الأنظار تتجه إلى جوبا .. خلافات الحكومة والشعبية.. تفاصيل قد ترجئ التوقيع الخرطوم: محجوب عثمان
تتجه أنظار السودانيين وخاصة مواطني ولاية جنوب كردفان بمزيد من الاهتمام، نحو مدينة جوبا حاضرة جنوب السودان لمتابعة الخطوات النهائية لتوقيع اتفاق إطاري بين الحكومة والحركة الشعبية – شمال، والذي حددت له الوساطة “الجنوب سودانية” غداً الأحد للوصول الى خارطة طريق للتفاوض يمهد لتوقيع سلام نهائي ينهي حربا تجدّدت في يوم “الكتمة” 7/7/2011م بعودة قائد الحركة عبد العزيز الحلو لحمل السلاح احتجاجاً على نتيجة الانتخابات التي فاز فيها مرشح حزب المؤتمر الوطني آنئذ أحمد هارون واستمرت حتى اليوم، مخلفة الكثير من الآثار السالبة على مواطني جنوب كردفان، لكن قضايا خلافية ظهرت بين الجانبين ربما أدت لزيادة فترة انتظار التوقيع.
انتهاء سبب الحرب
مهّد سقوط نظام الإنقاذ لجمع شمل السودانيين بعد ان تغيّرت اساليب التعامل، وازيحت كثير من الاسباب التي ادت لحمل السلاح والذي كان يهدف اصلاً لاسقاط النظام، فكان ان اصبحت الطرق معبدة للوصول الى سلام شامل يعم ارجاء كل الوطن ليدخل الجميع شركاء في معركة بناء سودان الغد الذي يحلم به الجميع، فكان أن أخذت دولة جنوب السودان على عاتقها مسؤولية جمع الفرقاء على طاولات التفاوض التي خرج من رحمها اتفاق جوبا للسلام مع الجبهة الثورية الذي دخل حيِّز الإنفاذ وكانت الخطوة الثانية ببداية المفاوضات الاسبوع الماضي مع حركة الحلو.
جلسات التفاوض
المفاوضات بدأت مباشرة بين الجانبين، وكانت جلستها الاولى بداية حقيقية لجدية الطرفين بعد ان قدمت الحركة الشعبية مسودة اتفاق إطاري وبدأت الحكومة في دراسته والرد عليه ليجد الجانبان أنهما ليسا على خلاف كبير في الأهداف.. فقط بعض النقاط الخلافية اجتهد الجانبان من خلال الجلسات التالية على التوصل بشأنهما الى اتفاق كامل، وقام فريق الحكومة التفاوضي بدراسة المسودة وإبداء الرأي حولها، وقامت الوساطة “الجنوب سودانية” بمراجعة الملاحظات التي قدمها وفد الحكومة الانتقالية حول مسودة الاتفاق الإطاري واشارت الى ان الخلاف حول المسودة ليس كبيرا.
تفاؤل
بدا المتحدثان باسم وفدي التفاوض أمس الاول اكثر تفاؤلا، فقد أكد المهندس خالد عمر يوسف، الناطق الرسمي باسم الوفد الحكومي، أن المفاوضات شارفت على الانتهاء من مراجعة المواقف المتبادلة وأنه بعد الفراغ من الورقة ستظهر نقاط التباينات بشكل نهائي.
وأضاف “خلال جلسة التفاوض المسائية والتي استمرت لمدة عشر ساعات بحثنا الحد المُمكن من النقاط الموجودة في التباينات”؛ مؤكداً أن التفاوض سيستمر صباح الغد بذات الجدية والإقبال من أجل استكمال هذا الحوار. ووصف النقاش بأنه اتسم بالعمق والصراحة والوضوح والنفاذ لجذور الأزمة، وقال “سنواصل بذات الروح الإيجابية التي سادت الطرفين”.
الى ذلك، قال الناطق الرسمي باسم وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، كوكو محمد جقدول، إنه تم التوافق على معظم النقاط المتباينة، مؤكداً رغبة الطرفين في الوصول إلى حل شامل. واضاف جقدول “لقد سادت المباحثات مع الوفد الحكومي روح ايجابية مما يشير الى إمكانية الوصول لاتفاق سلام شامل ودائم”، مبينا أنه تمت مناقشة اغلب النقاط في رد الحكومة على ورقة الحركة الشعبية، وجدد جقدول عزم وإرادة الطرفين على التوصل للسلام المنشود.
نهج جديد
أكد مقرر فريق الوساطة الجنوبية د. ضيو مطوك، أن المفاوضات بين وفدي الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، تسير بصورة جيدة، وقال نطمئن الجميع بأن هناك تقدماً ملحوظاً في عملية التفاوض لإيجاد الحلول للقضايا المختلف عليها.
وقد أكد مقرر الوساطة ضيو مطوك في تصريح عقب الجلسة الصباحية أمس ان الوساطة وزعت القضايا الخلافية التي تم حصرها في 4 قضايا اساسية تشمل القضايا الاقتصادية والاجتماعية وقضايا الحكم والإدارة والترتيبات الامنية واخرى تتعلق بالجهاز القضائي على لجان مصغرة لدراستها ومحاولة التوصل بشأنها لنقاط تلاقٍ، ومنحت اللجان ساعات لدراستها، وقال ضيو مطوك في تصريح صحفي عقب جلسات التفاوض المباشرة أمس الجمعة إن الوساطة اتخذت نهجاً جديداً بتشكيل مجموعةِ عملٍ ولجان متخصصة في قضايا نظم الحكم والإدارة والترتيبات الأمنية والاقتصاد والشؤون الاجتماعية والنظام القضائي.
لجان مصغرة
قال مطوك ان الوساطة قدمت رأيها بأن يسمي وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان مُفاوضاً ومعه اثنان آخرين لكل لجنة وكذلك وفد الحكومة الانتقالية من أجل التفاوض حول التفاصيل بشكل مباشر وتجاوز نقاط الخِلاف في بعض النصوص وتقدم اللجان تقريرها مساء الجمعة.
تشكيل اللجان
اوضح مطوك ان الجانبين كوّنا لجانا للقضايا الاربع وضمت لجنة القضايا الاقتصادية والاجتماعية كلا من مستور أحمد ونجم الدين موسى ومكي ميرغني عن الحكومة الانتقالية، وكوكو جقدول وسعيد عباس ونجلاء عبد الواحد عن الحركة الشعبية، فيما ضمت لجنة قضايا الترتيبات الأمنية عن الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الجاك محمود وجمال آدم وصديق سلطان، ومَثل الحكومة الانتقالية السادة الضباط صبير وفقيري وأور ناصر. كما ناقشت اللجنة القانونية ملفات مختلفة سيتم رفعها للنقاش حولها وأناب فيها عن الحكومة الانتقالية اسماعيل التاج ومباهج حبيب، ومن الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ديفيد كوكو ومتوكل سلامات وإدريس سالو.
وضمّت لجنة الحكم والإدارة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال أماني كودي ومتوكل دقاش وأبو القاسم يوسف، وعن الحكومة الانتقالية شمس الدين ضو البيت وجعفر حسن وحسان نصر الله.
جهود كبيرة
وتبذل جمهورية جنوب السودان جهدا كبيرا للوصول الى اتفاق ويتابع رئيس الدولة سلفا كير ميارديت كل التفاصيل، وبالامس التقى بمكتبه الدكتور صديق تاور عضو مجلس السيادة الانتقالي.
وقال عضو مجلس السيادة د. صديق تاور في تصريح صحفي، انه اطلع الرئيس سلفا كير على نتائج زيارته لجوبا، والمتعلقة بمسيرة عملية السلام في السودان.
وعبر تاور عن شكره وتقديره للجهود التي تبذلها جمهورية جنوب السودان، تحت رعاية الرئيس سلفا كير، لإنجاح العملية السلمية وتحقيق الاستقرار والتنمية في السودان. وقال تاور إن الدور الذي تقوم به حكومة جوبا ليس بمستغرب عليها، ويجئ انطلاقاً من العلاقات الاستراتيجية والتاريخية، وروابط الاخوة بين شعبي البلدين. وأضاف لمسنا اهتماماً كبيراً من الرئيس سلفا كير وتأكيده بمواصلة جهوده تجاه عملية التفاوض بين كافة الأطراف السودانية وصولاً للسلام الشامل والعادل والمُستدام في البلاد.
عقبات
ربما لم تفلح الجهود حتى مساء أمس في حل النقاط الخلافية، وربما اضطر تمترس الجانبين خلف وجهات نظريهما تمديد فترة التفاوض، فقد اكد الناطق الرسمي باسم الوفد الحكومي خالد عمر في تصريح صحفي عقب الجلسة المسائية، ان اللجان الاربع التي تم تكوينها لم تحرز إلا تقدما ملموسا وهو ما أفصح عنه مقرر الوساطة ضيو مطوك بصورة أكثر عندما قال في تصريح مساء امس، ان لجنة الترتيبات الامنية احرزت تقدماً بنسبة 50% في القضايا الخلافية، بينما لم تحرز لجان القضايا الاقتصادية وقضايا الحكم والقضايا المتعلقة بالجهاز القضائي اي تقدم.
تمديد
لم يستبعد مطوك ان تتخذ الوساطة خيار تمديد وقت التفاوزض، لكنه اكد ان ذلك يتطلب قرارا من راعي الوساطة الفريق أول سلفا كير مياردين، مبينا ان العقبات لا تزال كبيرة، وان الوساطة ستعمل على حلها، واشار الى انه لا تزال هناك اكثر من 24 ساعة على موعد التوقيع ستكثف فيها الوساطة لقاءات فردية مع الوفود التفاوضية للوصول الى اتفاق.
خلافات
وأكدت مصادر متطابقة ان الخلافات بين الجانبين تنحصر في عدد من المحاور، اهمها مطالبة الحركة الشعبية بعلمانية الدولة وإلغاء قانون الزكاة وإعادة جميع المؤسسات التي تمت خصخصتها في وقت سابق للقطاع العام، فضلاً عن مطالبة الحركة بالتعددية القانونية للنظام القضائي ولا مركزية السلطة القضائية بالإضافة لقضايا اخرى تتعلق بوضع القوات والجيوش فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية وعدد من الخلافات في الجانب الاقتصادي.