محمد عثمان الرضي يكتب :سؤال برئ.. أين تذهب عائدات الذهب؟
عقب انفصال جنوب السودان فقد السودان حوالي الـ80% من عائدات البترول، وذلك لتبعية حقول إنتاج النفط إلى الدولة الوليدة دولة جنوب السودان، وقطعاً أحدث ذلك هزه اقتصادية كبيرة للسودان لم يتعاف منها، وظهر ذلك جلياً في التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه السودان من ذات التوقيت.
وبالرغم من عظمة وجسامة الصدمه بفقدان هذا المورد الاقتصادي الضخم، إلا أن ظهور مورد الذهب بكميات كبيرة ساهم وبصورة كبيرة من امتصاص صدمة فقدان مورد النفط وأدخل الأمل في نفوس المواطنين، وتوجه المئات من المواطنين إلى مناجم الذهب في شتى بقاع السودان بحثاً عن الذهب، ومنهم من ظفر وتحصل على كميات من الذهب فتحولت حياته من فقر مدقع إلى غنىً فاحش، ومنهم من لم يوفق في ذلك ولن تضعف عزيمته في البحث عن الغنى.
وفقاً لتصريحات وزير المعادن الأسبق هاشم علي سالم بان السودان يحتل المركز الثاني في القارة الأفريقية من حيث إنتاج الذهب، والمركز التاسع على مستوى العالم.
وفي ذات الإطار، أعلن وزير المعادن الحالي محمد بشير أبو نمو أن حجم المبيعات من الذهب في خلال الخمس سنوات من 2015 الى 2020 بلغ حوالي الـ13مليون جرام وبتكلفة قدرها 437 مليون دولار، وفي الفترة من شهر يونيو 2020 وحتى شهر فبراير 2021 بلغ حجم المبيعات 2 مليون جرام بتكلفة قدرها 140 مليون دولار، وبلغ حجم المبيعات في الفترة من شهر مارس وحتى شهر يونيو الجاري حوالي 36 مليون دولار.
ومن خلال الإحصائيات الصادرة من وزارة المعادن عن حجم الإنتاج والمبيعات من مورد الذهب تحديداً، يقفز إلى الأذهان العديد من الأسئلة، أولها أين تذهب عائدات الذهب؟ وما هي مشروعات المسؤولية المجتمعية تجاه سكان مناطق الإنتاج في توفير الخدمات التعليمية والصحية والأمنية؟ علماً بأن مناطق الإنتاج من أفقر المناطق من حيث الخدمات الضرورية.
تظل مشكلة تهريب الذهب من أكبر المشاكل التي تواجه الحكومة الانتقالية، وإذا ما قارنا حجم المنتج مع حجم الكميات المهربة، نجد ان الفرق كبير جداً، فقط ما يدخل من حصائل الصادر من الذهب تحديداً لا يتجاوز 30% في أحسن حالاته، بينما الذهب المهرب إلى خارج البلاد بمختلف المنافذ المعلوم منها والمجهول يقدر بحوالي 70% من كمية الإنتاج.
الأساليب المستخدمة من قبل شرطة مكافحة التهريب، قديمة جداً وعفا عليها الدهر ويتطلب ذلك تحديث وتطوير وسائل المراقبة والمتابعة، إلى جانب تدريب وتطوير الكادر البشري الذي تُوكل إليه هذه المهمة، مما سيساهم ذلك في التقليل والحد من ظاهرة التهريب.
توفير المُعينات اللازمة من آليات حديثة ومواكبة للعمل في مجال استكشاف مناجم الذهب، إلى جانب تشجيع الخريجين من كليات المعادن بمختلف الجامعات السودانية للولوج إلى مناطق الإنتاج، وذلك لتطبيق ما تتم دراسته نظرياً إلى الواقع العملي في داخل مناطق الإنتاج.
رفع الحس الوطني لدى المُنتجين السُّودانيين بضرورة إدراكهم بخطورة التهريب على الاقتصاد الوطني، وان جريمة التهريب تعد من جرائم الخيانة العظمى، وذلك من خلال إعداد دورات تدريبية من قبل مختصين في المجال الاقتصادي، وشريطة أن تعقد هذه الدورات في مناطق الإنتاج، يتم من خلالها شرح خطورة التهريب في الاقتصاد وما يترتّب على ذلك من مخاطر، وقطعاً مثل هذه الرسائل التوعوية ستنعكس إيجاباً فى الحد من ظاهرة التهريب.
لا بد من وضع شروط حاسمة في تحديد شكل العلاقة ما بين المستثمر في مجال الذهب وأصحاب المصلحة الحقيقيين في تخصيص نسبة معلومة من عائدات الذهب يتم الاتفاق فيها بين الطرفين بالتراضي، وان لا يكون ذلك خصماً على الرسوم التي تتقاضاها الدولة من أصحاب الشركات المحلية او الاحنبية العاملة في هذا المجال.
التعدين الأهلي او التقليدي يحتاج إلى وقفة حقيقية من قبل الحكومة في تنظيم هذا القطاع الحيوي والمهم، حتى الآن لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد العاملين في هذا القطاع، وايضاً غير معلوم حجم الإنتاج وأين تذهب عائداته، علما بان التعدين الأهلي والتقليدي أكثر انتشاراً من التعدين المُنظّم.