اتفاق القاهرة مع النظام المباد كان شرارة الخلافات ولكن…
رفضتُ اتفاق الميرغني مع الوطني المحلول لأنه لا يلتزم بالعهود والمواثيق
الطريقة الختمية تحت مظلة خلافات أبناء الميرغني لن تكون كما نريد لها
الميرغني قال: (لا أريد المشاركة من أجل المشاركة.. ولن أكون مثلهم)
بعض القيادات لابد من عودتهم والمؤتمر الأخير خطوة موفقة
قبل أن يبدأ حديثه قال لي: أريد أن أتحدث بكلمات بسيطة عن الحزب الاتحادي الديمقراطي باعتباره حزب السودان الأول الذي حقق استقلاله، وأن بعض زعاماته صادقة وأمينة وعلى رأسهم الزعيم الخالد إسماعيل الأزهري الذي كان رئيس الحزب وسيادة مولانا محمد علي الميرغني الذي كان راعياً للحزب وهنالك قيادات أخرى يذكرها الشعب السوداني على رأسهم الشريف حسين الهندي ومبارك زروق والمرضي وحسن عوض وآخرون كثر من أهل السودان، هذا هو الحزب الذي نريده..
تلك كلمات ابتدر بها القطب الاتحادي علي نايل حديثه مع (الصيحة) ورغم أن المسافة طالت بين أول وآخر مقابلة معه، إلا أن الرجل ثابت في مواقفه، وتكاد الكلمات والمعلومات تتطابق مع بعضها البعض، عدنا إليه لقناعتنا بأن قلبه على الحزب وسلامة بيت المراغنة، ولا يرى أي عافية أو صحة للحزب الاتحادي والسودان دون وحدة الاتحاديين، وبيت المرغني أولوية لديه.
حاولنا من خلال الحوار أن نقترب من بوابات الوحدة الاتحادية لمعرفة أين تكمن العلة فماذا قال؟
حاوره: صلاح مختار
ـ من أين بدأت خلافات الاتحاديين؟
الخلافات التي بدأت في الحزب لم تبدأ الآن وهي خلافات كثيرة وقوية، وكانت مؤثرة سببها الأول حزب المؤتمر الوطني المحلول عندما كان السيد محمد عثمان رئيساً للتجمع في الخارج، ونحن نعلم أنه حمل السلاح ضد النظام الغاشم. وكانت كل الأحزاب وقياداتها بما فيها حزب الأمة القومي يلتفون حول السيد محمد عثمان الميرغني، ولكن وبكل أسف سعى المؤتمر الوطني جاهداً إلى زرع الخلافات داخل الحزب وبين القيادات التي كانت تساند السيد محمد عثمان الميرغني.
ـ ولكن هل صورة التحالف ظلت كما هي؟
لا، بكل أسف التف من حوله وظهر تياران بين مؤيد ومعارض للحوار مع الوطني، وهذا للتاريخ وللحقيقة هنالك أسماء معروفة من حزب الأمة والاتحاديين التفوا حول الميرغني وحضروا إلى السودان مساندين للمؤتمر الوطني، تلك كانت البدايات للخلافات وزرع الفرقة بين صفوف الحزب، وهنالك كثيرون تعرفهم انفضوا من حول الحزب وانضموا للوطني، وتلك كانت شرارة الخلافات.
ـ كيف كان تأثير اتفاق الميرغني مع الوطني؟
صحيح، حدث اتفاق بين الحزب الاتحادي الديمقراطي ورئيسه محمد عمثان الميرغني مع المؤتمر الوطني الذي سُمّي اتفاق القاهرة, الذي كنت حضوراً فيه، وبرر رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني توقيعه للاتفاق بأنه جاء استجابة لمصلحة السودان، لذلك تم التوقيع مع المؤتمر الوطني.
ـ هل ذلك هو السبب الرئيسي أم هنالك أسباب أخرى؟
تلك كانت بداية الخلافات، وهو التوقيع على الاتفاق مع الوطني، ولكن بكل أسف حزب المؤتمر الوطني لم يلتزم بالعهود والمواثيق التي وقعها مع الحزب في اتفاق القاهرة مع السيد محمد عثمان الميرغني.
ـ كانت هنالك قصة اعترضت الاتفاق وأنت شاهد عليها؟
صحيح، كانت هنالك قصة لابد من ذكرها وهو عندما عقد رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني اجتماعاً تمهيدياً للهيئة العليا وكنت أحد أعضائها كان السيد محمد عثمان يدعو للمشاركة في حكومة المؤتمر الوطني، كنت أول من اعترض على مشاركة الحزب مع المؤتمر الوطني، كان يرأس الاجتماع محمد عثمان الميرغني، حيث تصديت للمقترح، وقلت أنا لا أؤيد المشاركة، وللتاريخ الذي ظللت أدافع عنه أن يلوث الحزب نفسه بالمشاركة في حكومة الإنقاذ الذي لا يرتقي لأهل السودان جميعاً.. هنا غضب محمد عثمان الميرغني في تلك اللحظة وقال لي: لا تدافع عن الحديث مما جعلني بعد فترة وجيزة أغادر الاجتماع وفي الخارج وفي ساحة الجنينة كانت هنالك جماهير تنتظر نتائج الاجتماع فيما يتعلق بالمشاركة، وكان الحضور كبيراً، وعندما سألوني قالوا أين أنت ذاهب قلت لهم (الناس الجوه رقدوا سلطة)، بمعنى وافقوا على كل شيء. في اليوم الثاني نقلت الصحف حديثي بالبونط العريض.
ـ كيف كان رد فعل مولانا لحديثك؟
أحد الخلفاء حمل الصحف اليومية التي نقلت حديثي وذهب بها إلى مولانا، وقال له: شوف ماذا قال علي نايل، وعندما قرأ الصحف طلب السيد أن يحدثني حيث قال لي (خرجت أمس مغاضباً ولكن أريد أن أحدثك لا أريد المشاركة من أجل المشاركة، بل أريد المشاركة في النظام تنفيذاً لعهدي والميثاق الذي وقعته بالقاهرة، وأنت حضور فيه). قلت له: هؤلاء لا يحترمون العهود والمواثيق، فقال لي (لا لن أكون مثلهم) ذلك الحوار والحديث جعلني أتراجع عن موقفي بعد أن عرفت رأي مولانا في المشاركة تنفيذاً للعهود والمواثيق وليس اعترافاً به.
ـ لكن هذا لا ينفي مشاركتكم؟
الحادثة تبين أن الذين يتحدثون عن مشاركة الحزب الاتحادي مع نظام المؤتمر الوطني ما كان من أجل المشاركة أو اقتناع به، وإنما تنفيذ لعهود وقعها مع المؤتمر الوطني، وأصبحنا مضطرين ومجبرين لذلك، هذا الذي دفع محمد عثمان الميرغني لتقديم أبنائه للمشاركة مع نظام الإنقاذ رغم أننا كنا نرفضه رفضاً شديداً، ولكننا نجد العذر لمولانا الميرغني لأنه يحترم العهود والمواثيق.
ـ جلبت المشاركة خللاً في تركيبة الحزب أليس ذلك صحيحاً؟
بالتأكيد، هذا الوضع من المشاركة في نظام الإنقاذ أحدث خللًا وواقعاً داخل نظام الوطني، وكانت هي أحد الأسباب الكبرى في ظهور عدة خلافات وحدوث خروج من الحزب لعدم القناعة.
ـ هناك تحول حدث رغم الخلافات؟
الذين خرجوا وانضموا للمؤتمر الوطني عديدون، ولكن مع الخلل الموجود بالحزب ارتفعت معه أصوات حريصة على ضرورة جمع صف الاتحادي، هذه الأصوات ظلت مرتفعة حتى الآن يجب أن تتوحد صفوف الحزب، بالتالي التصدع الذي حصل في الحزب والسودان وفي كل الأحزاب السياسية سببه حزب المؤتمر الوطني الذي صنع خلافات كبيرة داخل الأحزاب.
ـ الآن نظام الوطني ذهب خارج المنظومة السياسية للدولة؟
ذهب من غير رجعة، ولذلك على الأحزاب أن تعود لقيادة مسيرة السودان، وبالتالي نعتقد أن السودان لا مجال له أن يتطور دون وحدة الحزب الاتحادي الديمقراطي.
ـ ألا تعتقد أن تعدد المسميات خصم على الحزب؟
تعدد المسميات التي يرفعها بعض الناس بأسماء كيانات اتحادية أعتقد هؤلاء نظرتهم ليس فيها شيء من الصواب، الكثيرون منهم لا زالوا يحملون جرثومة المؤتمر الوطني الذي يسعى لبث الفرقة والشتات، لأن الحزب الاتحادي هو صمام الأمان ولن يكون عدة أحزاب وإنما الحزب الاتحادي الديمقراطي واحد.
ـ هل بالإمكان أن يكون الحزب أفضل مما هو الآن؟
كل الناس التي لديها أسماء اتحادية ليس من الأهمية أن يعودوا، لكن بعض القيادات هي تقود مسميات لابد من عودتهم، وأعتقد أن المؤتمر الأخير خطوة موفقة لدرجة كبيرة بداية توافق على أن الحزب يدنو من الوحدة الصحيحة, بيد أن هنالك بعض الأخطاء حدثت في المؤتمر لابد من الحديث عنها، لأن المؤتمر الذي التأم بقيادة السيد جعفر الميرغني ومع احترامي له لكن لا أرى ضرورة لأن يكون السيد جعفر الميرغني في مجموعة والسيد الحسن في مجموعة أخرى يقودها, أبناء السيد محمد يجب أن يتفقوا ويلتقوا وبدونهم لن تحدث وحدة حقيقية لأنها صمام أمان الحزب.
ـ أين تكمن أهمية الطريقة في قيادة الحزب؟
الحزب تقوده قوته الطريقة الختمية، ولكن الطريقة الختمية تحت مظلة خلافات أبناء الميرغني لن تكون كما نريد لها.
ـ لماذا لم تحضر اجتماع الوحدة الأخير؟
دعيت للاجتماع من اجل الوحدة أرسلت اليهم خطاباً قلت فيه لابد من وحدة الطريقة الختمية، وهي القوة والدعم للحزب، ولكن بكل أسف لن تكون الطريقة الختمية كما نريد لها إلا تحت مظلة وحدة بيت السادة المراغنة، ولكن بكل أسف ما أذاعوا الخطاب الذي أرسلته لأني أشرت للخلاف.
ـ بعد كل ما قلته لماذا تأخرت وحدة الاتحاديين؟
الحديث عن وحدة الاتحاديين أتى متأخراً وكان مفروضاً على الاتحاديين منذ أن جاءت الثورة أن يوحدوا صفوفهم, مع الأسف هناك أفراد يدعون الانتماء للحزب، لكن لا يريدون الوحدة، وأقولها بصراحة هؤلاء يعملون لجهات أخرى لا يريدون وحدة الاتحادي.
ـ هل التوقيت مناسب؟
مناسب، ويجب أن يتوحد الحزب، ويجب على الأصوات التي لا تريد وحدة الحزب أن تصمت لأن القاعدة الجماهيرية للاتحاديين تعتبر أكبر قاعدة جماهيرية في السودان، وأقول: لا يكون السودان ولا خير فيه إلا في وحدة الحزب الاتحادي الديمقراطي، ويجب على كل الوطنيين أن يسعوا لوحدة الحزب الديمقراطي وأن يعلم الجميع لا تكون هنالك وحدة للحزب دون وجود وحدة الطريقة الختمية السادة المراغنة داخل بيت المراغنة.
ـ البعض يفكر في الوحدة خارج الطريقة هل يستقيم ذلك؟
صحيح بعض الناس يفكرون في الوحدة خارج الطريقة الختمية، ولكن الطريقة هي صمام الأمان الجماهيري والمادي للحزب لن يكتب لهم النجاح دون ذلك.
ـ كيف تقرأ الواقع السياسي الآن؟
عدم الاستقرار في الحكومة الحالية، وهي حكومة الثورة كنا نتوقع منها الخير للسودان، ولكن بعض الأحزاب الكبيرة التي خرجت في المجال السياسي أضرت بمسيرة الثورة منها أحزاب غير معروفة، ولدينا رأي في بعض الأحزاب القديمة لأنها معوقة لمسيرة السودان.
ـ هناك دعوات للحوار مع الإسلاميين كيف ترى ذلك؟
نحن نحترم الإسلام والإسلاميين، ولكن نقولها بوضوح بكل أسف أن الإسلاميين الذين ظهروا مع المؤتمر الوطني شوهوا صورة الإسلام، وأصبح الآن لا نرى إسلاماً صحيحًا، وإنما كان إيمانهم الأكبر بالمادة, والتاريخ يثبت البشاعات التي ارتكبت في عهد الإسلاميين التي شوهت الصورة في السودان، ولكن ليس باسم الإسلام.
ـ كيف تنظر لمستقبل الحزب؟
نحن نسعى وكثيرون من أجل ضرورة وحدة الحزب الذي كان في تأريخه هو حزب السودان الأول، وهنالك أفراد ومجموعات كثيرة تثلج الصدر، ذلك أن الجماهير الاتحادية لم تتلوث وإنما تمد يدها لوحدة الاتحاديين، وهناك مساعٍ جادة أن يكون الحزب الغالب والكاسح في الانتخابات، لأن الجماهير لا تزال تؤمن بأن الحزب هو غالبية أهل السودان.
ـ رسالة لمن يهمهم الأمر؟
من أجل سرعة الوحدة والسودان، أرجو وأنادي بصوت عالٍ يا أبناء محمد عثمان الميرغني يجب أن تتوحدوا ولا فرق بين الحسن وجعفر كلاهما نحترمهم، لأن الوحدة من أجل الوطن والطريقة ولن تكون الطريقة أو الحزب إذا لم يتوحد الأبناء، وأرجوا من الذين يقفون مع أبناء الميرغني أن يلتزموا بوحدة الحزب وجمع الكلمة من أجل الحزب الاتحادي والسودان أولاً وأخيراً.