خبر طريف أوردته إذاعة (بي بي سي) قبل سنوات خلت، مفاده أن الحكومة اليوغندية قررت بيع العشرات من الماشية التي أُهديت إلى الرئيس يوري موسيفيني، لكن المعارضة أعربت عن قلق من بيع هدايا قُدِّمت لرئيس الدولة بهذه الطريقة، غير أن متحدثاً رئاسياً أفحم المعارضة بتوضيحه أن هذه الأبقار في الأصل مملوكة للحكومة وتحت رعاية الدولة، والحكومة هي التي تتكفّل بإعلافها ومعيشتها وسقيها، ويبدو ان المعارضة أذعنت لهذا الرد لأن صمتها إزاء الرد الحكومي يُنبئ بأنهم (لم يكذبوه ويعقروها).
البقر الرئاسي المزمع بيعه في مزاد علني هو بقر طاعن في السن، أمضى ما يزيد عن الست سنوات بمزرعة الرئيس يوري موسيفيني الذي يوقر الأبقار ويمنحها محبته الخاصة، على خلفية انتمائه لقبيلته التي تعيش جنوب غرب يوغندا والمعروفة بتقديسها للأبقار باعتبار رمزية للرفاه والجاه والثروة.
الحجم الكلي للمزاد من الحيوانات الأليفة يتكون من 117 بقرة، 26 خروفاً و10 غزلان، وهذه التراتبية تعكس المزاج اليوغندي المطبوع على حب الأبقار حباً يعليها على الضأن والجداء، رغم أن الأخيرين يتمتعان بلحم أشهى من لحم البقر من ناحيتي الطزاجة و(المقرشة).
على خلفية ان هذه الأبقار طاعنه في السن، ترى المعارضة أنها لن تحصل على أسعار جيدة، غير أن المعارضة فاتها أن الذي يقدم على شراء بقرة من هذا (البقر الرئاسي) لا يقصد شراء لحمها بقدر ما يقصد القيمة المعنوية للبقرة ويقصد الإسقاط الباطني لهذه الرمزية، فهو لا يشتري لحماً بقدر ما يشتري (مرسوماً دستورياً) وتلك هي تجليات الأنعام!
لحم البقر المسن والثيران الطاعنة في السن مثار سخرية جزاري (زنك أم درمان)، كان الجزار الذي يقدم على ذبح مثل هذه البهائم يُقابل بالسخرية، فكلما أقدم زبون على شراء لحم منه يُقابله صوت الجزار الآخر (اوعه من الرش)، وهذا التعبير يعني أن لحم البقر المسن من شدة تمنعه يستعصى على الأكل لأنه قوي فكلما يستطيع ذلك اللحم تقديمه لمستهلكه انه (يرش السليقة) على وجه المستهلك ويظل محافظاً على بنيته!
دعا جار جاره ذات مرة للعشاء وقدم له مثل هذا النوع من لحم البقر المسن، (فعافر) الجار محاولاً إصابة مزعة لحم منه، غير أن مساعيه جانبها التوفيق فترك كل اللحم في الصحن ومضى إلى منزله، غير أنه تفاجأ بوجود ضيف بعد عودته، فصعد من الحائط (كورك ليهو بالحيطة) – سقى الله بالندى الهتون تلك الأيام – (يا فلان عليك الله أديني من لحمكم دا أعشي الضيف وأرجوعو ليكم تاني)!
المنعطف الأخير الذي هزمت فيه الحكومة اليوغندية المعارضة هو ردها تساؤلها، أين ستذهب (عائدات الأبقار)، فكان رد الحكومة أنها ستصرف على المشروعات الحكومية – لاحظ أن المعارضة اعترضت على البيع، ثم قللت من إمكان أن تحقق هذه الأبقار عائدات راجحة، ثم عادت تتساءل عن أوجه الصرف!
بدا لي أن رد الحكومة بأن هذه الأموال التي ستعود من بيع الأبقار ستُصرف على المشروعات الحكومية صائبٌ، لأن ذلك لا يعني جيش الرب والإ لقالت إنها ستُوجّه للدفاع.