أزمة الغناء السوداني واضحة في الاجترار الذي تنضح به القنوات التلفزيونية
يوسف الموصلي: الفنانون بحاجة لأعمالي الغنائية والسودان مليء بالمواهب الجديدة
حوار: سراج الدين مصطفى
الموسيقار يوسف الموصلي.. فنان صاحب آراء جريئة لا تعرف الخوف.. وهي بلا شك آراء علمية وإن كان البعض يحسبها غير ذلك.. فهو حينما حضر للسودان بعد غياب طويل رمى حجراً في بركة الساحة الفنية الراكدة من خلال بعض المفاهيم الجديدة التي اعتبرت وقتها محاولات للتغيير في الأصالة السودانية..
بعض الرحيق لاحقت الموسيقار يوسف الموصلي في مهجره بأمريكا وطرحت أمامه العديد من الأسئلة الهامة والمهمة.
ـ الموصلي حتى الآن مهاجر رغم الوعود بالبقاء والاستقرار في السودان؟
أنا بطبعي أحب السودان وأتمنى الاستقرار حتى أخدمه وخصوصاً الأجيال القادمة من الفنانين.. والحمد لله هذا البلد مليء بالمواهب الخارقة.. وهذا البلد أنجب العباقرة وما زال ينجب ولن ينضب معينها.. وأنا كما معروف خرجت لظروف خاصة جداً وهاجرت إلى أمريكا وأسرتي مستقرة هناك وأصبح من الصعب تركهم هناك لوحدهم، ولكن كانت لدي رغبة أن أعود ومعي أسرتي، ولكن الوعود الكثيرة والبراقة لم تفلح في إبقائي.. ولكن هذا ربما يعود لرجعتي السريعة وعدم متابعة تلك الوعود.
ـ الموصلي أصبح جزءاً من أزمة الساحة الفنية حتى إنه وصف بأنه يصطاد في المياه العكرة؟
الغناء السوداني أصلاً يعيش أزمة.. والأزمة واضحة في الاجترار الذي تنضح به القنوات التلفزيونية.
ـ أنت أصبحت منظراً وكثير الحديث دون ألحان وأفكار موسيقية جديدة؟
هذا الكلام مضحك جداً ومثير للسخرية، وأنا يا صديقي سراج لست في حاجة لأي فنان أو ملحن، بل بالعكس الفنانون بحاجة لأعمالي الغنائية والموسيقية.. والقدرة التي أملكها في تقديم أعمال موسيقية جديدة من حيث الأفكار لا يستطيع أي موسيقي وأياً كان أن يفعل مثلها.. لأن ذلك هو تخصصي الذي أعرفه وأجيده وهم لا يعرفونه مثلي.. أقول ذلك بدون ذكر أسماء.
ـ خلال أزمة البلابل وبشير عباس لم تساهم في تقريب المسافة والصلح، بل أنت صببت الزيت على النار وزدت من الفجوة من خلال تقديم أغانٍ جديدة لهن لتحل مكان أغاني بشير عباس؟
حينما كان بشير عباس يقدم الألحان والأغاني للبلابل كان هناك العديد من الموسيقيين قدموا أعمالهم للبلابل أمثال موسى محمد أبراهيم وأنس العاقب وغيرهما.. فهل أصبحت المشكلة أن يمنح الموصلي أغنيات للبلابل؟ ودعني أقول لكم جميعاً إن الزمن الذي عشته معهم لم يعشه معهن بشير عباس.. فهو كان يلحن لهن فقط، ولكن هادية طلسم زميلتي منذ عام 1974 ومنذ ذلك التاريخ لم نفترق مطلقاً.. والجانب الاجتماعي الذي بيني والبلابل أقوى من العلاقة التي تربطهن مع بشير عباس.
ـ لماذا لم تحاول أن تذيب الخلاف بينهم وتعيد المياه لمجاريها؟
يا صديقي أقول لك مجدداً العلاقة التي تربطني بالبلابل تمنحهن حق أن يطلبن مني الأغاني وأنا بحكم العلاقة لن أرفض أبداً.. هل ينتظرن مني أن أقول لهن لن أمنحكن أغانيً لأن بشير يلحن لكُن؟ هذا حديث لا يمت للمنطق بصلة.. وأي فنان يطلب مني أغاني سيجد يدي ممدودة له.
ـ وماذا عن ذات التشابه في خلاف النو وعقد الجلاد ودخولك كطرف ثالث أجج الأزمة؟
أزمة عقد الجلاد مختلفة تماماً عن أزمة البلابل مع بشير عباس.. لأنني في أزمة عقد الجلاد مع عثمان النو كنت (واسطة خير).. وما يجب أن يعرف أن كل أعضاء عقد الجلاد كانوا طلابي في معهد الموسيقى والمسرح.. ودرجة صداقتي مع عثمان النو أكبر من درجة صداقتي مع الآخرين.. فهو كان صديقاً لأسرتي وكنت صديقاً لأسرته.. وكان من (طلابي) وكان أيضاً من العازفين الذين عملوا معي في الحفلات وكل المناسبات.. وأي عامل من عوامل التقارب كان بيني وعثمان النو.
ـ ولكن فشلت في الوصول لحلول؟
في بداية الأزمة حينما انفجرت كنت متحاملاً على عقد الجلاد وكتبت ذلك في بعض المنتديات الإلكترونية على الإنترنت، وقلت إن عثمان النو هو (الأصل) في عقد الجلاد، ولا يستحق المعاملة التي وجدها من بعض الأعضاء الحاليين.. وحينما جئت كواسطة خير وجدت قبولاً من الطرفين في الأزمة وكانت في طريقها للحل بعد أن وصلت لبعض الحلول التي ترضي طرفي الأزمة والخلاف.
ـ ثم ماذا حدث بعد ذلك؟
كان يبدو واضحاً أن عثمان النو لم يكن راغباً في العودة، ويبدو أنه كان يخطط منذ ذلك الوقت لتكوين فرقة جديدة، وهو ماحدث فعلاً.. وبالمناسبة دعني أهنئ عثمان النو بالفرقة الجديدة، وأعتقد أن الفرقة يجب أن تجد فرصتها ولا تعتبر فرقة مضادة لعقد الجلاد، وإذا قدمت الفرقة أعمالاً جديدة وجيدة ذلك سيساهم في رفعة مستوى عقد الجلاد لأنها ستحاول حينها تقديم أعمال جديدة ذات مستوى رفيع.
ـ بحكم قربك من الراحل مصطفى سيد أحمد هل ترى مشروعاً موسيقياً يقترب منه من حيث الفكرة والطرح؟
قبل مصطفى سيد أحمد كان هناك طرح جديد وأعتقد أن محمد وردي ومحمد الأمين وأبوعركي البخيت كسروا الحواجز من حيث فكرة النص وأقرب دليل على ذلك حينما تغنى أبوعركي البخيت لسعد الدين إبراهيم الذي قال (عن حبيبتي أنا بحكي ليكم وضل ضفايرها ملتقانا)، كان ذلك سبقاً في الشعر السوداني.. ولكن أعتقد أن مصطفى سيد أحمد الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية جعلته يفكر في مشروع غنائي مختلف ووقتها كان الجميع يبحثون عن(بطل) ووجدوه في مصطفى سيد أحمد.