تعهد وزير الصناعة ابراهيم الشيخ بتذليل كافة العقبات التي تواجه القطاع الصناعي؛ ممثلة في التسعيرة والمواد الخام والنقد الاجنبي والتمويل والكهرباء والوقود.
وقال الشيخ في تصريحات صحفية الأيام الماضية، إن صناعة الدواء تُعد واحدة من السلع الاستراتيجية المهمة والمرتبطة بمعيشة وحياة المواطن، مبيناً أن مسؤولية وزارة الصناعة تتمثل في السعي الحثيث لتذليل العقبات وتوطين الصناعة الدوائية الوطنية وتوفير العملة الصعبة، والتوسع في المزيد من الاستثمارات في هذا المجال الحيوي والمهم.
وللحقيقة، فإن بلادنا تعاني اليوم ازمة حادة وفجوة كبيرة في مجال الصناعات الدوائية الوطنية، واصبح الدواء همّا كبيرا يؤرق الجميع، وصار العلاج والدواء غاليا وباهظ الثمن، فوق طاقة الفقراء المساكين، وكل يوم تزداد اسعاره بصورة جنونية، علاوة على ان بعض الادوية المهمة والمنقذة للحياة تعاني شحا حادا ونقصا كبيرا تصل لحد الانعدام في هذه الصناعة التي تعد واحدة من السلع الاستراتيجية المهمة والمرتبطة بمعيشة وحياة المواطن؛ مثلها والسكر والخبز والوقود والغاز والزيت والكهرباء والماء؛ هذا اذا لم تكن الأهم!
ولحق الدواء (بأمات طه) وبأزمات الخبز والوقود والكهرباء والماء والسلع الاستهلاكية الأخرى، وتكالبت جميعها على (محمد احمد) المسكين؛ فلا علاج ولا دواء ولا غذاء ولا مواصلات ولا كهرباء ولا ماء، واضحت حياته جحيما لا يُطاق و(موتاً احمر)!
بل ان ازمة الدواء هي الافدح والاخطر؛ فالانسان يمكن ان يحتمل الجوع والعطش الى حين، اما المرض وانعدام الدواء، فإنه فوق الاحتمال ويعني الموت لا محالة، بعد مشيئة المولى عز وجل بالطبع!
وفي ظل ازمة وشح الدواء وبلوغ العلاج ارقاما فلكية ليست في مقدرة الفقراء والمساكين، لجأ الناس للبدائل الاخرى مثل العلاجات والادوية البلدية والاعشاب و(القرض والحِلبة والحنظل المُر والسّنمكّة) وغيرها من البدائل الشعبية التي ابتكرتها عقلية التحايل على المرض؛ والتماس العلاج بشتى الطرق والوسائل!
وفي بعض المناطق النائية والفقيرة بالعاصمة القومية؛ صار المرضى يتداوون بالادوية المنتهية الصلاحية والنفايات الطبية، وهنالك مشعوذ ومعتوه مشهور يدعى (دكتور بلاش)، يعالج الفقراء والمساكين هناك بالادوية المنتهية الصلاحية، ويحقن اوردتهم وشرايينهم بالموت!
ودكتور بلاش في الاصل كان يعمل (فرّاشا) في احدى المستشفيات الكبرى بالخرطوم لسنوات طويلة (وبالطبع فالعمل ليس عيباً وكل مهنة هي شريفة لا شك في ذلك)، لكن في ظل الفوضى واختلاط الحابل بالنابل وازمة الدواء وغلاء أسعار العلاج، صار (الفرّاش) طبيباً، يلجأ إليه المرضى الفقراء الذين استعصت عليهم المستشفيات الغالية، التي تبلغ تكاليفها الملايين والمليارات؛ فهم ميتون في كل الاحوال، والمرض يفتك بهم؛ فعسى دكتور بلاش ان يخفف عنهم آلامهم ويسكت اوجاعهم وأنّاتهم، ويقدم لهم (موتاً رحيماً) بالادوية المنتهية الصلاحية، وفوق ذلك هو رحيم بهم ويراعي ظروفهم المادية المتردية وفقرهم المُدقع، ويعالجهم بما يستطيعون دفعه وأحياناً مجانا و(بلاش)؛ لذلك اسموه دكتور بلاش!
فانظر كيف بلغ الحال بالفقراء والمقهورين في بلادنا، حداً يفضلون عليه العلاج بالموت والأدوية منتهية الصلاحية والنفايات والمخلفات الطبية؛ في ظل سيف الفقر المسلط فوق الرقاب والاعناق في خضم الظروف الاقتصادية القاهرة!
لذلك، فإن الحاجة ماسة في بلادنا اليوم لتوطين العلاج بالداخل وتوفير الدواء باسعار مناسبة في مقدور الفقراء والمساكين من ابناء شعبي المريض والجائع والصابر والمفجوع!
ومن ضمن خطوات توطين العلاج بالداخل، تشجيع الشركات الوطنية العاملة في صناعة الدواء والتي اثبتت نجاحا كبيرا في هذا الجانب مثل شركة (اميفارما) وغيرها من الشركات الوطنية التي وفّرت العلاج للمواطن بأسعار مناسبة في مقدور الجميع، فيجب تشجيعها ودعهما وتذليل العقبات التي تواجهها مثل الجمارك الباهظة للمواد الخام التي تستورد من الخارج والتسعيرة والنقد الأجنبي والتمويل والكهرباء والوقود وغيرها من مقومات وتكاليف ومواد التصنيع الدوائي، وسيما الجمارك العالية التي شكت منها الشركات الوطنية، ويجب إلغاؤها فوراً!
بل ونحن نذهب أبعد من ذلك ونطالب وزارة الصحة والحكومة بإعلان مجانية العلاج في كل البلاد؛ حتى يجد السواد الأعظم من ابناء شعبي العلاج، الذين يطحنهم الفقر طحناً، وحتى لا يموتون بالأمراض الفتاكة!
وسلمت يا وطني العزيز ويا شعبي الصابر!