قامت الثورة بالسودان في ديسمبر 2018م، أسقطت الإنقاذ وأقامت حكومة تكنواقراط وتبعتها حكومة مُحاصصة حزبية وهذه كونت الجهاز التنفيذي للبلاد.
ثم قامت حاضنة سياسية من تجمُّعات مُختلفة في يناير 2019م وهذه هي المؤسسة السياسية الحاكمة.
ثم قام مجلس سيادة خلطة عسكرية مدنية مثل (رأس الدولة). وتمّ تعيين رئيس قضاء ونائب عام وهما يقودان السلطة القضائية ونقص هنا المحكمة الدستورية. ولَم يقم المجلس التشريعي، أي غابت السلطة التشريعية.
كل هذه المؤسسات هي السلطة في الدولة ومطلوب من هذه الأجهزة خدمة الشعب. وهل فعلاً هذه الأجهزة خدمت الشعب وأقامت الحكم الرشيد في الدولة؟
أعتقد أنّ كل هذه الأجهزة فشلت في القيادة الرشيدة للبلاد، لأنها لم تحل الأزمة الاقتصادية وزادت المُعاناة أضعاف أضعاف عن فترة الإنقاذ، حيث لا تستطيع أيِّ أسرة العيش، وصار الحصول على أقل طعام أمراً مُكلّفاً جداً، وكثر الفقر والعوز، وزادت الأسعار والغلاء، وارتفعت أسعار كل السلع، وضاعت الخدمات “العلاج والتعليم المياه والكهرباء” حتى المواصلات صارت أمراً يحير العقول، حتى الاخلاق والسلوك العام تغيّر!
أما الانفراط الأمني حدِّث ولا حرج، النهب والسلب والسرقة والسطو على عينك يا تاجر.
أما البنى التحتية والطرق داخل وخارج المدن صارت كالشملة القديمة، حتى الانترلوك صار جزءاً من آلة تتريس الشوارع ومنع الحركة، صار كل شخص باسم الثورة هو القانون وأخذ الكل القانون بيده. واختفى كل الجهاز التنفيذي رئيس الوزراء والوزراء وكِبار رجال الدولة حتى من الإعلام البائس المهزوم مرئياً كان أو مسموعاً، بل غَابُوا حتى من وسائل التواصُل الاجتماعي، وهُم أصلاً غير موجودين في (الأفراح والأتراح والمُناسبات العامة).
أمّا الحاضنة السياسية فهي لحم رأس، لا رابط بينها غير إسقاط النظام السابق (وسقط) والمُشاركة في الحكم، وأيضاً ليس لديها سندٌ جماهيريٌّ، حتى لجان المقاومة والثوار أُخرجوا من مُعادلة الحكم، بل قُسِّموا وتقاسمتهم الحاضنة، وصاروا (كالكرام في مأدبة اللئام).
أمّا بقية مُكوِّنات الدولة حدِّث ولا حرج، المدني ضد العسكري، والعسكري ضد المدني، وهكذا صرنا في مرحلة لا دولة، وكل مسؤول من الدولة يقول (الدولة العميقة) (والكيزان المندسين) وهكذا!
حتى شركاء السلام يشتكون من الترتيبات الأمنية التي تراوح مكانها، وقادة الحركات (درعوا لهم مخالي فارغة بدون عيش)، البلد سائبة، تُسيطر السفارات على القرار، بل وصلنا مرحلة أن يحج بعض الوزراء لدول خارجية حجاً راتباً (طيارة تنزل وطيارة تقوم).
إذن وصلنا لمرحلة الفشل التام، وصار المُواطن يُنادي (يا أبو مروة).
أيُّها السادة الحكام والحاضنة السياسية، فشلتم في قيادة الفترة الانتقالية.
أذن رجِّعوا الأمانة إلى أصحابها وهم شعب السودان
عبر الآتي:
1. مُصالحة وطنية عامة وشاملة.
أو
2. اذهبوا إلى انتخابات عاجلة تأتي بحكومة مُفوّضة من الشعب.
أيُّها السادة، الشعب الآن يغلي كالمَرجل، أنتم في مرحلة (حل اليدين، أخشى عليكم حل السنون)..!