تقرير: صلاح مختار
رمزية (30) من يونيو، كيوم للتغيير وتصحيح المسار لم تبدأ منذ يوم أمس وإنما أطلقت الدعوات في يونيو عام (2019) ثم يونيو (2020) إلى يونيو (2021)، والشاهد في تلك الدعوات أنها كانت في (2019) للمطالبة بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية. أما في عام (2020) كان الشارع أمام خيارين الأول التظاهر من أجل تحقيق السلام والعدالة وتحسين الأوضاع المعيشية. أما الخيار الثاني لتلبية مطلب شعبي، “لتصحيح مسار الثورة”، فيما انتقد آخرون الحكومة بأنها لم ترتق إلى تطلعات الشعب السوداني، بعد إسقاط حكومة البشير. ويرى فريق ثالث أن “المليونية” تأتي تأييداً لحكومة عبد الله حمدوك، وطالبوا بإعطائه الفرصة وحذروا من مغبة إسقاط الحكومة. أما الدعوة للتظاهر في يونيو (2021) تختلف بعض الشيء لوجود عوامل عديدة تتداخل في هذا اليوم, منها عوامل اقتصادية في استمرار الأزمة وتفاقم الأوضاع المعيشية ورفع الدعم عن السلع وعوامل سياسية منها استمرار حالة السيولة السياسية. وأبلغ ما وصف حالتها رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك في خطابه الأخير حذر فيه من دخول البلاد في حالة من التشظي والانقسام بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والفوضى والهشاشة الأمنية التي سادت خلال الأيام الماضية، كاشفاً عن إجراءات اقتصادية تتضمن سياسات جمركية وضريبية جديدة لتخفيف العبء على المواطنين والأمنية، بالتالي هنالك سيناريوهات متوقعة.
عوامل محفزة
نبه حمدوك في خطابه الأخير إلى ما آلت إليه الأوضاع في الأيام الماضية من أجواء تنذر بالفوضى وإدخال البلاد في حالة من الهشاشة الأمنية, بجانب حالة من التشظي والانقسام بسبب تدهور الأوضاع الأمنية. وأضاف (تحوَّل الأمر في بعض الحالات من تحركات للتعبير عن الرأي إلى أحداث سلبٍ ونهبٍ للممتلكات وترويع المواطنين في عددٍ من المناطق، واعتداءات مباشرة، سبقتها حوادث قتلٍ وتعدٍّ على عددٍ من الثوار. وهناك حالات عنف واعتداء على النساء بصورة غير معهودة). وأضاف بالقول (رأينا كيف كان الثوار يقابلون بطش النظام البائد وأدواته القمعية بالسلمية التي انتصرت، لكن ما يحدث الآن لا يشبه الثورة ولا الثوار، ومن الجيد أن الثوار الحقيقيين انتبهوا لما يحدث، وقد تصدَّت لجان المقاومة الحقيقية لمحاولات تشويه صورتهم وعملوا على تصحيح الأوضاع والمشاركة في استتباب الأوضاع الأمنية، ونحن ندعوهم لمواصلة ذلك المجهود، فنحن مؤمنون أن السند الحقيقي لحكومة الفترة الانتقالية هم هذه الجماهير). وألقى حمدوك باللوم في التدهور الأمني الحالي للتشظي الذي حدث بين مكونات الثورة، والذي ترك فراغاً تسلَّل منه أعداؤها وأنصار النظام البائد. وأوضح “بلادنا تواجه ظروفاً قاسيةً تهدِّد تماسكها ووحدتها، وينتشر فيها خطاب الكراهية وروح التفرقة القبلية، وهذه التشظيات يمكن أن تقودنا لحالة من الفوضى وسيطرة العصابات والمجموعات الإجرامية، كما تساعد على تفشي النزاعات بين المجموعات السكانية كافة، مما قد يؤدي إلى حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس، وهذا الخطر لن يهدد بلادنا فحسب، بل سيجرُّ كل الإقليم إلى حالةٍ من عدم الاستقرار، فأي تهديد للاستقرار في بلد مثل السودان، سيمثل حالة نوعية فريدة لم يسبق لها مثيل على مستوى العالم.
أفضل الأيام:
وقلل المحلل السياسي عبد الله ادم خاطر من السيناريوهات المتوقعة في يوم 30 يونيو وقال لـ(الصيحة): يمكن أن يكون أفضل الأيام فيه امتحان للديمقراطية بأن الجميع يعبر عن رأيه وتظل الحوارات مستمرة وكذلك العمل ويمضي البنك الدولي في تعهداته تجاه السودان بالإضافة إلى شركائه والتقدم نحو الإنتاج في الخريف الحالي أو في الظروف القادمة نحن كدولة أو مجتمع نشعر بأننا وضعنا تركة النظام البائد خلف ظهورنا ونفكر معاً ونعمل في إطار السودان والمسؤولية الأخلاقية أن نضع بلدنا في المقدمة سياسياً واقتصادياً أو في تجربة التنوع الثقافي. ورأى من واجب قوات الشرطة كجهاز من واجبها أن تحتاط لهذا اليوم وأن تسعى لراحة المواطن ولا يكون مدخلاً للقتل وسوف تمضي للأمام كما في الأيام الماضية.
أوضاع جيدة
أكثر السيناريوهات يراها البعض خطورة هي بروز بوادر تمرد من بعض منتسبي قوات الشرطة الذين هددوا بالدخول في إضراب شامل اليوم الأربعاء وهتفوا ضد وزير الداخلية عزالدين الشيخ أثناء مخاطبته لهم في ساحة الحرية. رغم ان الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة عمر عبد الماجد وصف ما حدث أمام وزير الداخلية بأنها “مظاهر عدم انضباط شرطي من مجموعة محدودة ومحددة”، مؤكداً أن الأوضاع الأمنية بالبلاد “جيدة”. ولكن مجموعة من ضباط الشرطة المفصولين تعسفياً في عهد المخلوع البشير حذروا من نذر وبوادر تمرد وسط قوات الشرطة، ووصفوا ما حدث الإثنين بـ “انفراط عقد الانضباط من قبل أفراد الشرطة”، وحملوا وزير الداخلية مسؤولية الفشل في إدارة الأزمة بصوره معقولة. وقالت المجموعة في بيان إن الهشاشة الأمنية قادت إلى ما يشبه انفراط عقد الأمن المجتمعي وتفشي جرائم النهب والسلب والقتل وازدياد نشاط العصابات واهتزاز الإحساس بالأمن لدى المواطن وانعدام الثقة في قوات الشرطة. وأضافت (سلوك وأداء قوات الشرطة أصبح ضعيفاً للغاية وغير متماسك نتيجة إحساس أفرادها بعدم الرضا والأمان الوظيفي بسبب الوضع الاقتصادي والقانوني وانعدام الثقة في القيادة بالإضافة للتهميش المتعمد لدور الشرطة مع سلبها سلطاتها وتكبيلها، الأمر الذي أدى لتقاعس أفرادها). وطالبت المجموعة رئيس الوزراء بتدارك تداعيات الأزمة المتوقعة التي من شأنها أن تطيح بأمن البلاد وذلك من خلال اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل إقالة وزير الداخلية وهيئة قيادة الشرطة وإعادة هيكلة الشرطة وتحسين أجور أفرادها وإعادة ضباط الشرطة المفصولين تعسفياً فوراً للخدمة والإسراع في إنشاء أدارة الأمن الداخلي على أن يكون أساسها وعمادها ضباط الشرطة المفصولين تعسفياً. ودعت المجموعة قوات الشرطة إلى تفويت الفرصة على المتربصين بالفترة الانتقالية وعدم منحهم الذريعة لتغيير التحول الديمقراطي الى هبوط ناعم يعود بالنظام السابق.
التداخل الكثيف
الحزب الشيوعي دعا للخروج في مواكب 30 يونيو في العاصمة والأقاليم، من أجل تحقيق العدالة ورفض الغلاء والزيادات في الأسعار والقصاص للشهداء. وانتقد الشيوعي ما وصفه بالتدخل الكثيف في الشؤون الداخلية للبلاد، وانتهاك السيادة الوطنية من دول الترويكا، وبعثة اليونيتامس، وأمريكا كما في الخدمة المدنية بتعيين الشركة الأمريكية لمتابعتها، وتدخل بعض السفراء في التنظيمات الأهلية والقبلية، وما يرى في دارفور وحلفا القديمة من محاولات لتغيير التركيبة السكانية. وذكر بيان للحزب، أن المكتب السياسي عقد اجتماعاً استثنائياً تابع فيه سير التحضير لمواكب 30 يونيو. حيث توصل المكتب إلى رفع مذكرة لرئيس الوزراء ترفض انتهاك السيادة الوطنية وتحميله مسؤولية الحفاظ على السيادة الوطنية، وإعداد خطاب للأمم المتحدة يرفض تدخل موظفيها في السيادة الوطنية.