تقرير: عبد الله عبد الرحيم
أفصحت إثيوبيا عن عزمها إقامة أكثر من (100) سد بمختلف الأحجام داخل حدودها الجغرافية في مناطق إقليمية مختلفة في الوقت الذي كشفت فيه أيضاً عزمها إنشاء قواعد عسكرية على البحر الأحمر. وقال وزير الخارجية الإثيوبي دينا مفتي، خلال مؤتمر صحفي ببلاده إن دولاً كثيرة أبدت اهتماماً بالبحر الأحمر ولا زالت تبدي اهتماماً بالسيطرة على منطقة البحر الأحمر بإنشاء قواعد عسكرية أكثر من أي وقت مضى. موضحاً أن بلاده تولي اهتماماً كبيراً بهذه القضية، مشيراً إلى أن الوضع يتغير في المنطقة ووصفه بالمقلق.
يأتي هذا، بينما لا زال أثر قيام سد النهضة وإنفاذ الملئة الأولى والثانية تمثل هاجساً كبيراً لبلدي السودان ومصر. مشيراً إلى المعارضة الكبيرة التي قابلا بها هذا المشروع. بيد أن الحديث كثر أمام استغلال إثيوبيا مسألة المياه، ضد رغبة السودانيين.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن بلاده ستبني أكثر من 100 سد صغير ومتوسط في مناطق إقليمية مختلفة من البلاد في السنة المالية المقبلة، في وقت تعيش فيه علاقات بلاده مصر والسودان توتراً على خلفية سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا فوق النيل الأزرق. ونقلت الأنباء الرسمية، عن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قوله خلال افتتاح مشروع طريق سريع إن بناء السدود هو “السبيل الوحيد لمقاومة أي قوى معارضة لإثيوبيا”. وأشار رئيس الوزراء إلى أنه من المقرر أن يتم بناء أكثر من 100 سد صغير ومتوسط الحجم في مناطق مختلفة بحلول عام الميزانية الإثيوبية القادمة. وقال إن شأن هذه المشاريع أن تؤدي دوراً فعالاً في الإنتاج الزراعي والتي تتراوح إلى ثلاث مرات في السنة بهدف ضمان الأمن الغذائي.
ولم يوضح آبي أحمد أماكن السدود المزمع إنشاؤها، وعلى أي أنهار ستقام، علمًا أنه يمر في أراضيها 9 أنهار كبيرة. وأضاف أنه “لتحقيق الخطة المعلنة يجب على الإثيوبيين من جميع أطياف المجتمع أن يتكاتفوا لتحقيق مثل هذه الطموحات الحاسمة وغيرها من البرامج التنموية”، مشدداً على أن أمر الوحدة بالغ الأهمية.
100 سد إضافي:
وعادة ما يتخذ رئيس الوزراء الإثيوبي وغيره من الساسة في بلاده من مسألة السد وسيلة لتذويب الخلافات العميقة التي تسود البلاد، فهل الأمر نابع كمخرج لأزماته الداخلية أم إنه تهديد لموقف بلدي السودان ومصر؟. إثيوبيا تقول إن أمر بناء السدود التي تزعم إقامتها وتشييدها في بلاده إنما ذلك مرتبط بمسألة القانون الدولي ومحمية به. وقال رئيس الوزراء آبي أحمد إن المباحثات مع دول حوض النيل حول قضية سد النهضة مستمرة لافتاً إلى ان إثيوبيا تستعمل مواردها الطبيعية ولن تضر أي شخص. وكان رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد قال خلال مراسم افتتاح طريق جديد إن بلاده تنوي إقامة (100) سد جديد على الأنهار الداخلية في السنة المالية الجديدة، مؤكداً أن هذا هو السبيل الوحيد لمقاومة أي قوى معارضة لإثيوبيا.
استئناف التفاوض:
وكانت وزارة الخارجية الأثيوبية جددت إصرار بلادها على القيام بعملية الملء الثانية لسد النهضة يوليو المقبل حتى لو لم يتم الاتفاق بينها وبين دول المصب كل من السودان ومصر، على اتفاق قانوني ملزم في وقت قال فيه وزير الخارجية، إنه يتوقع استئناف التفاوض بين الدول الثلاث حول سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي.
وقد جددت الخرطوم تأكيدها على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول عملية ملء وتشغيل سد النهضة قبل عملية الملء الثاني. وقالت وزيرة الخارجية مريم المهدي إن الحكومة تتحلى بالإرادة السياسية في سبيل الوصول لاتفاق بين الأطراف. في الوقت الذي قادت فيه جولة إفريقية ثانية بخصوص سد النهضة مؤكدة أن السودان تعرض لضرر بالغ من الملء الأول، الأمر الذي يتطلب الوصول لاتفاق برعاية الاتحاد الأفريقي مع وجود الشركاء الدوليين كضامنين للاتفاق. بينما لا زالت القاهرة تتمسك بموقفها الرافض للاتجاه الإثيوبي الرامي لانطلاق الملء الثاني في يوليو دون ثيقة وفاقية بين الدول الثلاث، وقالت إن تصريحات الجانب الأثيوبي تكشف عن سوء نية أديس أبابا.
وقال الناطق الرسمي باسم جمهورية مصر أحمد الحافظ، إن الجانب الأثيوبي يتعامل مع نهر النيل وكأنه نهر داخلي يخضع لسيطرتها فقط رغم مشاركة أطراف دولية أخرى لها.
ضغط دولي:
وفي ملف سد النهضة، تبذل مصر والسودان جهوداً دبلوماسية واسعة النطاق في القارة الإفريقية لحشد الدعم لصالح موقفهما الداعي إلى ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة. وترفض كل من القاهرة والخرطوم اعتزام أديس أبابا بدء المرحلة الثانية من ملء سد الخزان بشكل أحادي، لكون ذلك يؤثر بشكل كبير على حصتيهما في مياه نهر النيل. لكن آبي أحمد يرى أن الدبلوماسية من مظاهر أثيوبيا، لأنها أحد الأعضاء المؤسسين لمنظمة الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة. وقال إن”الأصوات التي سمعت مؤخرًا ضد إثيوبيا ليست قائمة على الحقائق الواقعية وتهدف إلى تقويض العلاقات الدبلوماسية طويلة الأمد لإثيوبيا على الساحة العالمية”. وبحسب (العربية) يبدو أن رئيس الوزراء الإثيوبي يلمح في كلامه إلى العقوبات الأميركية التي طالت حكومته. وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، الإثنين الماضي، أنها فرضت قيودًا واسعة النطاق على المساعدات الاقتصادية والأمنية لإثيوبيا، بسبب “الفظائع المرتكبة في إقليم تيغراي”.
مبدأ قانوني:
ويرى خبراء عديدون أن مسألة ملء السد الثانية أو الأولى ما كان لها أن تتم في ظل أوضاع وظروف مثل هذه التي تحيط بسد النهضة، من طرف واحد لولا تراخي الدولتين السودان ومصر لجهة أن القانون الدولي يجعل أمر هذا السد مشتركاً ثلاثي التنفيذ، وذلك لأنه قام وشيد على نهر يربط البلدان الثلاثة ما يجعل أمره مشتركاً بين هذه الدول لتأثيراته عليها دون إثيوبيا المنفذة له. وقال د. حسن محجوب عطار خبير المياه لـ(الصيحة)، إن واحدة من الأشياء المنطقية والتي يجب أن تتفق بشأنها الدول الثلاث دون محاولة فرض رأي على آخر مع ضرورة إبداء التنازلات المطلوبة لمراعاة المصلحة العامة لها، وقال إن محاولة تشييد إثيوبيا 100 سد إضافي على أنهار داخلية في إثيوبيا هو محاولة لتغطية الخلافات حول سد النهضة ولإقناع الجانب الآخر بأنها قادرة على فعل ما تريد. بيد أن عطار يقول إن مثل هذه الخلافات لا يمكن أن تترك أو تحسم فردياً ولابد من أن يتم التوافق بشأنها مهما ارتفعت سقوف التفاوض بين المتفاوضين، مؤكداً أن القانون الدولي يلزم بذلك ولا تستطيع دولة الانفراد بمثل هذه المشاريع دون مراعاة مصلحة الأطراف الأخرى التي يربطها معها الرافد (النهر) المقام حوله المشروع (السد)، لجهة أن المصلحة يجب أن لا ترتبط بخسائر يتحملها الطرف الآخر دون سواه، وهذا مبدأ يلتزم به الجميع في إطار القانون الدولي.