مما لا شك فيه، إنّ المُتابع لمسيرة قضية دارفور منذ العام 2003م، يلاحظ غياب الرؤية وعدم التنوُّع وقبول الآخر والتي شكّلت عدم الوحدة والتحالف الاستراتيجي لحركات الكفاح المسلح، وقد أثبت الواقع المعاش حالياً ذلك، وقد وظّف النظام السابق هذه المتناقضات لمزيدٍ من الفرقة والشتات، والمجلس الانتقالي الذي يمثله الوالي نمر عبد الرحمن واحدٌ من هذه الحركات التي تأسست على المعايير التقليدية المحلية ولا يزال الكثير من منسوبيه في محطة 2004م رغم توقيع اتفاق جوبا للسلام وثورة ديسمبر وذهاب نظام البشير.
فقادة CT يحتاجون في حركتهم إلى بناء قاعدة لترتيبات قومية وطنية مفتوحة وتجاوز محاور كورما، طويلة، عين سيرو ودبة نايرة، ومعلوم أن الحركات المسلحة حملت السلاح بحجة المظالم والغُبن التنموي ومحاباة واستئثار قلة من جغرافيا السودان على الدولة ومكوناتها على حساب باقي الأقاليم.
وكما ذكر الكتاب الأسود المنسوب لحركة العدل والمساواة أن الموارد منذ استقلال البلاد لم توزع بصورة عادلة، وتكرست السلطة في أيدي نخبة من جهة واحدة وهو الذي بدوره صنع الاختلال وانعدام وجود الفرص المتساوية في هيكل الدولة الإداري والسياسي والاقتصادي، وبالتالي انتشر خطاب الكراهية والعنصرية.. والآن، المتحدثون عن الظلم والتهميش والعنصرية أصبحوا حكاماً وشركاء أساسيين في السلطة.
ونمر عبد الرحمن الآن أصبح والي ولاية شمال دارفور، عليه تحويل الشعارات والأهداف إلى برنامج ودليل عمل وطني لشعارات النضال المرفوعة سابقاً، ولا يزال المواطن في ولاية شمال دارفور يحتاج إلى المزيد من التوعية والتعايش السلمي بين مكوناته الاجتماعية، وتحتاج برامج الولاية الإعلامية إلى تغيير المنهج والخطاب، وصناعة برامج تُجسِّد التعايش ونبذ الآخر وتحريم خطاب الكراهية، وتبصير المواطن بأهمية السلام والاستقرار والتعايش السلمي وأبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وارتباطه بقضايا التغيير والتنمية والعودة الطوعية.
والآن على الوالي نمر عبد الرحمن أن يودع حركة وجيش تحرير السودان المجلس الانتقالي، لأنه أصبح والياً للجميع، والمواطن في شمال دارفور ينظر لحركته كتنظيم مغلق لفئة أو جهة، رغم وجود القائد صلاح عبد الرحمن أبو السرة مؤسس الكفاح المسلح في دارفور، والتعقيدات في الولاية يمكن تجاوزها بمزيد من التخطيط والجهد الفكري والتنظيمي والسياسي والتعامل بواقعية مع راهن شمال دارفور.
ومعروف أن فشل حكام شمال دارفور من أين يأتي، ولكن نمر حتى الآن له موقف من بعض الزعامات الأهلية والتاريخية في ولاية شمال دارفور، التي من وجهة نظري عناصر أساسية للوحدة والاستقرار في ولاية شمال دارفور.. بالواضح “اذا أي حاكم ما متعاون مع الدعم السريع فشله يرى بالعين المجردة”، وأيضاً المجلس الانتقالي إذا لم يتصالح مع مجلس الصحوة فرص نجاحهم في شمال دارفور ضئيلة جداً. فالحكم يختلف عن التنظيم وإدارة الحركات المسلحة والتنظيمات التي تتكون عضويتها من جماعات محددة.
وعلى المناضل الكبير صلاح ابو السرة الذي يعتبر الرجل الثاني في تنظيم CT وكرجل مشهود له بدوره الكبير في صناعة ميادين القتال ومنصات النضال وكرمز قومي في التنظيم، عليكم طرح قياداتكم كقيادات وطنية لها إسهامها الفكري والسياسي البارز والمتميز في مُجمل مسيرة التغيير والتحول الديمقراطي.
ومشاركة نمر في ابوكرشولا خير دليل، وأنتم لكم علاقاتكم النضالية مع كل المراكز التقدمية وكل القوى السياسية والاجتماعية في السودان، الذي أقرت كل اتفاقياته واقع التنوع والتعدد منذ مقررات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية، والخرطوم للسلام، وكوكادام، والمائدة المستديرة، وأديس أبابا ..إلخ حتى جوبا. والتنوع أيضا يعني التنوع في التنظيمات والحكومة. فالوالي نمر بعد كل هذا مطلوبٌ منه بعد الأمن والخدمات الأساسية وتوفير السلع الاستراتيجية، تنظيف الولاية من جلطات ولخبطات الوالي عربي وإزالة كل الوظائف التي مُنحت على أساس المحسوبية والمحاباة، وهذه مطلوب فيها قرارات ثورية فورية. والمعلومات متاحة من عامة الناس في شمال دارفور.
كما أن لجنة إزالة التمكين بولاية شمال دارفور عملها ضعيفٌ، وفلول النظام البائد حاضرون في كل المحافل ولهم المقدرة في الحركة والتنظيم، فمطلوب أيضاً مراجعة عناصر اللجنة وتطعيمها بعناصر ليست لهم ارتباطات إثنية بكوادر النظام البائد، وبهذه القرارات يكسب الوالي نمر الشارع في شمال دارفور.