اندلعت حرب الأيام الأحد عشر يوماً في فلسطين وبصفة خاصة في قطاع غزة بعد التدخُّل العنيف لإسرائيل في المسجد الاقصى وحي الشيخ حراج ونتيجة للقمع والمواجهات بين الشباب الفلسطيني والاسرائيليين والقمع الوحشي الذي تعرض له الفلسطينيون وبذلك قامت احتجاجات واسعة في الضفة والقطاع والأراضي المحتلة 1948م وداخل الخط الأخضر وحتى فلسطينيي الشتات.
دافعت المقاومة الفلسطينية عن المقدسات الإسلامية وسكان القدس والشيخ حراج، وامطرت مدن اسرائيل بوابل من الصواريخ والمدفعية، وغطت صواريخ القسام وسرايا القدس كل مدن اسرائيل حتى بئر السبع وصحراء النقب ووصل صاروخ عايش مدى 250 كيلو مترا حتى بئر السبع.
وقامت اسرائيل بقذف القطاع والضفة الغربية بالطائرات والصواريخ والطائرات المفخخة والهجوم بالمدفعية واستهدفت الآلاف من المواطنين قتلاً وتجريحاً، بل هدمت آلاف المنازل على رؤوس المواطنين المدنيين ولَم تسلم الابراج التي فيها وسائل الاعلام.
وهذا القذف حرّك ضمير العالم من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه، وكان الأثر بالغاً في أمريكا وبصفة خاصة في الحزب الديمقراطي الذي يرأسه الرئيس بايدن وخاصة تياري الشباب واليسار.
وحصل تطور جذري ومزلزل، وزاد تعاطف الأجيال الصغار مع الفلسطينيين داخل الحزب الديمقراطي، ولكن الرئيس بايدن مازال يتعامل بالعقلية التقليدية، ويؤكد مراراً بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد صواريخ حماس.
ولكن الفلسطينيين وجدوا تعاطفا منقطع النظير من داخل الحزب الديمقراطي والشعب، خاصة بعد زيادة التنوع في الكونغرس الامريكي حيث وصلت نسبة السود واللاتينيين والآسيويين والأمريكيين الاصليين في غرفتي الكونغرس ثلاثة وعشرين في المائة، وقبل عقدين كانت احد عشر في المائة وسنة 1945م كانت واحد في المائة.
وهذا التطور أظهر تيار العضوات الليبراليات المسميات بـ(الفريق).
من بينهن رشيدة طليب (الفلسطينية الأصل) من ميشغان والهام عمر (اللاجئة الصومالية) من مينسوتا والكسندريا اوكاسيو من نيويورك. وظهرت في امريكا قاعدة غير بيضاء ترى ان اسرائيل دولة معتدية وغاصبة.
ولقد كان الفضل في كل هذا يرجع الى السيد بيزني ساندرز الذي نشأ في اسرائيل كيهودي وتغير بعد ذلك وخاض معركة الرئاسة الأمريكية داخل الحزب الديمقراطي ضد هنري كلينتون في عام 2016م وأظهر تعاطفا مع الفلسطينيين، وكسر قاعدة الخطاب التقليدي المؤيد لاسرائيل رغم انه خسر السباق داخل الحزب الديمقراطي ولكن أنشأ قاعدة يسارية عريضة ضد اسرائيل ووصف نتنياهو بانه مستبد ويائس وعنصري.
وقد صارت داخل الحزب الديمقراطي قاعدة (حياة الفلسطينيين مهمة) على نحو منظمة (حياة السود مهمة)، ولقد قامت تظاهرات كبيرة في المدن الأمريكية تُناصر الفلسطينيين في شيكاغو ونيويورك وغيرهما.
بل وقفت النائبة كوزي قوش من سانت لويز واعترضت على استخدام الاموال الامريكية لدعم الاحتلال وقمع الفلسطينيين، وقالت نحن ضد الحرب وضد الاحتلال وضد الفصل العنصري.
ووجد الرئيس بايدن ان النار اشتعلت في بيته (الحزب الديمقراطي) ضد اسرائيل، ولذلك اضطرب واضطربت معه إدارته التنفيذية وخشي على الانقسام داخل حزبه وخاف على سقوط بعض مشاريعه المقدمة في الكونغرس لمشروع الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، بل وصل الأمر من النواب المطالبة بقطع المساعدات الامريكية لاسرائيل، وصارت حملة (اقطعوا الدعم عن الشرطة) الامريكية موازية (لحملة اقطعوا الدعم عن الجيش الاسرائيلي).
ولذلك الامر تعقد جداً للرئيس بايدن الذي يمتاز بدبلوماسية عالية ومرونة ولكنه تقليدي في تأييد اسرائيل، ولكن وقع بين فكي كماشة اسرائيل والتيار اليساري التقدمي الشاب في حزبه الذي كسر حاجز الصمت وتبنى رؤى واضحة ضد اسرائيل.
اعتقد ان ما احدثته حرب الأحد عشر يوماً من خلخلة في امريكا ضد اسرائيل، يعتبر حرب دمار شامل، بل التغيير شمل كل العالم وخاصة أوروبا معقل مؤيدي اسرائيل من وعد بلفور حتى هذا العام.
لذلك أعتقد لأول مرة رئيس امريكي يدخل في مطب خارجي يؤثر على الداخل في أمريكا ويهز اسرائيل واليهود، وقد يتطور الى فعل كبير ذي مردود إيجابي لصالح القضية الفلسطينية وكل هذه يؤكد ما جاء في القرآن بالنصر المؤزر.