الشهيد في شرعنا هو من مات في سبيل الله دون غرض في الدنيا، وبشكل أساسي يُطلق لقب الشهيد في الإسلام على مَن يقتل في حرب مع العدو، وفي الديانات الأخرى أيضاً يُطلق لقتلاهم لقب شهيد في اليهودية وفي المسيحية، حيث تجد الآيات في سفر ارميا, سفر المزامير, سفر أعمال الرسل, انجيل مرقس وانجيل يوحنا كلها بها آيات من الكتاب المقدس تتحدث عن الاستشهاد.
وعندما وقّع جون قرنق، اتفاق نيفاشا للسلام اعتبر كل طرفي الصراع شهداء، أي استشهدوا من أجل ما آمنوا به, فالشهداء أرفع منزلة عند الله وأفضلهم مقاماً في الجنة، وهنالك شهداء للآخرة وشهداء للدنيا، والشهداء أنواع كثر حتى من مات بكورونا، فهو شهيد، فهي طاعون العصر والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (الطاعون شهادة لكل مسلم) والذي غرق في السيل فهو شهيد، ومن مات في الهدم تحت الأنقاض فهو شهيد أي قتلى آبار الذهب أيضاً شهداء، وصاحب الحريق والمرأة التي تموت بالنفاس وولدها في بطنها وقيل التي تموت عذراء لم يمسها الرجال، والمقتول دون ماله وهم كثر في مُدن دارفور، والمقتول دون مظلمته، والمقتول دون دينه أو أهله أو دمه, وموت الغربة أيضاً شهادة وما أكثر السودانيين في الغربة والمهاجر والدليل الحديث الشريف (عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موت الغربة شهادة) رواه ابن ماجة.. وقريبنا الأستاذ التجاني الطاهر السنوسي المقيم في أمريكا يقول دائماً (الواحد يموت هنا ويدفن في النجيلة الباردة دي) يعني موت غربة فأنت شهيد أيضاً مثلك مثل شهداء ثورة ديسمبر التي قدّمت لها الكثير من الوقت والمال والجهد, فالشهادة ليست حصراً على جهة أو منظمة أو تنظيم, فالسودان قدم أرتالاً من الشهداء والجرحى والمُعاقين في سبيل قضاياه الوطنية والنضالية منذ المهدية ومايو ومارس أبريل وأكتوبر والحروب الجهادية والتجمُّع الوطني الديمقراطي، مُروراً بحروب دارفور وكردفان والنيل الأزرق, وكذلك المريض شهيد وطالب العلم شهيد. عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع) رواه الترمذي.
وهناك شهداء بحق وحقيقة وهم شهداء البحر الأبيض المتوسط من الشباب الذين ضاقت بهم البلاد ويُحاولون الوصول إلى أوروبا وخاصة في السواحل قبالة ليبيا، حيث يموت سنوياً المئات من المهاجرين, فهؤلاء جميعهم شهداء بنص الحديث الشريف عن ابي امامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (شهيد البحر مثل شهيدي البر والمائل…. الى آخر الحديث) رواه أبو ماجة.
فالشهداء كثر وليس فقط الذين يتم تشييعهم في المواكب وسط الهتافات الغاضبة، فمعظم الأسر والعائلات احتسبت شهداء، خاصة في عهد النظام البائد، ودونكم شهداء دارفور وسبتمبر 2013م، وآخرون استشهدوا بدم بارد في المدن والطرقات والقرى، وكثيرون استشهدوا أثناء الخدمة أو تأدية واجبهم كشهداء القوات المسلحة والشرطة والدعم السريع والحركات المسلحة، وثوار الداخل من لدن الشهيد الدكتور خليل إبراهيم محمد والشهيد الجمالي حسن جلال الدين والشهيد إبراهيم الزبيدي رئيس جبهة القوى الثورية المتحدة وشهداء التحرير الشهيد عبد الله أبكر بشر, جدو صاغور, المهندس نور الدين الياس والصحفي حسن منديلا, البرلماني يحيى دبس, أحمد أبو دقن واللواء جمعة مندي قائد أركان حركة مناوي والشهيد محمد عبد السلام (طرادة) من المجلس الانتقالي وكذلك الشيخ موسى هلال قدم أكثر من 60 شهيداً من أسرته المقربين يعني براه ممكن يعمل منظمة شهداء، والدعم السريع قدم أعظم الضباط شهداء أمثال، العميد إبراهيم الشريف والعميد السميح والعميد عبد الرحيم جمعة دقلو والعميد علي حسن مدلل والمقدم الصادق محمد ساكن والمقدم حمدان أحمد شمو دقلو والرائد يعقوب صالح بشر وداعة والمقدم حسن موسى دقلو والمقدم عثمان أحمد صالح ضي النور والمقدم أحمد موسى فضل والرائد محمد عبد القادر صافي النور والقائد قرجة عبد العزيز عبد الرحيم والقادة حسن بشارة متعافي, علي بشارة عيساوي والقائمة تطول, فالكل في السودان شهداء ولا أحد يزاود على الآخر، الكل استشهد من أجل قضيته.