أن تكون فناناً يحتاج منك لكثير غير الملكة الصوتية والموهبة فهذه هبات ربانية وهي أساس كل فنان وتتبعها ملكات مكتسبة مثل السلوك والمظهر والتعامل فالفنان يجب عليه أن يكون فناناً في كل شيء ..
الفنان (عثمان الأطرش) هو فنان في كل شيء رجل كالنسيم البارد وسط لفحة السموم هيناً ليناً محترماً لأبعد ما يكون، حضرت له حفل زواج لابن خالتنا الراحل العقيد (فتح الرحمن بشير) طيب الله ثراه في بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي ورغم صغر السن في تلك الفترة إلا أن أكثر ما لفت انتباهي أناقته ومظهره والتفاعل مع أغنيته (بت بلدي)..
مرت السنين تلو السنين وأنا في (دار الخرطوم جنوب) بيتي الثاني دخل علينا رجل في كامل أناقته وسلم علينا بنوع من التهذيب والأدب والتواضع سألت عنه فكان هو الفنان (عثمان الأطرش) استرجعت تلك الذكريات ذات الأناقة والتهذيب..
قبل أيام قليلة حملت الوسائط بوستر لجلسة بالعود بـ(اتحاد الفنانين) وكان من ضمن الفنانين الأستاذ الفنان (عثمان الأطرش) كنت حريصاً على حضور الجلسة لأستمع له عن قرب ومن جميل الصدف كانت وصلته الأولى حيث تحدث أولاً عن سر التسمية وجاءت نسبة للموسيقار المصري (فريد الأطرش) لإتقانه العزف على آلة العود وقد شهدتها واقعاً في تلك الجلسة حيث لم أشاهد شخصاً يلعب على أوتار العود مثله وتحدث عن اشتهاره بأغنية (بت بلدي) كلمات وألحان (عبد الله ود الريف)، وتحدث عن مهرجان الثقافة وذكر زملاءه بأدب جم وتواضع يحسد عليه وكيف أنهم كانوا كلهم متفوقون..
يمكننى القول إنه فنان من معدن أصيل تتقاصر دونه كلمات المدح والإطراء يشعرك أن الدنيا لسه بخير..
يبقى ما هو دورنا كمجتمع تجاه المبدعين أمثال الفنان (عثمان الأطرش) فنحن مقصرون في حقه كثيراً جدًا وهذه بمثابة وقفة لنراجع أنفسنا تجاه هذا المبدع ويكون جميلاً أن يتكامل الدور الرسمي والشعبي تجاه المبدعين..
(عثمان الأطرش)، فنان ما زال قادراً على العطاء يحتاج منا فقط المبادرات والتشجيع حتى يستطيع أن ينتج ويبدع في ظل هذه الظروف وصعوبة الإنتاج الفني الذي تقف أمامه كثير من التحديات..