عبد الله مسار يكتب.. ديمقراطية تتريس الشارع
الديمقراطية هي حكم الشعب بالمعنى العام وهي الشورى في الإسلام، وعندنا في الريف لها مجالس أهلية وشعبية وهي تمارس في السودان منذ آلاف السنين.
في الدول العظمى والمتقدمة بعبر عنها بالانتخابات وأيضاً من لديه موضوع يعود أن يعبر عنده في قضية ما في شكل تظاهرة يقدم طلباً للسلطات الرسمية ويوافق له ويحدد له مكان وزمان وطرق المرور وتحرسه قوات الشرطة وتكمل التظاهرة حتى منتهاها ثم تخاطب من الجهات المنظمة لها ثم تنفض دون ان تؤثر على الحياة العامة ودون ان تخرب او تحرق او تتعدى على الممتلكات العامة او الخاصة او الاشخاص.
ولكن في السودان وبعد الثورة، بدأت تمارس الحريات والديمقراطية والمظاهرات بطريقة فيها كثير من الشطط، بعضها يبدأ بقفل شارع ما او كوبري ويمنع المرور عليه ويترس الطريق بالانترلوك الذي يقلع من نفس الشارع، وكذلك يتم حرق اللساتك، ومعلوم ان الشارع او الكوبري هو ملكٌ عامٌ يمر عليه الراكب والراجل وعربة الخضار وعربة اللبن والركشة ووسيلة الترحيل والمواصلات العامة والعربات الشاحنة التي تنقل أغراض الولايات وتمر عليه عربات الإسعاف ونقل المرضى وكل عربات الخدمات العامة وكذلك عربات الشرطة ومنع الجريمة. وهكذا إذن قفل الشارع العام او الكوبري هو تعطيل للحياة العامة وليس هو وسيلة تعبير واحتجاج حضارية، وكذلك فيه ضرر بالغ على كل المواطنين بما فيهم المتظاهرين او المحتجين، ولذلك اعتقد ان تتريس وقفل الشوارع والكباري ليس الوسيلة المثلى لتوصيل الاحتجاج لأن الشارع ليس ملكاً للحكومة، فالوزراء والمسؤولون يمرون عليه كما يمر اي مواطن راكب او راجل لان الحكومة محلها مقراته وسكن مسؤوليها.
ولذلك قفل الشوارع والكباري وتتريسها له ضرر بالغ على الحياة العامة وضرر بالشارع نفسه، بل قد يستغل ذلك المجرمون واصحاب الاغراض لعمل انفراط امني ويندسون وسط المواطنين ويقومون بالحرق وإتلاف ممتلكات المواطنين او الممتلكات العامة.
إذن الوسيلة الديمقراطية للتعبير ليست هي هذه الطريقة، وعليه إما الانتخابات او التعبير الحضاري المتقدم، تقوم المظاهرة وبتصديق وترفع الشعارات المعربة عنها وتصل مكان تجمعها تحت حماية الشرطة وتخاطب وتنفض دون التعرض للمواطنين ودون المساس بالممتلكات العامة والخاصة.
عليه، أعتقد أن الطريقة التي يعبر عنها عقيمة ومضرة، بل تُعطِّل دولاب العمل الرسمي وتؤثر على الأعمال الخاصة وحياة المواطنين. قضية تتريس الشوارع وقفلها بالانترلوك وتكسير المواسير الحاملة للكهرباء او شبكة الاتصالات أو حرق اللساتك او استغلال أي وسيلة اخرى كله تعبير ضار بالحياة العامة واسلوب تعبير غير حضاري وذو اثر بالغ على الدولة والمواطن والزمن، يجب ان يتفق الجميع ويلتزموا بممارسة الديمقراطية الراشدة والتعبير المستقيم عما يحتج عليه، ويجب على كل الثوار ان يتوقفوا عن وسيلة تتريس وقفل الشارع العام او الكوبري، والحرية لا تعني الفوضى، وكذلك حرية الشخص يجب ان لا تتعدى او تعتدي على غيره وهكذا.
عليه، يجب ان نسعى جميعاً لحفظ الأمن والنظام في بلادنا ونخضع كل تصرفاتنا الى القانون، لان في ذلك ممارسة راقية للحق العام والخاص.
أرجو أن نضع بلادنا في مصاف الدول الراقية ونعبر عما نريد وفق القانون باحترام بعضنا البعض، لأن في ذلك احتراماً لذاتنا وأنفسنا.