إنسان مغاير وحالة فنية واجتماعية .. زيدان إبراهيم.. حينما تحزن العباسية!!
حالة فنية واجتماعية:
زيدان إبراهيم.. لم يكن فناناً عادياً وتلك هي الحقيقة المطلقة.. ومن يرجع بالذاكرة ليوم تشييعه يدرك أنه أمام إنسان مغاير وحالة فنية واجتماعية يصعب تكرارها.. والجموع التي هدرت في ذلك اليوم هي تأكيد على المكانة الرفيعة التي كان يحتلها وسط معجبيه وأهله وأصدقائه.. كانت (العباسية) هي النموذج المثالي لذلك الحزن المهيب.. كان حزنهم عليه صادقاً وفيه وفاء للعشرة والأيام الجميلة التي عاشها زيدان في حي العباسية.. وكما يقول الناقد صلاح شعيب (من خلال زياراتي المتكررة لزيدان في منزله بالعباسية، أدركت كيف أن ذلك الحنين الذي جمعه مع والدته قد شكل له زاد المسير، وعون الدرب، كان حين يمرض زيدان تقف وحدها على رعايته،
مبادلة الوفاء، وكان هو يبادلها وفاءً بوفاء، وظلا يقطنان في حي العباسية الذي بقي فيه زيدان رمزاً من رموزه، وأبناً باراً بأزواج الحي الجدد، وأصبح مفضلاً لزمن، مع إبراهيم حسين ـ كارتر، في حفلات الحي.. يغنيان بلا أجر أحياناً ويفرحان أهل الحي. وحين رحل مع والدته إلى «الحاج يوسف» حزنت العباسية أشد الحزن، وهو الذي ارتبط بها ومعها طوال سنين حياته، بعد أن جاء من كادوقلي صغيراً، حيث هناك ولد. لقد رعته حينما كان صغيرها الوحيد، ورعاها حين كانت كبيرته الوحيدة في قصة تحكي عن وفاء إنساني نبيل.
زيدان والعباسية:
تلك الوشائج الإنسانية التي جمعت زيدان بمبدعي وقاطني حي العباسية ـ وهو أحد أكثر أحياء أمدرمان التي ساهمت في التساكن والاندماج العرقي ـ احتوت فناننا الكبير الذي جاور أهله التعايشة، ومناخ العباسية وطد أركان زيدان في الساحة الفنية، وجعله نجماً لا يمكن تجاوزه في محصلة التقييم النقدي الفني، إذ يعتبر صاحب «الليلة ديك» امتداداً طبيعياً لجيل العمالقة ممن جمعوا في تجاربهم بين الكلمة القوية، واللحن المتقن، والأداء الطروب، والجماهيرية الواسعة.