الكرة في ملعبها.. في أعقاب نتائج الاجتماع المغلق.. الخارجية والدور المسلوب!
الخرطوم- مريم أبشر
جملة من القرارات الهامة صدرت أمس الأول من اجتماع الثلاثة أيام المغلق لمجلس الوزراء برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك خارج مقره, القرارات غلب عليها الجانب الاقتصادي، بيد أن قرارات سياسية وأمنية وأخرى تتعلق بالسياسة الخارجية وكيفية تنسيقها وتوحيد خطها كان أحد أبرز مخرجات تلك القرارات, حيث أمن الاجتماع على ضرورة تكثيف الجهود في قضية سد النهضة بما يحقق مصلحة السودان فيما يلي مصالح أراضيه وشعبه وموارده ومنشآته المالية وأمن الاجتماع أيضاً على ضرورة عقد مؤتمر قومي للعلاقات الخارجية قبل نهاية العام بهدف بناء استراتيجية علاقات خارجية متوافق عليها, فضلاً عن الوفاء بالالتزامات المالية للبعثات الخارجية مع مراجعة وإعادة هيكلة البعثات بالخارج.
وضع أفضل
أجمع كل المراقبين أن الحكومة الانتقالية حققت اختراقاً كبيرًا في العمل الخارجي, أبرز سماته إعادة السودان للمجتمع الدولى برفع اسمه من قائمة الإرهاب ورفع الحصار الاقتصادي المفروض عليه إبان العهد البائد، فضلاً عن فتح آفاق التعاون مع السودان ومع كل الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية.
ويرى السفير الطريفي كرمنو الخبير الدبلوماسي أن وجهاً مشرقاً للسودان بدأ يظهر بعد حكومة الثورة، حيث ورثت الخارجية مشاكل كبيرة في العمل الخارجي أهمها أن الوزارة لم تعد ذات سيادة وتوزعت ملفاتها ومهامها بين بعض قيادات الإنقاذ وأصبح هنالك أكثر من وزير خارجية للسودان يتحدث بلسان الخارجية ويتحرك في العمل الخارجي، وأضاف لـ(الصيحة) أن ما كان يقوم به بعض كوادر الإنقاذ في الملفات الخارجية كان أفظع مما تقوم به دول الإرهاب، وأتفق مع ما صدر عن الاجتماع المغلق من أن السياسة الخارجية يجب أن تكون برؤى ونفس واحد, وامتدح أيضاً خطوة الحكومة الانتقالية الخاصة بتسوية متأخرات السفارات والبعثات الدبلوماسية وأشار كرمنو: يجب أن لا تعيش البعثات الدبلوماسية على الحصانات الدبلوماسية وأن توفر كل المستحقات والرواتب للعاملين بالبعثات الخارجية حتى يتمكن العاملون من أداء مهامهم.
ولفت إلى أن بالبعثات في دول التمثيل العديد من العمالة المحلية المعتمدة على نفسها وتحتاج لمستحقاتها بصورة منتظمة وليس كما نفعل نحن بالاستدانة من بعضنا البعض عند الحاجة، وشدد كرمنو على عقد المؤتمر وأن يعمل على معالجة كل قضايا السودان الخارجية.
إعادة الملفات
ترتيب العمل الخارجي وتوحيد قناته يعد أهم آلية للعمل الخارجي وفق رؤية السفير جمال محمد أحمد للمرحلة المقبلة، وأضاف لـ(الصيحة)، أن التحدي يكمن في كيفية إخراج ما ورد في مبادرة الدكتور حمدوك فيما يلي العلاقات الخارجية لأرض الواقع، ولفت إلى أن ملف سد النهضة يعد الملف الأسخن وأن كيفية إدارة الملف والأسلوب الذي يدار به عبر الخارجية يمثل تحدياً، وأضاف أن الكرة الآن في ملعب الخارجية فيما يلي ملف سد النهضه تحديداً.
أما فيما يلي الشأن الخارجي في مجمله يرى إبراهيم أن تشكيل مجلس استشاري برئاسة حمدوك يجمع كل الأطراف ذات الصلة بالعمل الخارجي كالمالية، المعادن، الري وغيرها, يمكن أن يكون عملاً جيداً لوضع القرارات وتصورات العمل الخارجي، غير أن أمر تنفيذها يجب أن يكون عبر وزارة الخارجية فقط، وأن تكون هي القناة الأولى للتنفيذ والناطق الرسمي باسم العلاقات الخارجية, وأن يترك لوزير الإعلام أن يكون ناطقاً باسم الشؤون الداخلية ويعتقد أن ملف سد النهضة يمكن أن يدار بشيء من الحصافة ويشكل النجاح فيه قفزة للخارجية في أمر توليها المهام الموكلة لها. أضف إلى ذلك، فإن السفير جمال محمد أحمد يرى أن على وزارة الخارجية إعادة الملفات التي سلبت منها وأن هذا الأمر يعد تحدياً آخر لجهة أن معظم الملفات الهامة التي تقع ضمن مهام وزارة الخارجية تم سحبها إبان العهد البائد.
تحديات الخارجية
وحول أهمية حدوث تناغم وتفادي أية تناقضات أو تضارب في التصريحات الرسمية والخطاب الرسمي حول ملف سد النهضة يرى السفير والناطق الرسمي السابق باسم وزارة الخارجية الصادق المقلي أن ذلك يمثل تحدياً للخارجية، فضلاً عن إحكام التنسيق بين كافة مؤسسات الدولة ذات الصلة بالملف.
ويضيف المقلي لـ(الصيحة) أن الاجتماع المغلق لمجلس الوزراء أثبت ضرورة إقامة مؤتمر قومي لبناء استراتيجية متوافق عليها وهو أمر جيد، مشيراً لأهمية وضع تصور لعقد المؤتمر وتحديد الجهات المشاركة والأهداف التي يرمي لها. وقال المقلي، إن خفض الإنفاق على البعثات وتقليص الإنفاق على سفر المسؤولين وإرجاء دور الوزارة في تقييم أهمية جدوى المشاركات في مختلف المحافل الدولية والإقليمية أمر ضروري، فضلاً عن تفعيل عمل اللجان الخاصة بإعادة الهيكلة وإمكانية إغلاق بعض السفارات التي لا تمثيل دبلوماسي لها في الخرطوم، وليست ذات وزن إقليمي أو دولي أو حتى علاقات تجارية معها.
ويضيف المقلي أن معالجة تعدد مراكز اتخاذ القرار في السياسة الخارجية خلال الفترة الماضية والتداخل والتقاطعات فيما يتعلق بصلاحيات الحكومة في العلاقات الخارجية، يشير إلى أن هنالك تغولاً في صلاحيات الجهاز التنفيذي المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية في مجال العمل الخارجي، حيث نجد كثيراً من التداخل بين السيادي والتنفيذي في العمل الخارجي من حيث المشاركة والتمثيل من قبل المكون العسكري، بما فيها عقد الاتفاقيات التي هي من صميم العمل التنفيذي. ويشدد المقلي على ضرورة معالجة التشوهات في العمل الخارجي مستدلاً بملف التطبيع وإقامة القاعدة العسكرية الروسية.