الدولة السودانية قامت على المناطقية والعشائرية والولاء القبلي والديني.
والشعب السوداني مقسومٌ بين طبقات عليا وطبقات دنيا، ولكن الحد الأدنى للتوافق على المواطنة غير موجود، هنالك شعورٌ لدى بعضهم أنهم فوق الآخرين، معتمدين على سند قبلي أو ديني أو عقائدي أو مال أو علم.
ولذلك ضاع التوافق على الحد الأدنى وجعل “الفي العالي في العالي، والتحت تحت”، دون النظر إلى المساواة في حقوق المواطنة، بل بعضهم اخذ أكثر مما يستحق بالاستهبال وترك أصحاب الحق في الحضيض.
د. حمدوك تقدم بمبادرة للتوافق على الحد الأدنى، أي على عقد اجتماعي يشمل كل مطلوبات المواطنة دون تمييز في ذلك، ولكن تغيّر فهم المبادرة بدخول أيدي أصحاب المصالح لتغيير فهم المبادرة وقزّموها وكلّسوها وجعلوها اهتمام الصنف الحاكم دون النظر إلى الآخرين.
الحقوق لا تعطى ولكن تُنزع. وأغلب الناس يرغبون في أخذ حق غيرهم، ولذلك جاء الصراع والانقسامات وتغول البعض وأخذ حقوق غيره. وطبعاً ليس هنالك شخصٌ يسمح بأخذ حقه سمبلة، لا يسمح أن لا يتساوى مع الآخرين، لأن الوطن للجميع.
مطلوبٌ التوافق على الحد الأدنى الذي يشمل الحقوق والواجبات، وان لا يأخذ أي شخص أكثر من حقه، ويجب أن يكون باب العدالة هو مفتاح التعايش، لذلك الناس تتراص على حكم القاضي مهما كان، ولكن لا يقبل أخذ الحقوق دقيسية وبوضع اليد أو بتمييز.
الحد الأدنى للتوافق يعني عمل عقد اجتماعي يشمل الحقوق والواجبات. وبالتساوي على مستوى هذه المواطنة، شعور البعض انه أحسن من الآخرين لأي ميزة قبلية أو دينية أو عشائرية أو مالية أو عبر السيطرة على الحكم، يجعل الحد الأدنى للتوافق مستحيلاً، ويجعل البلد ذاهبة على حل شعرها، ويجعل الظلم هو المنتشر، وان العدل هو المعلق.
ولذلك التراضي الوطني والوفاق الوطني يجعلان التراضي على العقد الاجتماعي ممكناً، وفِي ذلك مخرجٌ للوطن وإيقاف للحروب، وشعور الكل ان السودان وطنهم، حكاية احتكار الوطن لأشخاص مهما كانت رتبهم ومواقعهم، يعني خللاً كبيراً في الدولة السودانية، فلا يعلو شخص بحزب أو قبيلة أو طريقة دينية أو واجهة سياسية أو وظيفة عامة أو أي وسيلة من التعالي، لأن الوطن للجميع.
ما يمارسه بعض قيادات الحرية والتغيير فيه ادعاءٌ كاذبٌ بملكية الحق العام وخاصة حكاية العزل السياسي، والادعاء أن فلاناً كذا وكذا هو نفخة وهم وادعاءٌ في غير محله. وخاصة تصنيف الناس على أساس اللون السياسي أو مركز الشخص من الدولة.
ولذلك، مطلوبٌ من د. حمدوك تفعيل مشروع التوافق الوطني لعمل عقد اجتماعي بين مكونات الشعب السوداني لخلق دولة المواطنة الحقة. ولكن (البلبصة السياسية) لا تخلق دولة ولا تقيمها، ولا تخلق تراضياً بين أبناء الوطن، ولكن تُعمِّق وتزيد الشروخ، وتخلق عداءً مستمراً، وتزيد من بؤر التوتر، بل تدفع إلى العنف.
ولذلك، الآن الوطن أحوج إلى التراضي الوطني، لأن وسيلة القمع والسحل والضرب والفروق على أي أسس، مدعاة لصراع عنيف في الدولة قد تقود إلى تمزيق الوطن.
الحكومة التي استعملت القمع في 6/30 أفيد وأنفع لها أن تستعمل الحكمة وتذهب إلى التراضي الوطني والعقد الاجتماعي، وأحزاب اليسار العقائدية الحاكمة الآن عليها أن تعي أن أمر دولة السودان أكبر من كتائب ومليشيات لتُحافظ على دولة والحكم، ولو نفعت لنفعت الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، والدولة المدنية تقوم على الحريات والديمقراطية لا على البلطجة والدولة البوليسية.
نصيحة لله.. للحكومة وأحزابها اذهبوا إلى التوافق الوطني واعملوا عقدا اجتماعيا أنفع لكم وللسودان، إن ضاعت مقومات الحكم منكم ارجو ان لا تضيع عقولهم.
ثقوا أن العقلاء هم الآن الذين يتعاملون معكم.. أخشى عليكم من تعامل سفهاء القوم
وقديماً قيل (الفسل ضرس وراني)
(وحل اليدين خير من حل السنون)
وأخشى عليكم من (كاقول الكلاب الذي يحلنه سنونه).