الخرطوم ـ محجوب عثمان
عدد كبير من الأسر السودانية تتطلع ابتداءً من اليوم الجمعة للدخول في المنعطف الأخير لحصاد احد عشر عاما من دراسة ابنائها، كونهم يجلسون لامتحانات الشهادة السودانية غدا السبت، الذي يعد بكل المقاييس فاصلة عمرية في غاية الاهمية ليس فقط في الفصل ما بين الدراسة الاساسية والتخصص الجامعي، ولكن ايضا يعد فاصلة عمرية ما بين الصبا والشباب، اذ تكون الامتحانات غالبا في مرحلة المراهقة التي تتطلب من الاسر التعامل بحذر مع الطلاب، بغية احراز درجات مرضية تقودهم للدخول في الجامعات وتمكنهم من اختيار الدراسة التي يرغبون فيها.
وارتفع عدد التلاميذ الجالسين لهذا العام إلى 191,287 منهم 92,672 بنين و98,615 بنات، موزعين على 987 مركزًا داخليًا و16 خارجيًا. يمتحن غالبيتهم داخل السودان، بينما يجلس آخرون في عدد من المراكز الخارجية، منها مركزان بكلّ من السعودية، ليبيا، مصر، تشاد، ومركز واحد بكلٍ من كينيا، أوغندا، أديس أبابا، باكستان، اندونيسيا، بكين وقطر.
تحديات كبيرة
وتأتي امتحانات الشهادة السودانية هذا العام في ظل تحديات كبيرة كادت ان تعصف بها في احايين كثيرة فقد ألغى انتشار فيروس كورونا والاشتراطات الصحية والاغلاق الذي فرضته السلطات الصحية، الكثير من ايام العام الدراسي ما جعل المدارس الحكومية والخاصة امام تحدى اكمال المنهج المقرر ابتداءً، ومن ثم توفير الوقت اللازم للمراجعات والمناشط الاخرى التي تعين الطلاب على اكمال الجرعة الدراسية التي تؤهلهم لخوض الامتحانات، كما فاقم تردي التيار الكهربائي والقطوعات اليومية المبرمجة من معاناة الطلاب الذين لم يتمكنوا من مراجعة دروسهم واستذكارها بالصورة المطلوبة، كما ساهم التخبط الاداري الذي صاحب العمل في الوزارة في اطفاء المزيد من العنت على الطلاب ايضا.. كل ذلك اصبح عقبات كأداء يجب على الطلاب تخطيها والعبور فوق ألغامها للوصول الى الامتحانات والتي كانت حتى امس في كف عفريت لم تقطع الحكومة بقيامها ام لا.
مشكلات إدارية
ومن ضمن العقبات والتحديات التي واجهت امتحانات الشهادة السودانية لهذا العام، كان الفراغ الاداري الذي عانت منه وزارة التربية والتعليم التي بدأت العام الدراسي بأزمات متتالية بدأت من الحملة الشعواء ضد المناهج الجديدة ولم تنته بتقديم وزيرها لاستقالته وعدم تعيين وزير للوزارة في التشكيل الجديد لخلافات بين المكونات التي تحضن الحكومة الانتقالية، فظلت الوزارة بغير وزير تتخبط في كثير من القرارات وتخرج من ازمة لتقابل اخرى والتي كان آخرها عدم وصول ارقام الجلوس للتلاميذ الممتحنين حتى يوم امس الأول وهو امر يحدث للمرة الاولى في تاريخ السودان التعليمي الذي امتد لاكثر من 100 عام.
أرقام الجلوس
ولاحقا، تم حل مشكلة ارقام الجلوس، وكشف مدير الإدارة العامة للتعليم الثانوي بابكر بخيت عن الأسباب الكامنة خلف تأخير تسليم الارقام لطلاب الشهادة الثانوية بولاية الخرطوم هذا العام.
وقال “بخيت” ان الولاية سلمت اعمالها الفنية لامتحانات السودان في الثامن من يونيو وأغلقت كافة مراكزها، إلا أن إدارة امتحانات السودان اقرت فتح (14) مركزا جديدا بمعدل مركزين بنين وبنات بكل محلية من محليات الولاية، ولم يرد للولاية أمر بإغلاق هذه المراكز إلا يوم السبت الموافق 12 يونيو الجاري.
الشرطة توقف متهماً
ومن العقبات التي تواجه الشهادة السودانية خلال الاعوام الاخيرة، أيضا كشف الامتحانات، وقد اعلن وزير الداخلية، الفريق اول عز الدين الشيخ، أن اللجنة العليا لتأمين امتحانات الشهادة السودانية، ظلت في حالة انعقاد دائم من اجل تأمين الامتحانات، وأوضح أن كل الترتيبات قد اكتملت بداخل وخارج السودان. وكشف عن توقيف شخص، قال الوزير، إنه بث شائعة حول تسريب امتحانات الشهادة السودانية، مؤكداً معاملته وفق القانون. ودعا لعدم الالتفات للشائعات المرتبطة بتسريب الامتحانات، وقال “نناشد الأسر بعدم الالتفات لهذه الشائعات”.
وأشار وزير الداخلية إلى أن الشهادة السودانية، تعد احد ممسكات الأمن القومي وتهم كل الشعب.
تشديد الاجراءات
واكد مدير امتحانات السودان محمود سر الختم الحوري فتح بلاغ واحد هذا العام في نيابة المعلوماتية بحق صفحة في الفيسبوك قام صاحبها بدبلجة لامتحان قديم لمادة اللغة العربية واضعا تاريخا جديدا عليه لتضليل الطلاب بأن ما نشره هو امتحان هذه العام، إلا أننا رصدنا الصفحة وتم تدوين بلاغ ومن ثم إلقاء القبض على صاحبها وهو قيد التحري.
ودعا الحوري، الأسر إلى ضروره التحلي بالصبر وعدم التركيز على الشائعات، كما طالبهم بعدم السماح لأبنائهم بحمل الهواتف الذكية للامتحانات تحت أي ظرف، وأكد أن الوزارة لن تتهاون في هذه الجانب وسوف تطبق اللائحة وذلك بمنح الطالب سلوكا في شهادته وحرمانه من الجلوس للامتحانات لخمسة أعوام في حال تم القبض عليه يحمل هاتفا في غرفة الامتحانات.
قطع الإنترنت
وتأكيداً لتشديد الإجراءات ومنع الغش في امتحانات الشهادة السودانية هذا العام، اكد مدير امتحانات السودان محمود سر الختم الحوري قطع خدمة الإنترنت طوال ايام امتحانات الشهادة السودانية عن كل السودان لمدة 3 ساعات تبدأ من الثامنة صباحا حتى الحادية عشرة لشرائح الهواتف الذكية، الهدف منه ضمان سرية الامتحانات.
إضراب المعلمين
وقبيل الامتحانات، أعلنت لجنة المعلمين إضرابا للمعلمين دافعة بعدة مطالب، على رأسها زيادة طبيعة العمل والتأمين على مطالب تتعلق بإدارة وزارة التربية والتعليم، ما دفع الحكومة على اعلى مستوياتها ان تلتفت لمشكلة عاجلة ربما تعصف باستقرار البلاد، اذ تعد الشهادة السودانية على مدى عمرها قضية مرتبطة بالامن القومي
اهتمام عالي المستوى
الحديث عن العقبات التي تواجه الشهادة السودانية والفراغ الاداري الذي تعيشه الوزارة دفع رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك الاسبوع الماضي لعقد اجتماع مع الوزيرة المكلفة تماضر الطريفي، اطلعته خلاله على الاستعدادات لعقد امتحانات الشهادة السودانية واكدت قيامها في موعدها، وناقش اللقاء العقبات التي تعترض سير أداء وزارة التربية والتعليم وأوضاع المعلمين بجانب قضايا أخرى متعلقة بالوزارة، ووعد رئيس الوزراء بتذليل كافة العقبات بشكل فوري خاصة المتعلقة بالمعلمين.
حل مشكلات
ولم يكتف رئيس الوزراء بلقاء الوزيرة المكلفة، لكنه عمد لعقد لقاء مع لجنة المعلمين استمع من خلاله للمشاكل التي دفعتهم للتلويح بالاضراب، وناقش معهم مجموعة من القضايا والطلبات التي تقدموا بها، وأكد على اهمية هذه المطالب العادلة شاكراً لممثلي اللجنة على الدور الكبير الذي يقوم به المعلم في هذه المرحلة المهمة من تاريخ السودان.
وقال ممثل لجنة المعلمين عمار يوسف إن لقاء اللجنة كان على خلفية لجنة إزالة التشوهات في راتب المعلم والتي واصلت أعمالها منذ 27 نوفمبر، موضحاً أن اللقاء خرج بجملة قرارات وتوجيهات متمثلة في زيادة طبيعة العمل للمعلم من 35% إلى 50% خلال هذا العام على أن تتم مراجعتها في موازنة العام المقبل، كما تم النظر في إعفاء المعلمين من ضريبة الدخل الشخصي، موضحاَ أن رئيس مجلس الوزراء استجاب لمطلب المعلمين العادل وللتمييز الإيجابي للمعلمين على أن تتم مراجعة هذا الأمر فيما يخص التشريعات والقوانين مع ديوان الضرائب.
ضوء في آخر النفق
ورغم العقبات التي تواجه الامتحانات والتخوف من عدم قيامها، كشف مدير الإدارة العامة للتعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم بابكر بخيت عن استلام الوزارة لامتحانات الشهادة الثانوية من إدارة امتحانات السودان ونقلها الى المخازن بالمحليات.
وقال: بدأت عملية استلام الامتحانات امس الأربعاء لعدد (3) محليات وهي أم درمان وأم بدة وكرري ، وتم امس الخميس تسليم محليات الخرطوم ، وبحري وجبل أولياء وشرق النيل.
وأوضح “بخيت” أن جملة مخازن الامتحانات بالولاية هي (58) مخزنا موزعة في جميع محليات الولاية السبع.
مأساة على شرفة الامتحانات
وربما لم تكتف الاقدار بالمعوقات التي صاحت مسيرة العام الدراسي وامتحانات الشهادة السودان، فقد فجعت محلية شرق جبل مرة امس بمصرع 7 طلاب وإصابة 12 آخرين من الممتحنين للشهادة الثانوية، في حادث سير أثناء نقلهم من مناطق سيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور لمراكز امتحانات قرب نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
وقال المدير التنفيذي لمحلية شرق جبل مرة بولاية جنوب دارفور طاهر أحمد إن حادث السير وقع عندما كان الطلاب في طريقهم الى مراكز امتحانات الشهادة الثانوية في منطقة مرشينج شمالي مدينة نيالا حاضرة الولاية، موضحا ان احد البصات التي تقل الطلاب تعرض لحادث سير بالقرب من منطقة الملم شمال نيالا، ما تسبب في وفاة 7 طلاب في الحال واصابة 12 آخرين تم اسعافهم الى مستشفيات نيالا.
ويجلس نحو 1413 طالبا وطالبة لامتحانات الشهادة الثانوية من محلية شرق جبل مرة في محلية مرشينج التي تبعد نحو 85 كلم من منطقة جبل مرة التي يخضع جزء كبير منها لسيطرة حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور.