د. عثمان البدري يكتب :بدائل الخيارات الإدارية للسودان? (1ـ3)
تم يوم الإثنين السابع من يونيو ٢٠٢١ أداء القسم للسيد مني اركو مناوي حاكماً لإقليم دارفور. وسلفاً يوجد خمسة ولاة لولايات دارفور ولم يصدر بعد تشريع أو قانون يحدد صلاحيات والعلاقات بين مستويات الحكم تلك وبينه وبين الحكومة الاتحادية وأجهزتها المختلفة رأسيا وأفقياً ووظيفياً.. وعلى المستوى الكلي هنالك تساؤل مشروع إذا تم ذلك لدارفور فمتى يتم لإقليم كردفان وهل سيتم تعيين الأستاذ عبد الرسول النور إسماعيل حاكماً لها والإقليم الأوسط وهل سيتم تسمية الدكتور إبراهيم الامين أم مصطفى عبد القادر عبد اللطيف أم إبراهيم محمود أم محمود ماهل حاكماً والإقليم الشرقي هل سيتم ترشيح حاكمه من قبل الناظر ترك ومن معه وحاكم الإقليم الشمالي هل سيرشحه مولانا الميرغني أم مجموعة محمد سيد أحمد الجكومي؟ والعاصمة القومية الخرطوم هل سيكون حاكمها الأستاذ مجذوب طلحة أم الشريف الصديق إبراهيم الهندي أم الدكتور سامي بله الحسن؟ أم هو خاصية لدارفور فقط؟ وهل هو نهج مستمر أم ترتيب مؤقت؟ وهل هو اتباع ام ابتداع؟ وقطعاً تختلف أنظمة الحكم من دولة ومن مجتمع لمجتمع ومن فترة لأخرى وبحسب استقرار التحول وتغييرها أو اضطرابها. وهنالك عدة أنماط على مستوى البناء الهيكلى للدول، فمنها الدول الكونفدرالية حيث تتمتع الوحدات بقدر واسع من الاستقلالية الداخلية والخارجية ومثال لذلك قديماً الإمبراطورية الرومانية وفي العصر الوسيط الخلافة الإسلامية وفي العصر الحديث الإمبراطورية البريطانية. وكذلك كان الحال في الولايات الأمريكية الثلاث عشرة قبل أن تصير الولايات المتحدة الأمريكية فى عام ١٧٨٩. وكانت الإمبراطورية الروسية تضم دولاً عديدة وحسب الدستور كان يمكن لكل منها أن تصير دولة مستقلة وقد أصبحت تلك الدول دولاً مستقلة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي الذي جمعها بعد ثورة ١٩١٧ وبعد الحرب العالمية الثانية. وعادت ألمانيا دولة متحدة بعد العام ١٩٩٠ بعد أن كانت شرقية ضمن دول حلف وارسو وكتلة الدول الشيوعية وغربية من ضمن دول حلف شمال الأطلسي وجزء من النظام الرأسمالي الغربي. وكانت هنالك مجموعات دول تلتقي بوضعها الجغرافى الطبيعي على درجات متفاوتة من الالتقاء والتوجه الطبيعي الجغرافي والمجتمعي وربما الإثني والديني مثل دول الجزيرة البريطانية ودول حوض الراين ودول حوض النيل الشرقي ودول حوض النيل الغربي ودول حوض الكونغو ودول حوض بحيرة تشاد ودول حوض نهر النيجر ودول حوض الامازون ودول الشام ودول الجزيرة العربية وما إلى ذلك من التقسيمات التي تطورت لاحقًا لأشكال مختلفة من الاجتماع والتصنيفات.
وفي السودان كانت هنالك عدة نماذج وأنماط في القرون الوسطى وما بعدها عند نشوء الممالك والمشيخات والسلطنات والدولة على اختلاف امتداداتها وتكويناتها، مثل مشيخة أربجى ومشيخة العبدلاب وممالك ومشيخات الشمال والمسبعات وسلطنة دارفور قبل وبعد المهدية، وحتى العام ١٩١٦ عند اغتيال الشهيد السلطان علي دينار رضي الله عنه وصحبه الأماجد.
وهنالك عدة أنظمة للدولة الواحدة الموحدة. مثلاً الدولة المصرية بها نظام مستقر للحكم من عدد لا يتغير من الوزارات والمحافظات والمجالس وحتى المجالس التشريعية لا تختلف أعداد أعضائها من فترة لأخرى. وهي تعد من الدول الجمهورية أو غير الملكية بعد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢. وهنالك أنظمة برلمانية على رأسها رئيس دولة ملكية مثل المملكة المتحدة فرأس الدولة هي أو هو رئيس الكنيسة الانجليكانية وهو أو هي رئيسة الدولة في أغلب دول الكمنولث البريطاني مثل كندا واستراليا ونيوزيلندا والنظام السياسي برلماني يحكم فيه رئيس الوزراء المنتخب من مجلس العموم ويستمر حكمه ما دام متمتعاً بالأغلبية في مجلس العموم والقائم على الانتخاب الحر المباشر بالأغلبية البسيطة فى الدوائر ولا بد أن يكون الوزراء بمستوياته الثلاثة مثل الوزراء الرئيسيين الذين يجتمعون في طاولة مطبخ منزل رئيس الوزراءKitchen Cabinet أو الوزراء The Cabinet أو حتى مستوى وزراء الدولة Ministrey. لا بد أن يتمتعوا بعضوية مجلس اللوردات المعين ومجلس العموم المنتخب. وهنالك النظام الاتحادي الرئاسي مثل الولايات المتحدة الأمريكية والذي يعطي الولايات سلطات أصيلة واسعة بنص الدستور.. وكان الدستور الأول قبل التعديلات يتكون من سبع مواد فقط. ولا يجوز تعديله إلا بثلثي مؤتمرات الولايات. ولا يجوز الجمع بين عضوية الجهاز التنفيذي والتشريعي إلا في وضعية نائب رئيس الجمهورية فقط حيث يعتبر بنص الدستور رئيساً لمجلس الشيوخ الذي تُمثل فيه الولايات الخمسون بالتساوي شيخين لكل ولاية بينما يمثل مجلس النواب الثقل الشعبي بعدد السكان. ولا يملك رئيس الجمهورية أية صلاحية لحل الكونقرس أو أياً من مجلسيه. وهنالك قائمة للسلطات الاتحادية وقائمة لسلطات الولايات والسلطات المتبقيةResidual Powers التي تنشأ فيما بعد للولايات. بينما توجد ثلاث قوائم للسلطات في بعض الأنظمة الفدرالية الأخرى مثل النظام الهندي والباكستاني. وبعض الدول تعطي نفسها صفة خاصة بها مثل جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية فنزويلا البوليفارية. وهنالك النظام البرلمانى مثل النظام الفرنسى حيث يتم انتخاب رئيس الدولة مباشرة من الشعب ويتم انتخاب رئيس الوزراء من الجمعية الوطنية والتي كانت تضم نواباً من المستعمرات الفرنسية أو كما يسمونها فرنسا ما وراء وبعض النواب فيها أصبحوا وزراء مثل ليبولد سينقور. وهنالك وزارات يعينها رئيس الجمهورية وأخرى لرئيس الوزراء ولو كان من غير حزب الرئيس.
وقد مر السودان بعدة أنظمة وأنماط من الحكم ننظر فيها إن شاء الله في الجزء الثاني.