محمد عثمان الرضي يكتب.. قرارات مجلس الأمن والدفاع عقبات أمام التنفيذ
جرت العادة وعقب كل كارثة أمنية وسياسية واقتصادية أن ينعقد مجلس الأمن والدفاع بقيادة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وبمعية وزير الدفاع والداخلية ويصدر المجلس الموقر توجيهاته من أجل وضع المعالجات الممكنة ولكن سرعان لا نجد تأثيراً واضحاً لهذه القرارات على أرض الواقع.
الكل يعلم حالة السيولة والتفلتات الأمنية التي أصبحت في تنامٍ متواصل ومعدلات الجريمة في تزايد مستمر إلى جانب حداثة الوسائل المستخدمة في ارتكاب الجريمة وكل ذلك يتطلب خططا أمنية مواكبة لمتطلبات المرحلة إلى جانب تغيير العقلية القديمة في التعامل مع واقعنا المتجدد ولا بد من الابتعاد من المعالجات الأمنيه الآنية والمتعجلة والتي لا تخاطب جذور المشكله وتتعامل مع العرض وتتناسى المرض.
عقب اندلاع المظاهرات والاحتجاجات بعد صدور قرار الرفع الكامل للدعم عن المحروقات من قبل وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم انعقد مجلس الأمن والدفاع في جلسه طارئة بكامل عضويته من أجل تقييم الوضع الأمني والنظر في تداعيات القرار ووفقاً لتصريح مبهم صدر عن وزير الداخلية الفريق أول شرطة عزالدين الشيخ بأنهم ناقشوا تداعيات القرار واتخذوا مجموعة من التدابير والاحتياجات من أجل امتصاص الآثار السالبة للقرار أليس من حق الشعب السوداني أن يعلم هذه القرارات تفصيلاً.
غالبية القرارات التي اتخذها مجلس الأمن والدفاع في احتواء التفلتات الأمنية في العاصمة أو الولايات تظل لا قيمة ولا جدوى لها في ظل انتشار السلاح غير المقنن في أيادي المواطنين.
وزير الداخلية السابق الفريق أول شرطة الطريفي إدريس أصدر توجيهات بوقف ترخيص السلاح للمواطنين منذ شهر نوفمبر الماضي وما زالت هذه التوجيهات تعمل حتى تاريخ هذه اللحظة وقطعاً هذا التوجيه تضرر منه أصحاب المحلات التجارية التي تمتلك تراخيص قانونية في ممارسة شراء وبيع السلاح من الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية علماً أن هذا التوقف من العمل لمدة 7 أشهر بالتمام والكمال كبد أصحاب المحلات التجارية خسائر مالية فادحة.
لا بد من وضع ضوابط صارمة وحاسمة في منح ترخيص السلاح وبالذات في منح السلاح للفئات العمرية ما بين سن الـ18سنة إلى سن الـ30سنة وذلك لحساسية هذه الشريحة العمرية من الشباب وأن لا يمنح السلاح أيضاً لمعتادي الإجرام ولمن تثبت لديهم سوابق جنائية في ارتكاب الجرائم.
قرار وقف ترخيص السلاح يفتح الباب على مصراعيه في انتعاش التجارة غير القانونية في اقتناء السلاح بصورة غير مشروعة وقطعاً سيتسبب ذلك في كارثة أمنية يصعب من خلالها التحكم في انسياب حركة السلاح بين المواطنين.
حسب علمي هنالك لائحة جديدة لتنظيم عمل السلاح ونالت دورتها الطبيعية ورفعت اللجنة المختصة بإعداد هذه اللائحة لوزير الداخلية بغرض إجازتها ولكن ما زال الأمر في يد وزير الداخلية وقطعاً هذا التأخير ولهذه الفترة أيضا يفتح الباب أمام التساؤلات والاستفهامات لماذا يصر الوزير على عدم إجازة اللائحة أم إن هنالك بعض الأسباب غير المعلومة لنا في هذا الأمر أم إن هنالك توجيهات سيادية عليا صادرة لوزير الداخلية تمنعه من إجازة اللائحة
علما بأن إجمالي المتحصلين على السلاح بصورة قانونية خلال العام الماضي 10000 مواطن وظلت هذه الأعداد في تزايد مستمر وسبب ذلك حالة الخوف والهلع للمواطنين وإحساسهم بعدم الأمان إلى جانب التعديات المستمرة للمجرمين على المواطنين في أماكن عملهم وفي الأسواق العامة.
في الوضع الطبيعي درجت العادة قبل اتخاذ أي قرار سياسي أمني اقتصادي لا بد من قراءة الواقع قراءة متأنية ودراسة كل أبعاد وتداعيات القرار المرتقب وذلك من خلال تحليلات أمنية دقيقة ويتمثل ذلك في دور الأجهزة الأمنية وتحديداً جهازي الشرطة والمخابرات العامة.
من خلال المتابعات اللصيقة لمجريات الأحداث نشطت خلايا إجرامية وعصابات متخصصة في زعزعة الأمن والاستقرار والملفت للنظر هذه الشبكات الإجرامية بقيادة أجانب مما يحتم ضبط ومراقبة النشاط الأجنبي وهذا من صميم عمل مجلس الأمن والدفاع والجهات ذات الصلة المنوط بها توفير الأمن والاستقرار.
مناقشة الأوضاع الاقتصادية المتردية لمنسوبي القوات النظامية والعمل على زيادة الرواتب وتحسين بيئة العمل بتوفير المعينات المادية واللوجستية قطعاً سيساهم في رفع الروح المعنوية لهذه القوات و سينعكس على أدائهم قطعاً مضاعفة الصرف الأمني على هذه القوات في هذه المرحلة الحرجة والحساسة بمثابة فرض عين تمليه الضرورة القصوى.