نجل الدين آدم يكتب.. سيناريوهات (٣٠) يونيو!!
حالة من الترقب والتوجس تنتاب الشارع السوداني وعناصر الحكومة الانتقالية من مآلات يوم ٣٠ يونيو المقبل، والذي يصادف ذكرى ثورة الإنقاذ التي تم اقتلاعها بأمر الشعب.
يبدو أن هذا التاريخ أو اليوم ليس كغيره من أيام الذكرى، التي ظل الثُّوّار وغيرهم يحتفلون بها كل عام، بما في ذلك ذكرى سقوط نظام البشير وذكرى فض الاعتصام، الكل يترقّب بتوجس فيما هو آتٍ وغير معلوم.
مبادرة حمدوك وخروجه بصورة غير معهودة على الأمة السودانية بخطاب مرتجل الأسبوع الماضي لا ينفك عن ارهاصات ما هو متوقع في ٣٠ يونيو المقبل، علينا.
حالة من الحِراك السِّياسي والتدافع من قبل السياسيين وغيرهم، بما في ذلك الحزب المحلول، تحشيد خارجي مرئي وأخرى غير مرئي، وثالث سياسي غير مسبوق يشهده الشارع السوداني، وحالة غليان وإعادة ترتيب داخلي في أروقة الأحزاب والكيانات الأخرى.
اتساع دائرة المخاوف لم يسلم منها حتى طلاب الشهادة السودانية وأُسرهم، سيما وأن هذا اليوم يصادف اليوم الأخير لامتحانات الشهادة، وهنا أتمنى أن تسمع الأُسر ما هو مطمئن.
مخاوف المدنيين من عناصر الحكومة الانتقالية من هذا اليوم، تجلّت باعتقادهم أن هناك حالة خلاف واضح بين المكون العسكري، بما ينذر بتبعات كارثية على الوضع في البلاد نتيجة لأي احتكاك، وقد أبدى هذه المخاوف، رئيس الوزراء نفسه ووزير رئاسة مجلس الوزراء، كذلك مستشاره الإعلامي فيصل محمد صالح، وهذا ما دحضه الاجتماع الكبير، الذي جمع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو بالقيادة العامة للقوات المسلحة وكبار الضباط من الجيش والدعم السريع، وقد اكدا على وحدة القوتين وتماسكهما، وهذا ما بدد مخاوف المدنيين، ولكن هل تظل الهواجس المدنية من العسكر موجودة.. وهل هذه المخاوف من جراء ما قد يلحق من أضرار تنتج من اشتعال البارود، أم هي مخاوف من فقدان الكرسي أو اهتزازه عليهم؟ هذه الأسئلة مهمة لقراءة المشهد السياسي القادم.
يتّضح من خلال القراءة أن المخاوف تكمن في حالة التحشيد المتباين. الشيوعيون يعملون بجدٍ واجتهادٍ، ليكون هذا هو اليوم الأخير لحكومة حمدوك، الثوار في الجانب الآخر يعملون من اجل تصحيح المسار بعد ان احسّوا، بل تأكدوا بأن ثورتهم قد سُرقت من قِبل آخرين ولا بد من إعادتها، أما التحشيد الأكبر فهو من قِبل “الكيزان” الذين تهيأ لهم مسرح التغيير طائعاً من واقع الفشل الكبير لحكومة حمدوك، في تحقيق أبسط تطلعات المواطن التي خرج من أجلها وأسقط حكومة البشير، الخطورة هنا تكمن في تقاطعات المصالح في اسقاط الحكومة الانتقالية وفي الأسلحة التي يستخدمها كل هذه الأطراف.
الكيزان من جانبهم، ملأوا كل الفضاءات الإعلامية بحتمية رحيل الحكومة بشكل غير معهود، فكانت وسائط التواصل الاجتماعي وما تحمله هي عنوان بارز يوضح حجم الاستعداد ليوم الرحيل!
أما الشيوعيون، فإنهم لم يقلوا جهدا في الإعداد لهذا اليوم، ليسجلوا فيه تاريخ الخروج إلى غير رجعة لرفيق دربهم المغضوب عليه عبد الله حمدوك.
ففي ظل المخاوف الكبيرة، تجد من يقلل لك من مآلات هذا اليوم، ويؤكد بأنه سيكون كسائر غيره من أيام الذكرى وسيعبر الناس فيه، وأجد نفسي مع هذا التحليل خصوصاً بعد أن تلاشت أكبر المخاوف، وهي وجود خلاف بين الجيش والدعم السريع.
سيمضي يوم ٣٠ سريعاً، ولا أتوقع أن يعكر صفوه إلا قطوعات الكهرباء التي ستحل على الشعب وهم يسجلون غياباً عن العمل في ذلك اليوم، ينتظرون ويتابعون من منازلهم لما هو آت.
والله المستعان