الحكومة وسياساتها.. اتهامات من اللجنة الاقتصادية!
الخرطوم: جمعة عبد الله
اتهمت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، الحكومة ومجلس الوزراء بتجاوز المؤسسية ويفاجأ الجميع بقرارات أو موازنات لم تعرض على الحاضنة السياسية ولجنتها الاقتصادية أو الوحدات المختصة بالمالية أو حتى مجلس الوزراء، واستدلت بما اتخذ من قرارات في مجال تحرير أسعار الوقود والكهرباء وتعويم سعر الصرف نتيجته إضعاف الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي والتضييق على الشعب في معيشته دون أمل من سياسات مجربة وفاشلة.
وأشارت اللجنة الاقتصادية، في بيان لها، إلى ان السودان يعيش مأزقاً وطنياً حقيقيًا جراء فشل سياسات الحكومة الانتقالية وعجزها عن تحقيق أهداف الثورة، حيث تمخض عن تدهور اقتصادي شامل من مظاهره ندرة السلع الأساسية والغلاء المتفاقم وتدني الإنتاج في كل المجالات.
وتراجع مستمر في سعر الصرف خلال عام ونصف من 47 جنيهاً للدولار إلى أكثر من 425 جنيهاً للدولار الرسمي بنسبة تفوق 850% انصياعاً لضغوط أجنبية وأكثر من 470 للدولار الموازي ولا زال تفاقم سعر الصرف مستمراً، وتخلي الدولة عن واجبها في استيراد الوقود والقمح وبيع المنتج المحلي من الوقود وهو قليل التكلفة الإنتاجية بنفس سعر الوقود المستورد بدولار السوق الموازي + 10% مما أدى إلى تحقيق الحكومة في موازنة 2021 إيرادات من رفع سعر الوقود من 128 إلى 540 جنيهاً للجالون بلغت ثلث الموازنة (أي أكثر من 300 مليار جنيه من أصل 938 مليار جنيه هي جملة إيرادات الموازنة)، وهي نفس سياسة النظام السابق في اللجوء المباشر لجيوب المواطنين لتحقيق الإيرادات، وكان من نتيجة ذلك ارتفاع أسعار كل السلع وتكلفة المواصلات على الفرد في اليوم الواحد من 40 جنيها إلى أكثر من 800 جنيه، ثم جاءت الزيادة في سعر الجالون إلى 1305 جنيهات لتجعل الموظفين والعمال في مأزق حقيقي في الوصول إلى أماكن عملهم بسبب ارتفاع تكلفة المواصلات في اليوم إلى أكثر من 1200 جنيه.
وقالت إن نسبة التضخم تساوي 362% في أبريل2021، وهذه النسبة غير مسبوقة، وعدم انتظام الكهرباء مما أثر على الأعمال الإنتاجية الحرفية والصناعية، وارتفاع أسعار الكهرباء إلى أكثر من خمسة أضعاف، وسيطرة الرأسمالية على الاقتصاد، وتسليمها ملف التصدير والاستيراد لأهم السلع، وخروج الدولة عن ذلك.
وفوضى وعدم انضباط في جهاز الدولة، وتوقف الأعمال في معظم المؤسسات بحيث أصبح حضور الموظفين شكليًا نتيجة لعدم وجود رؤية أو خطط ومفارقة الأجور للحد الأدنى للمعيشة.
وتدنّ في الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي، وارتفاع في أسعار مدخلات الإنتاج؛ وارتفاع أسعار الخدمات الحكومية، وتدهور الوضع الصحي وصحة البيئة، وندرة الدواء وارتفاع أسعاره إلى خمسة أضعاف على أقل تقدير، والعجز عن معالجة ملفات القضاء والعدالة والمحاكمات واستكمال مؤسسات الفترة الانتقالية، والاعتماد بشكل مطلق على الخارج اقتصاديا، والاتجاه لتسليم كل شيء للشركات الأجنبية بتطبيق الوصفات التقليدية للمقرضين والدائنين الدوليين بكل قسوة على الشعب، وتعمُّد عدم تنفيذ برنامج حشد الموارد الداخلية.
واعتبرت اللجنة سياسات الحكومة الاقتصادية تقود السودان نحو التفريط في استقلاله السياسي والاقتصادي والإمعان في التبعية، وهيمنة الشركات متعددة الجنسيات على موارده وثرواته وخدمة رأسماليي النظام المباد، وذلك عبر تطبيق سياسات النظام البائد بوتائر أسرع من ذلك النظام وتطبيق روشتة صندوق النقد الدولي والإملاءات الأجنبية، وافتعال الأزمات لتبرير التطبيق. والمحصلة لتلك السياسات ازدياد الفقر والبطالة، وتدني مستويات المعيشية للمواطنين، وتركيز الثروة في أيدي الأقلية، وتحويل موارد وثروات البلاد الكبيرة والمتنوعة لتكون نهبا للشركات الأجنبية لصالح رفاهية مجتمعاتها.
وقال البيان إن البديل هو الحل الذي طرحته اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير منذ ديسمبر 2019، وعززته ورش ومقررات المؤتمر الاقتصادي القومي في أغسطس 2020، ولو تم منذ ذلك الوقت تطبيق ذلك البرنامج المسمى ببرنامج حشد الموارد الداخلية لما كانت هنالك اليوم أي مشكلة تضخم أو تدهور في سعر الصرف أو فوضى وارتفاع أسعار أو صفوف بنزين أو غاز أو خبز أو ارتفاع وندرة في سعر الدواء، ولكان هنالك تقدم كبير في الإنتاج الزراعي والصناعي والصادرات وموارد البلاد من العملات الحرة.
وأوضح بيان اللجنة أنها ركزت في ديسمبر 2019 على ضرورة تقوية سعر الصرف وذلك عبر زيادة موارد البلاد بتوفير العملات الحرة عبر سيطرة الحكومة على صادر الذهب، وإقامة بورصة الذهب والمحاصيل الزراعية، وإرجاع عمل الشركات الأربع التي كانت تعمل في مجال الصادر: شركة الصمغ العربي، شركة الحبوب الزيتية، شركة الأقطان، مؤسسة الماشية واللحوم، باعتبار أن ذلك سيؤدي إلى توريد حصائل الصادر في القنوات الرسمية وهي حصائل كبيرة للغاية، والسيطرة على أموال الطيران المدني (رسوم عبور الطائرات للأجواء السودانية) ورسوم عبور نفط الجنوب إلخ وفي أقل تقدير فإن عائد هذا البرنامج السنوي لا يقل عن (12 – 14 مليار دولار ) في العام، تزيد كل عام، وتنفيذ مبادرة المغتربين المسماه بمبادرة داعمي البنك المركزي (ودائع توضع بالدولار وتسحب عندما ينتهي أجلها بالدولار)، أضف إلى ذلك عائدات العملات المحلية بتجريم التجنيب وضم الأموال المجنبة لوزارة المالية، وضم عائدات الشركات العسكرية والأمنية لوزارة المالية، وفرض الضريبة النوعية على شركات الاتصالات، وإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية لغير الاستثمار والمدخلات الصناعية والزراعية، والإسراع والتحكم وحسن استخدام ما استرد بواسطة لجنة إزالة التمكين وما يسترد كمورد دائم لتعزيز الإيرادات العامة، وعدم التخلص منها بالبيع، وإعادة هيكلة وزارة المالية وإلغاء عشرات الهيئات والوحدات التي صنعها النظام البائد لتسكين كوادره وجعلها تتبع لوزارة المالية، وتغيير العملة لضرب مواقع اكتناز الأموال بواسطة منتسبي النظام المباد (95% من الكتلة النقدية خارج القطاع المصرفي)، والتوسع في القطاع التعاوني والاعتماد عليه في توصيل السلع من المنتج للمستهلك مباشرة دون وسيط مما يساعد في تحديد الأسعار ومراقبتها، ودعم الموسم الزراعي وطرح مشاريع جادة لتشغيل الشباب وغير ذلك من مفردات البرنامج، وتولي الدولة استجلاب المحروقات والسلع الأساسية وتوفير ودعم الخدمات الضرورية في قطاعي التعليم والصحة.
فلو تم تطبيق ذلك البرنامج منذ ديسمبر 2019 عندما تم طرحه على وزير المالية الأسبق لحدث استقرار في سعر صرف الجنيه السائد حينها، ولكن التشبث ببرنامج شاتام هاوس أدى لتجاهل هذا البرنامج ورفضه والتمسك ببرنامج لا يخرج عن إجراءات مالية محددة تتمثل في رفع الدعم وتخفيض قيمة الجنيه والاعتماد على الرأسمالية الطفيلية، وتطبيق السياسات التي تخدم الرأسمالية العالمية، فكان هذا الوضع الماثل الآن والذي يعيشه الشعب، وإن الحل لأزمة البلاد يكمن في العودة لبرنامج حشد الموارد الداخلية، وإعادة التفاوض مع مؤسسات التمويل الدولية وصندوق النقد الدولي على أساس احترام حق السودان في اتباع سياسة اقتصادية داخلية تنسجم مع متطلباته وفهمه لواقعه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.