ظَلّ الشعب السوداني يُعاني تدنياً في الخدمات كافّة منذ عهد الإنقاذ المُباد، مروراً بحكومة الثورة، حيث لا يجد الخدمات الأساسية البسيطة، التي يجب أن تتوفّر له “الأمن والعلاج والغذاء والتعليم”.
وأنت تسير في شوارع العاصمة، تشاهد طفح مياه الصرف الصحي على مقربة من المطاعم والكافتيريات والبقالات، وجوار مستشفى الخرطوم ركام من الأوساخ، وبائعات الأطعمة والشاي من كل جانب ونصبن خيمة داخل المستشفى، وتكاليف العلاج مرتفعة والمرضى الذين يبحثون عن المستشفيات الخاصة تطالبهم بوضع أمَنيّة مليار ونصف، وتكاليف اليوم الواحد تقدّر بــ350 ألف جنيه، يعني ثلاثمائة وخمسين مليوناً بالقديم حوالي ألف دولار، الا يضيع عشرات من الدولارات///.
وقد زُرت مستشفى إبراهيم مالك لمُعاودة مريض، وجدت أن المستشفى تعاني من نقص حاد في الاختصاصيين خاصة الصدرية وامراض التنفس وهي أمراض مربوطة بآثار كورونا المنتشرة في البلاد، والتي تسجل يومياً حالات جديدة وفقاً لوزارة الصحة.. وكان مسؤول حكومي قد صرح بأن الأدوية المنقذة للحياة معدومة، وقد سبقه تصريحات للصيادلة وشكواهم من الارتفاع الجنوني لأسعار الأدوية، والحكومة لم تتخذ أي قرار أو معالجة لتخفيف آثار أسعار الصرف على سوق الأدوية، ولم نشاهد أي أثر لهيئة الإمدادات الطبية في توفير الأدوية، خاصةً في ظل حديث يتردد عن توقف الأدوية المجانية بدعوى عدم الحصول على الأموال، في وقت دفعت فيه المنظمات الأممية ملايين الدولارات لوزارة الصحة وللحكومة الانتقالية، خاصة لجائحة كورونا، ولا ندري مَن المسؤول عن انعدام الأدوية..؟!
وفي ظل أزمة الدولار، علينا الاعتماد على الأدوية المُصنّعة محلياً، والآن أغلب المواطنين ليس لهم تأمين صحي، وتقول الحكومة إن التأمين الصحي يغطي 80% من المواطنين، وكاتب هذه السطور ليس من الــ80%.
يمكن القول، إنّ التأمين الصحي ربما يغطي العاملين في المؤسسات الحكومية والذين يتكفّل بهم ديوان الزكاة أو ما شابه ذلك، كما يجب على الدولة مراجعة شركات الأدوية من حيث المخازن والتوزيع ومحاسبة المضاربين في الدواء، ويجب على المجلس القومي للأدوية والسموم الاضطلاع بدوره فيما يجري في سوق الدواء الذي أثّر على حياة المواطنين، وعلى وزير الصناعة السيد ابراهيم الشيخ، وهو رجل أعمال قبل أن يكون وزيراً، “يعني يفهم السوق أكثر من غيره”، فعليه الوقوف مع مستوردي ومُصنِّعي الأدوية من قروض ومواد خام وتخفيض تكاليف الإنتاج حتى لا يتضرر المريض من السياسات الحكومية التي تُعيق الإنتاج.
وإذا أصبح تاجر الأدوية يشتري الدولار من السوق الأسود، فنتوقّع يومياً ارتفاعاً في أسعار الدواء على مدار اليوم والساعة، والحمد لله المصانع السودانية تنتج كل المضادات الحيوية وبعض الأدوية الأخرى.
فالمطلوب من الوزير إبراهيم الشيخ تتبّع صناعة الأدوية حتى نكتفي ذاتياً ونستطيع توفير الأدوية المُنقذة للحياة وأدوية السكري وبعض المعدات الطبية سهلة التصنيع.
ومطلوبٌ من وزير الصحة، رفع مستوى الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية، ورفع الكفاءة الإنتاجية ومستوى الجودة.. أمر الاهتمام بصحة المواطن عملٌ يأتي بالمشاركة من الأطراف كافة حكومة ومعارضة وقوى سياسية، كلها يهمها أمر صحة المواطن، الذي أصبح غير قادر على تكاليف العلاج الباهظة، والتي أصبحت فوق طاقته، “والعندو تأمين لا يغطي له”، وجودة الأدوية وتخزينها في ظل الانقطاع المستمر للكهرباء، مطلوبٌ مراجعة شاملة للمخازن.