بهاء الدين قمر الدين يكتب : جنوب كردفان.. الموت (سمبلة وهملة)!؟
كشف وزير الصحة الاتحادي الدكتور عمر محمد النجيب، أن أعلى نسبة وفاة في تاريخ السودان موجودة ومسجلة في ولاية جنوب كردفان؛ لعدم وجود إسعافات وأدوية ومستشفيات ومراكز صحية وأطباء وكوادر صحية وطرق معبدة!
وأقر النجيب بوجود نقص حاد يقدر بنحو (٨) آلاف ممرض بولايات كردفان الثلاث.
ووصف الوضع الصحي بجنوب كردفان بالمُرعب جداً لعدم وجود أطباء؛ سوى طبيب واحد فقط في مستشفى كادقلي!
وأعلن النجيب، عن توفير (٣٠٠) وظيفة طبيب للعمل بولايات كردفان الثلاث بشروط مغرية وامتيازات مجزية.
وأقر وزير الصحة الاتحادي بأن عدم توفر أمصال العقارب بالولاية الشمالية تسبب في الارتفاع الشديد في عدد وفيات الأطفال بمناطق المناصير!
والله العظيم؛ لم أصدق عيني وانا اقرأ وأطالع هذا الخبر القاتل وحديث وزير الصحة الاتحادي الخطير والمحزن (إنّ ولاية جنوب كردفان تسجل أعلى نسبة وفيات في تاريخ السودان)؛ رغم أن السيد الوزير (المحترم) لم يتكرم ولم يذكر بالتحديد كم عدد الوفيات وكم هي النسبة الضخمة والعالية التي جعلت جنوب كردفان تحتل مرتبة (الموت الأعلى) في تاريخ السودان الطويل الذي يمتد لآلاف السنين حتى اليوم!
أما السبب في ذلك الموت الكبير؛ فهو (عدم وجود إسعافات وأدوية وكوادر طبية ومستشفيات ومراكز صحية وأطباء وطرق معبدة)!؟
لا حول ولا قوة إلا بالله!
وتلك هي المصيبة الأكبر والأفدح؛ فأهلنا الطيبون يموتون في ولاية جنوب كردفان بالمئات أو الآلاف أو الملايين، لا نعلم كم العدد وكم النسبة (لأن الإحصائيات) غير موجودة أو غير مذكورة (لا فرق)؛ فهم يموتون هكذا (سمبلة وهملة) وبلا عدد؛ لأن الدولة والحكومة ووزارة الصحة لا تهتم بهم ولم توفر لهم (الحقنة والبنادول والإسبرين والدِّرِب والشاش) والدكتور أو حتى القابلة أو (الداية) البلدية!
ولم تُعبِّد لهم الحكومة الطريق ولم تسوِ لهم الشارع؛ فماتوا كما تموت الطيور والحيوانات والسوام!
وسيدنا عمر بن الخطاب يصرخ ويبكي ذات يوم؛ لأنه يخاف أن يسأله المولى عز وجل يوم الحساب الأكبر عن (بغلة) عثرت في العراق وهو في (المدينة)، لأنه لم يسوِ لها الطريق!
وأهلنا في جنوب كردفان اليوم؛ يموتون بأعداد كبيرة (ضاقت عنها السجلات الرسمية)؛ ولكنها محفوظة ومكتوبة في سجلات الخالق الديان لا تُمحى ولا تُنسى؛ تحكي ظلم الإنسان لأخيه الإنسان؛ والتهميش والتجاهل القاتل في أبشع وأفظع صوره وتجلياته!
إن توفير الأطباء والكوادر الصحية والدواء؛ هو مسؤولية وزراة الصحة الاتحادية في المقام الأول؛ وواجبها المنوط بها القيام به أولاً وأخيراً؛ وهذه الوفيات الكبيرة هي مسؤولة عنها يوم السؤال العظيم أمام المولى عز وجل!
صحيحٌ، إن البلاد ورثت تركة ثقيلة من نظام الانقاذ المباد، ووضعا مزريا وقاتلا في كل جوانب الحياة؛ ووجدت بنية تحتية صحية منهارة ومدمرة تماماً، وكل ولايات البلاد تفتقر للمستشفيات الحديثة والمراكز الصحية المتطورة والكادر الصحي المدرب والمؤهل والاطباء الاكفاء، لكن هذا لا يعني ان تتخلى وزارة الصحة اليوم عن واجباتها تماماً، في عهد ثورة ديسمبر الظافرة التي جاءت من اجل الشعب المظلوم والمقتول والمهمش في كردفان ودارفور وكل السودان!
وانطلاقاً من ذلك، فإنه يتحتم على الوزارة ان تقوم بواجبها ولو (بالحد الأدنى)؛ في إنقاذ أرواح العباد ووقف نزيف الأرواح وفقدان الأنفس الطاهرة؛ أقلاها (بأضعف الإيمان)، إنقاذ روح واحدة ونفس طاهرة فقط في جنوب كردفان وكل السودان!
اما الطرق المعبدة والشوارع المسفلتة، فذلك واجب وزارة الإسكان أو الطرق والجسور؛ أن تسفلت الطرق وتعبدها وتسويها وتنشئها حتى لا يموت عباد الله في جنوب كردفان بسبب الطرق الوعرة المميتة القاتلة!
وتوفير الأدوية والأطباء وإنشاء الطرق؛ والاهتمام بحياة المواطن هي مسؤولية الحكومة قبل كل شيء وأولاً وأخيراً!
وصدق السيد وزير الصحة الاتحادي حينما وصف الوضع الصحي بولاية جنوب كردفان بأنه (مُرعبٌ جداً)!
بل هو قاتل جداً ومحزن جداً وظالم جداً جداً!
ونحن نطرح عليك سيدي الوزير سؤالاً (حزيناً جداً)؛ ماذا فعلت أنت حتى تعالج هذا الوضع المرعب جداً؛ حتى يصبح الحال سعيداً ومطمئناً جداً!؟
ماذا فعلت حتى توقف وتضع حداً لأعلى نسبة وفيات في تاريخ السودان!؟
والواجب يجيب ويرد عنك بصوت (عال جداً) ويقول: (يجب عليك أن توفر الأطباء والكوادر الصحية والدواء وتنشئ المستشفيات والمراكز الصحية في جنوب كردفان الحزينة والمميتة جداً جداً)!
كما أن لسان الواجب وضمير المسؤولية يطالب ويلزم الدولة ووزارة الطرق والجسور والإسكان؛ بإنشاء الطرق المسفلتة والمعبدة إنقاذا لأرواح أهلنا المغلوبين على أمرهم هناك!
وولاية جنوب كردفان دفعت في الامس القريب ثمن فاتورة الحرب غالياً جداً طوال ثلاثين عاماً قاتلة هي عمر حكومة الإنقاذ الباطشة؛ موتا وإهلاكا ودمارا وافقارا وتهميشا وظلما وعدم تنمية؛ ثم تأتي الأمراض تفتك بأهلها اليوم للأسباب التي ذكرها وزير الصحة الاتحادي!
ومن هنا، نحن نطالب وزير الصحة بإعلان ولاية جنوب كردفان منطقة (كوارث وموت وهلاك)؛ ويطلب عون المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية ويستصرخ ضمير العالم الحي واليقظ؛وكذلك المنظمات الوطنية وكل ابناء ولاية جنوب كردفان الكثيرين والمنتشرين في الداخل والخارج، وكل الشعب السوداني؛ من اجل إنقاذ أهلنا في جنوب كردفان المقتولة والمحزونة والمفجوعة؛ ونصيح عاليا أدركوا أهلنا في جنوب كردفان قبل فوات الأوان؛ فالوضع لا يحتمل التأخير والتأجيل أو المماطلة والتسويف؛ فهم يموتون هكذا (سمبلة وهملة)!
وأما اعتراف السيد وزير الصحة بأن عدم توفر أمصال العقارب أدى لازدياد وفيات الأطفال بمناطق المناصير بالولاية الشمالية، فهو يكشف جانباً قاتلاً من جوانب تردي الأوضاع الصحية وانهيار البنية التحتية في المستشفيات والمراكز الصحية في بلادنا طوال سنوات الإنقاذ السوداء؛ لدرجة أن تزداد معدلات وفيات الأطفال وفلذات الأكباد بمناطق أهلنا المناصير في شمال السودان؛ بسبب عدم وجود الأمصال الواقية!
فكل الوطن أصبح موتا وخرابا ودمارا؛ في عهد الإنقاذ؛ فلا مستشفيات ولا مراكز صحية ولا علاج ولا دواء؛ فضلاً عن غياب وقلة الأطباء والكوادر الصحية في كل ولايات السودان!
ترى ماذا كانت تفعل الإنقاذ (طائر الشؤم) في بلادنا طوال ثلاثين عاماً من حكمها وإذلالها وقتلها للشعب؛ وماذا قدمت للوطن والفقراء والمساكين!؟
للأسف لم تقدم لهم الإنقاذ سوى الموت والدمار والخراب وسرقة خيرات الوطن ونهب ثرواته وإمكانياته!
ولكن كل هذا لا يعني أن نركن إلى هذا الخراب (الإنقاذي)؛ ونتخلى عن واجبنا في إنقاذ أرواح الشعب وفلذات الأكباد وتوفير أمصال العقارب لأبنائنا وأطفالنا في مناطق المناصير؛ وإعادة إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية وتوفير الأطباء والكوادر الصحية وإنشاء الطرق المسفلتة في جنوب كردفان وكل ولايات السودان؛ هذا واجب حكومة الثورة وكل الشعب وواجبنا جميعاً.
فكل الوطن وليس ولاية جنوب كردفان وحدها؛ وكل الشعب في الغرب والشرق والشمال والجنوب؛ يموت اليوم (سمبلة وهملة).
ولا حول ولا قوة إلا بالله!