تقرير- أمنية مكاوي
أعلن رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار تجميد نشاط وعضوية الأمين العام للحركة إسماعيل خميس جلاب ليقطع أمامه الطريق، بتقديم اتهامات، وأكد عقار أن كل الاتهامات التي صاغها جلاب في مؤتمر صحفي سابق ليست حقائق. وفي ذات الوقت جاء إعلان الجنرال جلاب انسلاخه عن الحركة الشعبية والانضمام لقيادة تحالف مسار خارج المنطقتين بقيادة الفريق عمر سيد وهو موقع على اتفاق السلام في جوبا (جبال النوبة.. والنيل الأزرق) وتكوين تحالف يضم قوى التغيير من خارج المنطقتين بزعامة الجنرال جلاب وفسر خطوة مالك بالتجميد لتبرئة ساحته أمام الرأي العام.
وفي خطوة مفاجئة يوم أمس أصدر الجنرال خميس جلاب قرار فصل بحق القائد مالك عقار ونائبه ياسر عرمان عن الحركة الشعبية، وأوضح جلاب أن هذا القرار أتت به جماهير الحركة الشعبية وكمطلب لهذه الجماهير التي ترى أن السيدين مالك عقار والقائد بالشعبية ياسر عرمان عطلا الحركة عن القيام بأدوارها خدمة لجماهيرها العريضة، وهي قد انحازت لمسار السلام. بيد أن مراقبين يرون أن هذه التداعيات ليست بجديدة على الحركة الشعبية جناح عقار، فقد شهدت ساحتها من قبل سيناريوهات شبيهة عصفت بقيادات عن الإطار التنظيمي للحركة، كما شهدت في وقت مبكر قبيل الدخول لمفاوضات جوبا وعقب العام 2010 انحساراً وتمايزاً في الصفوف وسطها أدى لانشقاقها لنصفين، ترأس عقار هذا الفصيل ترأس الحلو الفصيل الآخر الذي يفاوض الحكومة الآن منفصلاً بمنبر جوبا. في صورة تؤكد درجة التشظي وسطها.. فهل ستستمر لعنة الخلافات والسيطرة تطارد قيادات الشعبية في فصائلها المختلفة أم أن ما يجري خلافات عارضة ستزول بجلسات المصالحة؟
وجهة الخلاف الحقيقي
يظل السؤال عن ماهية أسباب الأزمة الأساسية شاغلاً لكل الأوساط، ولكن أسباب الأزمة الأساسية بحسب الحركة نفسها تأتي عن العمل الدستوري والعمل المنظم من خلال الهياكل التنظيمية للحركة الشعبية، ولكن مالك عقار وياسر عرمان ووفقاً لتاريخهما في الحركة فقد آثرا العمل بانفراد الرأي وليس لديهما مؤسسية ولم يعملان بالدستور لا الهياكل التنظيمية، لذلك قراراتهما ليست في مصلحة الكيان وغير صحيحة، وهذا هو سبب الخلاف بين جلاب وعقار، فجلاب يريد العمل بحكم الدستور والمؤسسية ومرجعية العمل. وأكد السنوسي محمد كوكو لـ(الصيحة) أن خطوة فصل عقار ليست ردة فعل وإنما تم طرح مبادرة لم شمل الحركة الشعبية والجيش الشعبي من قبل الجنرال خميس جلاب وتم إعلان عقار وياسر ولكنهما و للأسف رفضا هذه المبادرة بل حاولا تعميق الخلاف وخلق انقسامات داخل الحركة، وقال كوكو: ليس لدينا خيار أمامنا غير اجتماع اللجنة السياسية العليا وهي التي تعقد المؤتمر وتأخذ حق قرارات الحركة وزاد: (الإنسان لو مريض ممكن يأخذ الدواء حتى ولو كان مراً، عشان يتعالج).
الموقع السيادي
وكشف السنوسي في حديثه لـ(الصيحة) عن الخطوة القادمة للحركة الشعبية وقال إنها تبدأ بأداء القسم بالنسبة لرئيس الحركة والتي كان متوقعاً لها اليوم ومن ثم يتم تشكيل كل الهياكل الموجودة ثم مخاطبة المجلس السيادي لأن المقعد الموجود فيه اليوم هو مقعد الحركة الشعبية وهذا من حق الحركة أن تأخذ المقعد.
وتوقع السنوسي تنصيب الجنرال خميس جلاب بالمواقع التي كان يشغلها رئيس الحركة سابقاً بحكم موقعه في رئاسة الحركة وشغل المنصب بعضوية مجلس السيادة بالإضافة إلى أن الترتيبات الأمنية لجبال النوبة وغرب كردفان والجيش الشعبي الموجود خارج المنطقتين الآن تحت قيادة خميس. مشيراً إلى أنه بالنسبة للدمازين والنيل الأزرق تكون الترتيبات الأمنية في كل معسكرات الحركة الشعبية ونحن جاهزون لهذا الوضع وتحدثنا عن ذلك في وقت سابق.
مصير اتفاقية جوبا
الناطق الرسمي الأستاذ السنوسي قال إن إقالة رئيس الحركة سابقاً مالك عقار لا تؤثر على اتفاق جوبا لأن الجنرال خميس جلاب وقع على ملفين في اتفاق جوبا وهما الملف السياسي وملف الشؤون الاجتماعية وهذه ليست المسألة والتي تعتبر “تنظيمية بحتة”، وقال إن الحكومة ليس لديها الحق أن تنفذ قرارا بغير رغبة الحركة الشعبية لأن التعامل ليس مع الأشخاص بل يكون مع الكيانات وأن التعامل مع الأشخاص ليس لديه قيمة بيد أن الحكومة إذا أرادت أن تتعامل مع نخب دون الكيان في هذا شأن واتجاه آخر. وجدد السنوسي بأن مبادرة لم الشمل لا زالت اليوم متاحة وبابها مفتوح لكل من يبحث انضمامه مرة أخرى إلى الحركة حتى مالك عقار وياسر عرمان نفسيهما إذا قدما اعتذارا لجماهير الحركة اليوم قبل بكرة نضع أيادينا فوق بعض وبإمكانهم الدخول مرة أخرى بالحركة.
ويرى مراقبون أن هذه الانفصالات التي تأخذ مجراها في صفوف الحركات والأحزاب السياسية في الراهن السياسي تعتبر من التفاصيل التي قد تعوق عملية السلام حتى إذا جاء الحلو وفصيله، وأشاروا إلى أن ما يجري يعتبر بعض ميول الأنفس للتملك والسيطرة عقب ظهور بوادر المناطقية والحصصية في توزيع المناصب بالدولة مناشدين هذه المؤسسات ترك الرؤية الضيقة والاتجاه للأهداف التي من أجلها حملوا السلاح ضد الحكومة السابقة.