورياضية لها وزنها وثقلها ولها تاريخ ناصع في مدينة كوستي أو في مهجره بأرض الحرمين..
(الحوش الوسيع) توقفت في قصة النجاح تلك من خلال هذا الحوار الذي يكشف بعض الخفايا عن حياته وأسرار نجاحه.
حوار: سراج الدين مصطفى
ــ دعنا أولاً نقرأ في بطاقتك الشخصية؟
عصام محمد أحمد إبراهيم من مواليد مدينة كوستي الجميلة، درست بها كل المراحل التعليمية وقضيت بها كل مراحل عمري حتى لحظة مغادرتها مهاجراً الى المملكة العربية السعودية.. وأصدقك القول بأنني أحن لمدينة كوستي ولكل تفاصيلها.
ـ كوستي.. تفاصيل في الذاكرة؟
كوستي مدينة لا تغيب عن الذاكرة مطلقاً، ولو كان هناك معيار لمقياس المحبة والشوق بلا شك أنا سأحرز المركز الأول في محبتها وعشقها.. فهي مدينة حاضرة في مقدمة الذهن لا يطالها غبار النسيان وجذوتها متقدة على الدوام لا تعرف الانطفاء فهي في حالة توهج دائم.. لأن كل نجاحاتي في الحياة يعود الفضل فيها بعد الله الى هذه المدينة الجميلة.
ـ كيف كانت في الزمن السابق؟
كوستي في السابق كانت مدينة ليست ككل المدن.. فهي اجتماعياً تعتبر نموذجا حقيقيا للتعايش الإنساني والسلمي.. وحينما نشأنا فيها لم نجد أي تمييز قبلي.. لأن المجتمع مترابط ويعيش حالة من الانصهار والتمازج.. فكل البيوت فيها بمثابة بيت واحد.. تلك التكوينات الاجتماعية جعلت من كوستي مدينة ذات سماحة إنسانية وخلقت نوعا من الترابط الذي جعلها تبدو وكأنها أسرة واحدة.
ـ ما هو شكل التركيبة الاجتماعية؟
أنا لا أنفصل من التركيبة الاجتماعية لمدينة كوستي.. نشأت بشخصية ذات تكوين اجتماعي وكنت محبوباً في هذه المدينة لذلك علاقاتي الإنسانية والاجتماعية ممتدة حتي وأنا بعيد في مهجري في السعودية.. وأذكر أنني في مرحلة الصبا كنت أقود المظاهرات ضد نظام جعفر نميري حتى إنني حرمت من المدرسة لعام دراسي كامل حينما قمت بقطع أسلاك الهاتف في واحدة من المظاهرات حتى لا يتصل مدير المدرسة بالشرطة، وهتفت الجماهير وقتها بهتاف شهير (ود السكة فتح السكة).
ـ متى ولجت المجال الرياضي؟
ولجت هذا المجال منذ أن كنت طفلاً.. وتدرجت فيه لأنني كنت مهووسا بكرة القدم وقمت بتكوين العديد من الفرق السنية في الأحياء وأنا أصلاً أسرتي أسرة رياضية ومعروفة بذلك واشتهرنا كلنا بالمجال الرياضي وليست لنا علاقة بأي مجال آخر سوى الرياضة..
ـ لماذا لجأت لتحكيم المباريات وأصبحت حكماً؟
أذكر أنني كنت مسئولاً عن قطاع الأشبال بنادي هلال كوستي العريق.. وشهد هذا القطاع في فترتي تطوراً كبيراً وقدم العديد من اللاعبين للفريق الأول.. تلك الفترة صقلتني بالتجربة ونوع من الإلمام بقوانين الكرة.. وللمصادفة كان هناك نداء للرياضيين من سكرتير لجنة التحكيم بالدخول لمجال التحكيم ووافق ذلك النداء ميولي الشخصي.. والتحقت بمجال التحكيم وأزهى فتراتي كانت بمدينة بورتسودان ووجدت فيها مناخاً طيباً لأنني كنت مشهوراً بالنزاهة في الملعب.
ـ هل تمارس نشاطك الرياضي بالسعودية؟
أنا حياتي مرتبطة بالرياضة ولا أستطيع التوقف عنها وهنا كل الأسباب مهيأة لذلك، وذلك بفضل الرعاية الكريمة من الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.. حيث يجد السودانيون في عهدهما رعاية خاصة ومحبة واضحة منهما لكل ما يخص الشعب السوداني في المملكة العربية السعودية.. فهي أصبحت قبلة العالم بفضل الاهتمام الكبير بكل ما يخص الرياضة.. لذلك يجد السودانيون كل الفرص في الرياضة السعودية والصحف التي تنشر أخبار النشاطات الرياضية والاجتماعية.. وأنا أسست العديد من الفرق الرياضية وكنت رئيساً للكثير من الروابط.
ـ وصفة لتطوير الرياضة بمدينة كوستي؟
أذا أرادت كوستي أن تعود لتاريخها وماضيها القديم يجب عليهم الاهتمام بقطاع الناشئين والشباب وضرورة تنظيمه والعمل فيه بجد وإخلاص والإيمان بضرورة تقديم جيل جديد بمفاهيم مختلفة وجديدة حتى يتم البناء المستقبلي بشكل صحيح، وذلك ينطبق على كل السودان وليس كوستي وحدها.. وأقولها عبر هذه الصحيفة بأنني جاهز لدعم هذا القطاع بكل ما أملك من خبرات ومال.
ـ هل أضافت لك الغربة أم خصمت منك؟
الغربة كما لها إضافة في بعض الأشياء ولكنها من المؤكد تخصم أيضاً فهي حرمتني من التواجد في بلدي.. وهذا شيء مرهق نفسياً وله انعكاساته السالبة أيضاً.. وأي نجاح أحققه هنا كنت أتمنى أن يكون في بلدي أو في موطني الصغير كوستي.. ولكنها الغربة يا أخي لها ما لها وعليها ما عليها.. ولكني راض عن قسمتي وأحمد الله كثيراً على ما حققته من نجاحات شهد بها الجميع.. وسوف أعود قريباً للاستقرار في السودان وهناك فقط بعض الترتيبات الخاصة لذلك.
ـ ماهي أحلامك وطموحك بتطوير هلال كوستي؟
حينما قررت قبول التكليف برئاسة نادي هلال كوستي أنا فقط فكرت في خدمة مدينة كوستي عبر بوابة نادي الهلال ولأنه المكان المناسب لتقديم الدعم وأنا أصلاً أنتمي لهذا النادي العريق وأسرتي كلها تنتمي له.. وكل أحلامي بأن يكون واحداً من فرق الدوري الممتاز وأن يشارك في المنافسات الخارجية وسأسعى بكل ما أملك لذلك وسوف أبذل قصار جهدي لدفعهم للأمام ولن أخذل ثقة الأخوان في هذا النادي وسأدعم بكل ما أوتيت من قدرة لتسديد بعض دين هذا النادي المميز والعريق.