محمد الأمين صاحب مدرسة عريضة وكبيرة، وأنا من تلاميذه
أكثر ما يحزنني أننا فقدنا أغنية (همس الشوق)
أسامة بيكلو هذا الإنسان المعطون بالأبداع مليء بالكثير الذي لم يكتشف حتى الآن.. وارتباط اسمه بآلة البيكلو دليل قاطع على براعته فيها ومدى قدرته على تشكيلها وتتطويعها حسب ما يريد.. وهو له مؤلفات موسيقية عديدة قدمها من خلال (إلبوم شيء في الخاطر) والذي يعد الألبوم الأول في تاريخ الموسيقى السودانية الذي يرتكز على آلة البيكلو كمغنٍّ. ..(الحوش الوسيع) جلست مع أسامة بابكر التوم الشهير بأسامة بيكلو وخرجت منه بالعديد من الإفادات الجريئة والجديدة.
حوار: سراج الدين مصطفى
كيف تنظر لتجربتك بعد كل هذه السنين الطويلة؟
تجربة أسامة بيكلو، هي تجربة جديدة علي مستوي الساحة الموسيقية السودانية ويحمد لها بأنها تجربة جديدة حتى على مستوى الموسيقي العالمية وتأكيد لذلك وفي تاريخ ألة البيكلو منذ صناعتها ووجودها في حيز الموسيقي العالمية أصبح لها دور أساسي بدلاً عن الأدوار الثانوية،وما أقوم به هو وضع البيكلو في مقام (الصولو) وبقية الآلات في المقام الثانوي وهذا عكس ما يحدث مع طبيعتها.. وأعتقد أن هذا يضاف لرصيد الموسيقى السودانية.
ـ هل تجربتك استقلت بنفسها وأصبحت لها وضعية مقدرة في الساحة الموسيقية؟
ما أقوم به عبر آلة البيكلو هو نوع من الاستقلالية لأنها تؤدي دور موسيقى بحتة وليس موسيقى مصاحبة لأغنية وهذا يعني بأن هنالك كياناً موسيقياً جديداً على كل المستويات يقوم على توظيف البيكلو بطبائع غير طبائعها المعتادة، وهذا سبق أنا فخور به على المستوى المحلي والعالمي.
ـ هناك من يقول بأنك (تحاكي ) حافظ عبد الرحمن؟
بالعكس تماماً لأن الفرق واضح مابين “الفلوت” والبيكلو ولكل طبيعة مغايرة، ولكن قد يتقارب الشكل من حيث الموسيقى ولكن من حيث التأليف هناك اختلاف وفوارق واضحة.
ـ كيف للمستمع العادي أن يتعرف على أسماء المقطوعات وكيف يستنبط ذلك من بين ثنايا المؤلف الموسيقى؟
غالباً ما يكون المؤلف الموسيقي عندي مرتبطاً بحدث ما أو لحظة ميلاد طبيعية لمولد جديد وغالباً هو موسيقى، وحينما ألفت مقطوعة صباح العيد فهي لها قصة وهي تعبير عن فقدان الأسرة في يوم العيد وضرورة أن تكون مع أبنائك للذهاب للصلاة وترنيمة الصلاة (الله أكبر الله أكبر) وكان ذلك هو الفكرة الأساسية.. وهنالك إشارات يمكن من خلالها معرفة ذلك وانا حينما سيمت مقطوعة جولة في الحي القديم كانت بالفعل الموسيقى تعبر عن جولة في الحي الذي نشأت فيه.
ـ أنت تغني بالبيكلو وإن كان ذلك بلا كلمات فهل هذا يندرج تحت الموسيقى البحتة؟
بالتأكيد، حينما تحول الأغنية الى موسيقى بدون كلمات فهذا يعني بأنها تغني بأدوات موسيقية ليس من بينها الصوت البشري.
ـ ما هي المطلوبات في الأغنية التي تحولها لمقطوعة موسيقية؟
أنا دائماً ما أفصل ما بين الموسيقى والغناء، وغالباً ما أرجع للأصول الموسيقية وحينما أحول الأغنية لمقطوعة موسيقية ليس بالضرورة أن تكون مثلما يغنيها المطرب ويجب أن نأخذ الجمل الأساسية والقوية والمفيدة ثم بعد تنميتها ووضعها في قالب جديدة، وإذا كانت الأغنية زمنها 9 دقائق لا يمكن أن تغنيها بنفس تركيبتها وزمنها لذلك يحب إختصارها فيما يعرف بالمختصر المفيد.. ومثال لذلك سيمفونية القدرة والتي زمنها 43 دقيقة ولكنها اختصرت فقط في 4دقائق.
ـ مقطوعة شئ في الخاطر تبدو وكأنها مؤلف موسيقي قام به الموسيقار محمد الأمين؟
بلا شك محمد الأمين صاحب مدرسة عريضة وكبيرة، وأنا حينما أقول بأنه مدرسة فهذا يعني بأن هناك تلاميذ وأنا حقيقة من تلاميذ ومحبي الأستاذ الموسيقار محمد الأمين، وأكثر ما يحزنني فقدنا لأغنية (همس الشوق) والتي منع محمد الأمين من التغني بها بأمر من المحكمة لذلك كانت مقطوعة شيء في الخاطر هي استنباط لإحساس أغنية (همس الشوق) التي نفتقدها.
ـ هل من الممكن لمقطوعة شيء في الخاطر أن تقرب المسافة ما بين محمد الأمين وهاشم صديق؟
هذا ما أتمناه وما أدعو إليه دائماً وأنت تعلم بأننا جميعاً كمحبين للأستاذ محمد الأمين وللشاعر هاشم صديق نحاول جميعاً أن نعيد جميع الأغنيات التي غناها محمد الأمين حتى تكون بيننا.
ـ احكِ لنا قصة تأليفها؟
سؤالك يرجعني لطبيعة آلة البيكلو وكيفية استخدامها في داخل الأغنية، وفي نهاية أغنية (همس الشوق) هناك مساحة موسيقية عريضة ومن وظيفة آلة البيكلو أن تدخل في هذا الفراغ وتملأه بالنغمات وهذا ما حدث حينما استخدمت بعض الأصوات في البيكلو لتكون مفرحة وهذا جعل الموسيقار محمد الأمين يتفاعل مع تلك الجمل الموسيقية التي ولدت في تلك اللحظة ويقوم بترديدها الى أن وصلت للمستمعين من خلال الحفلات وهذا جعل الأغنية تحتل الصدارة لمدة خمسة مواسم.
ـ كيف تظر للساحة الموسيقة الآن وهل هي متقدمة أم متخلفة أم ماذا هنالك بالضبط؟
في تقديري أن الساحة الفنية “هايصة ” والجو الفني العام هو في حالة غليان، وأنا أتوقع لها في السنين القادمة أن تنفصل فيها الأشياء وتتمايز.. ولا يصح الاّ الصحيح، لأن ما يحدث هو مجرد غليان وسيزول سريعاً.