خدمات الصيانة بمطار الخرطوم.. التجاوز والغموض (1- 3)
مدير شركة (كيو سي إيه): سيأتي يوم تنعدم فيه خدمات الطيران بمطار الخرطوم
سودانير: أيلولة خدمات الصيانة للناقل الوطني يمنع التجاوزات والفساد والتلاعب في الإيرادات
مندوب (ناس) للطيران: تضررنا من عدم ممارستنا العمل بمطار الخرطوم رغم العقد المبرم
الطيران المدني: أوقفنا (كيو سي إيه) عن العمل ومصر للطيران (مرقت بالباب ودخلت بالشباك)
لم يعرف الكثير من المستفيدين من خدمات الخطوط الجوية أن تلك الطائرات تحتاج لعمليات معقدة وأحياناً خطيرة حتى تكون جاهزة للتحليق في الفضاء لأكثر من 20 ساعة في بعض السفريات، حيث لابد أن تتلقى تلك الطائرات خدمات الصيانة متى هبطت في أي مطار في العالم تكون تلك الخدمات مقدمة من شركة معروفة لها شروط محددة حسب قانون (الإياسا) وما لا يعلمه البعض أيضاً أن تلك الخدمات باهظة التكلفة والثمن ويمكن أن تأتي بعائد كبير ومجزٍ تكون نتائجه واضحة على الشركة التي تقدم تلك الخدمة إذا كانت خاصة والدولة والناقل الوطني إذا كانت حكومية وهو عكس ما يحدث في مطار الخرطوم، حيث كانت تمتلك سودانير هذه الخدمة، ولكن مع سبق الإصرار تم تدمير الناقل الوطني، آلت تلك الخدمة لشركة مصر للطيران بعد التعاقد مع سودانير لمدة محددة ومع نشوب بعض الخلافات بين مصر والإمارات وقطر منعت القطرية والإماراتية مصر للطيران أن تقدم لها خدمات الصيانة، فتم تأسيس شركة على عجل جاءت بمهندسين أجانب وعمال سودانيين لتقديم تلك الخدمة للخطوط القطرية دون الحصول على تصديق من سلطة الطيران المدني يخول لها تقديم تلك الخدمة وفي ذات الأثناء ألغت سودانير شراكتها مع مصر للطيران وتعاقدت مع شركة (ناس) الكويتية لتقديم تلك الخدمة، إلا أن الأخيرة لم تغادر مطار الخرطوم وظلت موجودة تقدم ذات الخدمة بدون تصريح أو تصديق من السلطة بعد انتهاء مدتها وهو أمر ربما يعرض الأمن والسلامة الجوية بمطار الخرطوم للخطر، بينما شركة (ناس) والتي فازت بالخدمة من خلال عطاء طرحته الدولة حسب شروط العطاءات بوزارة المالية ما زالت تنتظر أن تغادر مصر للطيران المطار وحولت خدماتها لشركة (بدر) للطيران دون مرعاة للقوانين التي تمنع ذلك.
(الصيحة) هبطت أرضية مطار الخرطوم لاستكشاف ما يدور فخرجت بسلسلة من الحلقات تكشف ما يدور وراء الكواليس.
تحقيق ـــ النذير دفع الله
سودانير لم تواكب التطور
مدير إدارة الصيانة بالخطوط الجوية السودانية مهندس عادل صلاح الدين، أكد (للصيحة)، أن الخدمات الأرضية التي تقدم في كل المطارات المختلفة دائماً تكون خدمات تدر مبالغ ضخمة للشركات الوطنية الخاصة بالبلد المعني، وهي عبر الناقل الوطني تذهب للمالية لتطوير الطيران والناقل الوطني وتساهم في الدخل القومي عبر الشركات منها المناولة الأرضية والمعدات الأرضية التي تقدم الخدمات المختلفة للطيران، وهي من خدمات (الترانزيت) وخدمات الطائرة والسفريات في مطارات الخرطوم للطيران (الترانزيت)، وهي تتضمن خدمات للطائرات وخدمات الركاب، مضيفاً أن خدمات الطائرات تتمثل في المعدات الأرضية مباشرة للطائرة منها (التركتورات والسيور والسلالم)، وهي تصب في خدمة الطائرة من رفع (العفش) وبعض الخدمات مثل العربات الخاصة بالمرضى وعربات نقل الركاب من الصالات للطائرة وخدمة المولدات التي تعطي الكهرباء وخدمات التكييف للطائرة إذا احتاجت للتكييف أثناء وجودها في الأرض في المطار.
وأشار عادل إلى أن هذه المعدات تدر مبالغ كبيرة جداً للجهات التي تقدم هذه الخدمة في المطار، وتمتد الخدمات لتشمل خدمات الصالات والأسواق الحرة والتي تتضمن المناولة الأرضية وخدمات الركاب (الكاونتر).
وأوضح عادل: عندما كانت الخطوط الجوية السودانية تذهب إلى أديس أبابا كانت ملزمة بدفع مبالغ نظير كل الخدمات المتعلقة بالترانزيت، فكانت تدفع في الساعة الواحدة (للترانزيت) مبلغاً لا يقل عن(3) آلاف دولار تذهب للخطوط الإثيوبية باعتبار أن هذه الخدمة حصرياً تقوم بها الخطوط الإثيوبية، وهكذا في كل المطارات تكون الخدمات محصورة على الناقل الوطني لسبب واحد هو أن هذه الخدمات عندما تقدم عبر الناقل الوطني تذهب عوائدها لوزارة المالية، ولكن عندما تقدم عبر الشركات الخاصة، فإن العوائد تذهب للشركات الخاصة.
هذا فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، ولكن هناك جانب آخر سيادي عندما تؤول الخدمة للناقل الوطني تستطيع التحكم في الأموال وفي عمليات السلامة داخل المطار، وبالتالي اكتساب السمة والجودة والأمن ومنع التجاوزات القانونية، وهو أمر ضروري لابد من التركيز عليه جيداً.
وأكد عادل أن جل هذه الخدمات المذكورة غير موجودة في مطار الخرطوم، وإنما تذهب لصالح الشركات الخاصة وهو ما أدى لتأثر جودة الخدمات في قيمتها ذلك لأن المنافسة من الشركات الخاصة أكثر مما هو متاح تكون قيمة الخدمات قليلة فإذا كانت (سودانير) تدفع في مطار أديس بابا ثلاثة آلاف دولار، فإن الإثيوبية في مطار الخرطوم تدفع ألف دولار فقط وأحياناً (800) دولار، لأن الخدمة غير محصورة على الناقل الوطني، مبيناً أن خدمات الصيانة كانت محصورة للخطوط الجوية السودانية التي ما زالت تمتلك المقدرة والمنشآت والكوادر ولديها الرخص التي تسمح لها بتقديم تلك الخدمات للطائرات والشركات الأجنبية، حيث كانت سودانير تقدم خدمات الصيانة لكل الطائرات الخليجية والأوروبية، ولكن بمرور الزمن لم تواكب (سودانير) التطور الذي حدث في العالم لتلك الخدمات بسبب الحصار الاقتصادي وبسبب عدم الاهتمام والدعم من الحكومات المتعاقبة هو سبب أساسي لأن الناقل الوطني لابد من دعمه من الحكومة واستقلاليته وكينونته وأن تكون الدولة ذات معرفة بأهمية الناقل الوطني وإعطائه الأهمية اللازمة فكما هو موجود في كل العالم.
فقدان هذه الأهمية وللاسباب السابقة أعطى لأن تكون (سودانير) غير قادرة لتقديم تلك الخدمات للشركات الأجنبية، موضحاً أن سلطات الطيران المدني أعطت السماح للخطوط السودانية أن تدخل في شراكة مع شركات لديها الخبرة والتطور وبدعم من حكوماتها وهو ما تم اقتراحه لتقديم الصيانة العابرة مع شركة (مصر) للطيران مؤقتاً ولمدة ثلاث سنوات فقط على أن تنفض تلك الشراكة خلال هذه الفترة تقوم شركة (مصر) للطيران بنقل الخبرة للكوادر السودانية وتأهيل الخطوط السودانية لتكون في مستوى الشركات التي تقدم تلك الخدمة وتمتلك الشهادات المطلوبة عالمياً لتقديم تلك الخدمة، مشدداً أن شراكة الخطوط الجوية السودانية مع شركة (مصر) للطيران لم تحقق الأهداف التي من أجلها عقدت تلك الشراكة والأسوأ من ذلك أن هذه الشراكة استمرت لمدة (7) سنوات بدلاً من ثلاث، وخلال هذه الفترة حدث خلاف بين الخطوط القطرية والشركة المصرية، حيث رفضت الخطوط القطرية السماح للشركة المصرية بتقديم خدمات الصيانة العابرة، وذلك نسبة للخلاف السياسي بين البلدين، الأمر الذي دعا الخطوط القطرية للامتناع عن هبوطها بمطار الخرطوم إذا كانت الشركة المصرية هي من تقدم الخدمة، فجاءت شركة مغربية وهي (كيو سي إي) وهي شركة تم تسجيلها وتكوينها مع كابتن سوداني معروف عندما علم بطلب الخطوط القطرية جاءوا ببعض المغاربة الذين يحملون (عدة) في أيديهم وأسسوا هذه الشركة لتقديم الخدمة وهي فقط لخدمة الخطوط القطرية حصرياً، ولكن للأسف تمددت تلك الشركة في الخرطوم وداخل المطار لتقوم بتقديم خدمات الصيانة لعدد من الشركات منها (فلاي دبي ــ الإماراتية ــ والتركية ).
تجاوز صريح
مندوب شركة (ناس) الكويتية مهندس حاتم عبد الرازق قال (للصيحة): علمنا بطرح عطاء لشركات خدمة صيانة الطائرات وتقدمنا من بين الشركات وفزنا بالعطاء، ولكن تفاجانأ بعد الفوز بالعطاء المطروح بعد إخطار المالية ووزارة العدل ومجلس إدارة الشركة السودانية العطاء ضم 14 شركة فازت فيه شركة (ناس) الكويتية.
وأضاف حاتم: هناك ميزتان جعلت شركة ناس تفوز بالعطاء، وهي أن الشركة السودانية للخطوط الجوية لديها كوادر غير مؤهلة و(ناس) أعطت سودانير خيار أن تفسخ العقد في أي وقت أحست فيه بأن كوادرها أصبحوا على قدر من التدريب يمكنهم من تقديم الخدمة دون الحاجة لأي شركة مساعدة خلال فترة خمس سنوات للعقد، وقررت (ناس) أن تستوعب عدداً من كوادر سودانير لاكتساب الخبرة وتسجيل أسمائهم ضمن كشوفات الصيانة، واختارت عشرة منهم ليكونوا على الدوام ضمن طاقم (ناس) وإعطائهم أختام وأسماء معروفة في (الإياسا) وهو السبب الذي تم ذكره ضمن مذكرة التفاهم وجعل شركة (ناس) تفوز بالعطاء، وهو ما سيكلف (ناس) ثمناً غالياً يصل لسحب الرخصة التي تصل تكلفتها لمليون دولار في حال حدوث خطأ من جانب الكوادر السودانية، ولكن نسبة لمعرفة (ناس) بمؤهلات ومقدرات السودانيين أقنعنا الشركة بقبول المذكرة، وأن (التيم) سيكون مشتركاً بواسطة رقابة مشتركة.
وكشف حاتم أن الطيران المدني أدخلنا في مستنقع، أعطانا تصديقاً لممارسة المهمة، وأصبحنا موجودين في المنتصف. كاشفًا أن شركة (ناس) تضررت كثيرًا من عدم ممارستها للعمل بمطار الخرطوم رغم العقد المبرم بينها والخطوط السودانية الذي على ضوئه تم استجلاب عدد من المهندسين للخرطوم واستضافتهم في مقر الخطوط السودانية، حيث تبلغ قيمة الصرف الشهري (40) ألف دولار للمهندسين بدون أدنى خدمة أو مسؤولية للطيران المدني. كما أقدمت شركة (ناس) على استجلاب معدات جديدة لبداية العمل بأكثر من 150 ألف دولار، مضيفاً أن الشركة الكويتية أبلغت بعض الشركات الأجنبية لتقديم الخدمة باعتبارها المخدم الجديد بدلاً من مصر للطيران، لكن تلك الشركات أكدت بأن مصر للطيران ما زالت هي من تقدم الخدمة، ولم تخطر تلك الشركات بإنهاء عقدها مع سودانير.
وقال حاتم: سلطة الطيران المدني كشفت من خلال عدة اجتماعات ثنائية أن مصر للطيران ليس لديها تصديق لمزاولة أعمال الصيانة وسيتم إيقافهم، ولكن مر عام ونصف ولم يحدث جديد. مشددًا أن حق الرخصة حصرياً على سودانير، وأدبيًا كان لمصر للطيران أن تغادر مطار الخرطوم ووجودها داخل المطار بدون إذن أو تصديق من السلطة لا أفهمه أبداً.
خلاف الشركات
مدير ومؤسس شركة (كيو سي إيه) الكابتن وداعة قال (للصيحة)، إن سودانير ليس لديها رخصة (الإياسا) هي معتمدة أوروبياً، ولكنها جاءت بشركة مصر للطيران من أجل تقديم خدمة صيانة الطائرات بمطار الخرطوم في الوقت الذي أعلنت فيه بعض شركات الطيران أن تكون مصر للطيران هي من تقدم لها الخدمة. مضيفاً: خدمة الشركات متاحة في العالم وشركة (كيو سي إيه) شركة سودانية بالشراكة مع أجانب، والمهندسون الذين يعملون بها مغاربة ويمكن أن يكونوا سودانيين إذا اجتازت الشركة (الإياسا) من جانب السودانيين، وأنا المسؤول من هذه الشركة. وأكد وداعة ان (كيو إيه سي) تم تأسيسها بعد أن جاءت شركة مصر للطيران وتعاقدت مع سودانير، مبيناً: لا دخل لنا بالخطوط القطرية ولدينا شهادة (انترناشيونال) تمكننا من تقديم الخدمة لأي شركة طيران، وعلى ضوء هذه الشهادة نقوم بتقديم خدمة للخطوط القطرية وغيرها. وأوضح وداعة: عندما وقع الخلاف بين مصر وقطر والإمارات رفضت شركات الطيران القطرية والإماراتية أن تقدم لها شركة مصر للطيران خدمة الصيانة، مما جعل تلك الشركات لا تقتنع بالشركة المصرية، ولذلك أنهت سودانير العقد بينها والشركة المصرية بعد أن انتهت مدة العقد بينهما، ما اضطر سودانير أن تأتي بشركة (ناس) الكويتية لتقديم تلك الخدمات، وهي مجموعة من السودانيين يعملون في الكويت مع هذه الشركة. مضيفاً أن وزير النقل السابق حسب صلاحياته أن منح حق حكر الصيانة على سودانير، وشدد وداعة: بهذه الطريقة سيأتي يوم لا توجد فيه خدمات صيانة في مطار الخرطوم، لأن سودانير ليس لديها الإمكانات لتقديم هذه الخدمة وحدها.
وضع معقد
مدير سلطة الطيران المدني إبراهيم عدلان قال (للصيحة)، إن شركة (كيو سي إي) جاءت بهم ظروف الحرب الخليجية، وموقف قطر من مصر ولكنها شركة من جهة مسجلة في السودان باعتبارها شركة سودانية، ولكن عندما نسقط عليها القوانين فإنها لن تكون شركة سودانية وخيرناهم بين أمرين إما يكونوا شركة سودانية، وبالتالي التعامل معهم يحتاج تفاصيل محددة أو شركة مغربية، وكذلك التعامل معها محدد. كاشفاً أن الشركة تم إيقافها لأكثر من شهرين من أجل توفيق أوضاعهم وإذا أصروا أن يكونوا شركة أجنبية عليهم إلغاء الشركة السودانية، وخلال هذه الفترة ليس لديهم أي نشاط يقومون به، أما إذا أردوا أن تكون شركة سودانية فهنالك أيضًا إجراءات محددة عليهم أن يتبعوها والالتزام بها إذ لا يمكن أن تأتي شركة أجنبية أو شخص أجنبي وتقول إنها سودانية بدون أخذ الموافقة.
وأوضح عدلان أن الشركة المصرية للطيران توجد بها بعض التعقيدات في الطريقة التي نالت بها العقد، وكذلك إذا أرادت أيضًا أن تلغي العقد لا يلغى مباشرة يجب أن تعطى الشركة أو الجهة إخطاراً مدته على الأقل 60 يوماً حسب قانون الإياتا، أنه بعد هذه المدة سيتم إيقاف الخدمة وهم يعرفون ذلك، وأضاف: لقد تم إلغاء العقد بواسطة شركة سودانير وعندما رجعوا لسلطة الطيران المدني منحنا الجهة المخدمة مدة الشهرين من أجل توفيق أوضاعها، وبعد نهاية الفترة الممنوحة لهم لم يتم التجديد لشركة مصر للطيران في أن تعمل في خدمة صيانة الطائرات.
وكشف عدلان أن شركة مصر للطيران بطريقة ما عقدت اتفاقية مع شركة بدر للطيران يعني (طلعوا بالباب ودخلوا بالشباك)، والحق الذي يعطي شركة سودانير هو نفس الحق الذي يمنح بدر للطيران الحق في التعاقد مع مصر للطيران، ولكن تبقى المشكلة أن الشركات التي تقدم لها مصر للطيران خدمات الصيانة لديهم بعض المتطلبات منها شهادة (الإياسا) أو الشهادة (45) هي شهادة غير متوفرة لسودانير وشركة (ناس) الكويتية لخدمات الطيران تمتلك هذه الشهادة. مبيناً أن الفترة التي أوقفت فيها سودانير مصر للطيران لم تكن شركة (ناس) موجودة في السودان، بل توجد أكثر من شركة تقدم الخدمة، لذلك منحنا مصر للطيران مدة 60 يوماً لتوفيق الأوضاع.
ونواصل