الخرطوم- إبتسام حسن
إشارات وحديث مبطن صدر من وزير الصحة الاتحادي د. عمر النجيب في ولاية الجزيرة مدني.
قال الوزير في معرض حديثه إن هناك أموالاً “ما عندها حدود” تحت مسمى “العلاج المجاني”، وهي أموال حسب تأكيده لا يعلمُ أحد أين تذهب، وتتأسس رؤية الوزارة حولها بإعادة التوجيه لدعم التأمين الصحي لأغراض زيادته وتوسعته أفقياً ورأسياً..
وأضاف أن الوزارة تتجه لتقوية الإمدادات الطبية وتعزيز دورها في سد الفجوة وصولاً للوفرة كحلٍ للأزمة.. والفقرة الأخيرة التي تؤكد على الوفرة حل للأزمة يبدو أن الوزير يلمح من خلالها إلى تحرير سعر الدواء بتوفيره بغض النظر عن أسعاره وإن وصلت إلى (١٠٠٠%) كما أكده تجمع الصيادلة والذي أفصح عن مقصد الدولة في الركون إلى تحرير سعر الدواء.
إحجام
ظاهرة إحجام شركات الدواء عن البيع ظاهرة أضحت مألوفة لسنوات خلت، فكلما زاد سعر الدولار، تحتكر الشركات الدواء حتى يتم الإفراج عنه بعد انخفاص الدولار مرة أخرى، وهذا برمته ما أكده رئيس لجنة تسيير الصيدليات د. أنس محمد، مؤكداً أن الشركات تحجم عن البيع لمدة شهرين لتعود لبيع الدواء بأرقام وصفها بالفلكية حتى أضحى توجه تلك الشركات توجهاً رأسمالياً بحتاً، وهذا اعتبره أنس أدى إلى تهالك أموالأصحاب الصيدليات التي تبيع أدوية بأرقام محددة وتذهب لشراء أدوية بتلك الأموال لتفاجأ بأن الأسعار زادت 200% وهذا بدوره يؤدي إلى خسارة رأسمال الصيدليات، فضلاً عن أن ذلك خلق أزمة أخرى وهي أن 15 مريضاً أضحوا يترددون على الصيدليات دون الحصول على الدواء.
محاولات فاشلة
وفي خضم هذه المشاكل، تردد أصحاب الصيدليات وفقاً لأنس على كل جهات الاختصاص من الوزير إلى الوالي والمجلس القومي للأدوية والسموم دون فائدة.
ووصف رئيس لجنة الصيدليات الزيادات التي طًبّقت على الدواء بالخرافية، وبالتالي فإن الصيدليات جفّت أرففها من الدواء، وهجر الصيادلة المهنة وأحجم المريض عن شراء الدواء بعد أن استنفد كل ما يملك من أثاث وقطع أراضٍ وغيره باعه في سبيل الحصول على الدواء.
وكشف رئيس اللجنة التيسيرية أن 50% من الصيدليات أغلقت أبوابها وأعلنت إفلاسها، فيما لجأ البقية من الصيدليات إلى إغلاق جزئي بسبب تقليل تكلفة المنصرفات من تقليل العمالة وتكلفة التشغيل. وتوقع أن السيناريوهات القادمة تنبئ بأن تكون هناك زيادة كل شهرين وخسارات الصيدليات ومعاناة مستمرة من فتح وإغلاق الصيدليات، وقال إن الأجسام المختصة طلب منها من قبل وضع خطة، إلا أن القطاع لم يجد أي معالجة، وقال إن الشركات التي تستورد الدواء إذا لم تجد دولاراً في السوق تغلق أبوابها، وإذا كانت هناك زيادة في الدولار، فإن الدواء يكون موجوداً في مخازن الدواء، غير أن الشركات توقف البيع، أما شركات التصنيع المحلي حسب أنس فإنهم طالبوا بزيادة أسعار الدواء بعد زيادة سعر الدولار نسبة لتكلفة التصنيع، وقطع بأنه طالما أنه ليس هناك ثبات في سعر الدولار، فإن وفرة الدواء محفوفة بالمخاطر نتيجة تأخير تنفيذ القرارات والتأخير في الاستجابة، وأزاح النقاب عن عدة خطوات تخطوها لجنته أكد أنها سيتم الإعلان عنها في موعدها قال إنها ستظهر خلال أسبوعين.
سياسة غير معلنة
وكان تجمع الصيادلة المهنيين أكد أن هناك
زيادات جديدة في أسعار الأدوية استمراراً لتنفيذ سياسة الحكومة غير المعلنة لتحرير سعر الدواء وتحميل المواطن أعباء فاتورة العلاج .
وأكد في بيان له بأن أسعار الأدوية ظلت في ارتفاع مستمر بمتوالية هندسية حيث بلغت نسبة الزيادة خلال أقل من عام للنهج الذي أقره أكثر من 1000% في المتوسط، بعد أن نتجت عن سياسة تجفيف أرفف الصيدليات والمستشفيات من الدواء بكل تصنيفاته ابتداءً من الأدوية البسيطة وصولاً إلى الأدوية المنقذة للحياة وأدوية مرضى السرطان، ومن ثم تم تحريك سعر دولار الدواء من (47.5) جنيه إلى (55) جنيها ثم (380) جنيهاً، وأخيراً وليس آخراً إلى (435) جنيهاً على التوالي، وأكد البيان أن أسعار الدواء بلغت حداً غير مقبول وليس في طاقة المواطن السوداني قياساً بالحد الأدنى للأجور المحدد بثلاثة آلاف جنيه فقط (3000).
واعتبر أن هذه الزيادة تأتي امتداداً طبيعياً ومواصلةً لتنصل الحكومة عن التزاماتها تجاه صحة وعلاج مواطنيها، وتنعكس هذه الزيادات بصورة مباشرة على قدرة المريض في الحصول على الدواء، إذ أن توفر الدواء بالسعر العالي وعدم توفره وجهان لعملة واحدة. إن الضرر والعبء الأكبر لهذه السياسة يقع على محدودي الدخل باعتبارهم أكثر عرضة للأمراض، وعلى سكان المناطق الريفية، حيث تزداد حالة الفقر والافتقار للبِنى التحتية الصحية ويصعب الحصول على خدمات التأمين الصحي الذي إن وجد فهو لا يقدم تغطية شاملة مما يجعلهم عرضة لتحمل جل تكلفة العلاج ويؤثر على المؤسسات الصيدلانية الخاصة (صيدلياتالمجتمع، الشركات المستوردة والموزعة وهي صاحبة النصيب الأكبر في تقديم الخدمة والإمداد الدوائي) من ناحية تآكل رأس المال من غير توفر مصادر تمويل، منوهاً إلى أن ذلك سينعكس على الوفرة وسهولة الحصول على الدواء،
منادياً بأن السياسات الدوائية لابد أن تأتي متناسبة مع الأوضاع والمؤشرات الاقتصادية وملبية للمعايير المعروفة من سهولة الحصول على الدواء وضمان الوفرة والسعر المناسب بالقياس للمداخيل الشهرية وقبل كل ذلك ضمان المأمونية الذي يأتي مع طرح التجمع على حد تعبير البيان (دواء آمن، فعال وبسعر مناسب متماشياً مع قيم وأهداف ثورة الحرية والسلام والعدالة.)