تقرير- أنس عبد الرحمن
لم يهنأ المواطن السوداني في الحدود في أرض الفشقة الزراعية، بعودتها الآمنة وهو يستعد لفلاحة الأرض التي حرم منها سنين عدداً، فقد لاحت متاريس عديدة بدأت تتربص بالزراعة على طول الشريط الحدودي من باسندة إلى الفشقة الصغرى والكبرى، فيما لازم المصير المجهول كل المحاولات التي ابتدرت لفلاحة الأراضي الزراعية المستردة من قبضة الرأسمالية الزراعية الأثيوبية تحت تهديد سلاح مجموعات وعصابات الأرماتشو، أو ما يطلق عليها (الشفتة). ومنذ ما يزيد عن 25 عاماً عقب توغل الأخيرة بنحو 30 كلم في العمق السوداني أو يزيد بالقرى الحدودية واستطاعت قوات الشعب المسلحة السودانية تحرير أكثر من 500 ألف فدان بالفشقة، كانت تحت سيطرة الأثيوبيين حتى عهد قريب، إلا أن مزارعين بالفشقة أبدوا تخوفهم من فشل الموسم الزراعي ٢٠٢١م ٢٠٢٢م لا سيما الأراضى المستردة بالفشقة الصغرى والكبرى من الأيدي المغتصبة منذ العام ١٩٩٥م لانعدام الرؤية الواضحة في السياسات الكلية للتمويل وضعف اهتمام المركز والولاية بقضايا الزراعة في وقت تحتاج فيه البلاد للزيادة الرأسية في الإنتاج والأنتاجية بفرض سياسات تشجيعية وتحفيزية لقطاع المنتجين وخفض الرسوم المصلحية والضرائب وإنزال الشعارات والبرامج والخطط الهادفة لإحلال الواردات بصادرات المنتجات الزراعية ولتسهم في توفير النقد الأجنبي، حتى تعمل على استقرار سعر الصرف لإيقاف معدلات التضخم وضبط حالة انفلات الأسعار بالسوق المحلي وربط الفشقة بالطرق والمعابر والردميات وانتشالها من العزلة التي تعيشها في فصل الخريف بما يسهم في خفض كلفة نقل مدخلات الإنتاج للمنطقة أيام الخريف.
تحديات
يمثل صغار المنتجين من مزارعي الولاية نسبة 60% تقريباً، ففقد عدد كبير منهم أراضيه الزراعية بمناطق (ود كولي، وود عروض، بركة نورين والفشقة الصغرى والكبرى) بالشمال الشرقي المتاخم لإقليم التغراي الذي دخل في حرب داخلية مع الحكومة الفدرالية وجبهة تحرير التغراي بجانب مناطق بقرى باسندة الحدودية بالجنوب الغربي لولاية القضارف المتاخم لإقليم الأمهرة.
شريحة صغار المزارعين مهددة بالخروج من الموسم لهذا العام. وبحسب مزارعين التقتهم “الصيحة” أن الزيادات العالية في مدخلات الإنتاج والتقاوى والزيادات التعجيزية لرسوم تجديد الأراضى الزراعية وعدم توفر الجازولين والاعتداءات وعمليات الاختطاف ونهب الممتلكات وعدم تسليم الأراضي المستردة لملاكها وأصحابها من المزارعين المعروفين بسجلات الزراعة بالولاية تمثل أحد أكبر مهدد للموسم الزراعي ما لم تتدخل الدولة لإنقاذ الموقف عبر توجيهات واضحة وإجراءات دقيقة ومحكمة للاستفادة من الأراضى العائدة لحظيرة المالية والإنتاج.
هدوء حذِر
ويشهد الشريط الحدودي هذه الايام هدوءاً واستقراراً حذرين، رغم الأنباء الواردة والتي تشير لانتشار الجيش الأثيوبي على مقربة من الحدود ، بجانب حذر من الجانبين يسود الموقف. وبحسب بعض الأهالي بالفشقة الحدودية التقتهم (الصيحة) أن المنطقة تشهد هدوءاً واستقراراً أمنياً وتوقفاً نسبياً للاعتداءات وأعمال النهب والسلب الذي تمارس كل عام في هذا التوقيت وبداية عمليات الحصاد.
فيما طالب مراقبون “القوات المسلحة”، بضرورة أخذ الحيطة والحذر وتكثيف وتشديد الرقابة على الشريط الحدودي والاستمرار في إرسال دوريات الاستطلاع لتأمين الموسم الزراعي وحماية المواطنين من مخاطر التفلتات الأمنية بالشريط والمناطق الحدودية.
أنشطة الأرماتشو (الشفتة)
ورغم الأجواء المعتمة، إلا إنه لم تسجل الفشقة أو تضبط أي خروقات من أعمال النهب والسلب أو اختطاف الرعايا السودانيين من قبل ما يمسى بالارماتشو “الشفتة”، المسنودة من الحكومة الفيدرالية منذ أبريل الماضي، حيث تم اختطاف اثنين من المواطنين العزل وطلب فدية مالية من أهالي المختطفين بجانب نهب (٢) “تراكتور” أحدهما بمشروع كردية والآخر بمنطقة القديمة بالفشقة. ويرى مراقبون أن لانتشار القوات السودانية المسلحة بالفشقة الدور الكبير في استقرار الشريط، إذ يشهد في السابق مطلع يونيو من كل عام تكثيف الأنشطة الإجرامية لعصابات الشفتة من قتل ونهب واختطاف وسط المواطنين بغرض تخويفهم وترويعهم لإيقاف هجمات منظمة ومدبرة لم تسلم منها النساء والأطفال وقطاع الثروة الحيوانية.
صراع وتعصب
ويرى مزارعون بالقضارف أن ولاية القضارف ابتعدت وحادت عن جادة الطرق التى تمكنها من المساهمة الفاعلة في تنمية الاقتصاد الوطني بانتهاجها نفس السياسات التنفيذية لقضايا الزراعة كما كان يفعلها العهد السابق فدخل والي الولاية دكتور سليمان علي محمد موسى في صراع مع كبار المزارعين تعصبًا وابتعادًا عن غايات الثورة ومتطلبات المرحلة في قضية انصرافية لا تمت للزيادة في الإنتاج والإنتاجية بصلة فعجزت حكومة الولاية من وضع تدابير لازمة لتطوير وترقية الزراعة عبر حزمة من الإجراءات والسياسات لإصلاح القطاع بالفشقة التي استردت مساحات واسعة من الأفدنة المغتصبة سابقاً.
وا غوثاه
وقد استغاث العضو البرلماني المستقل السابق عن دائرة الفشقة مبارك النور عبد الله برئيس المجلس السيادي والقائد العام لقوات الشعب المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان (وا غوثاه وا غوثاه) وشبه استغاثته بعام الرمادة وطالب جهات الاختصاص بتسليم الأراضي المستردة لأصحابها وملاكها وأضاف إذا ما زرعت “دي كارثة الأرض لازم تفلح لو كلنا نموت” وطالب النائب بالبرلمان السابق الحكومة بتوفير الجازولين الخدمي للمنتجين ودعا بتغيير سياسات التمويل والاهتمام بصغار المزارعين بعيداً عن “الجوكية” وضرورة تشكيل لجنة لإنجاح الموسم ومعالجة قصور الوالي بحسب ما ذهب إليه.
تحركات آمنة
ودعا خبراء عسكريون المواطنون والرعاية السودانيين بالتحوط والتحرك بالشريط الحدودي عبر جماعات لتفادي تكرار مأساة السنين الاعتداءات المدبرة للارماتشوا ضد المزارعين العزل بالقرى الحدودية وطالبوا الأجهزة الأمنية والشرطية بمضاعفة المجهودات لتأمين الموسم الزراعي وإيقاف الأنشطة الهدامة وتجارة تهريب البشر والمخدرات.