تركيا هي دولة عابرة للقارات، يقع أغلبها في شبه جزيرة الأناضول في غرب آسيا، والجزء الأصغر منها في شبه جزيرة البلقان، وتركيا الشرقية هي الجزء الأوروبي ومفصولة عن الأناضول ببحر مرمرة ومضيقي البوسفور والدردنيل.. مساحتها حوالي ٧٨٣٥٦٢ كيلو متراً مربعاً، وعدد سكانها حوالي ٨٥ مليون نسمة وهُم أتراك وأكراد وآخرون، ونسبة الأتراك تصل إلى سبعين في المائة، وهي دولة قديمة في العالم، ولكن تأسست حديثاً في اكتوبر ١٩٢٣م عقب معاهدة لوزان بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت الإمبراطورية العثمانية، ولكن في هذا التاريخ أُعلنت جمهورية.
تعود العلاقة بين السودان وتركيا لعام١٥٥٥م، حيث أنشأ الأتراك ما يُعرف بإيالة الحبش على جزء من شرق السودان وجزء من إريتريا الحالية، وكانت عاصمته سواكن، أمّا وسط وجنوب السودان بدأت علاقتهما بالأتراك في ١٨٢١م بغزو محمد علي باشا للسودان واستمرّ حكمه حتى ١٨٨٥م بعد الثورة المهدية.
في التاريخ الحديث، أول تمثيل دبلوماسي سُوداني مُقيمٍ في تركيا في عام ١٩٨١م، حَيث شَهِدَ نفس العام زيارة الرئيس نميري لتركيا.
وشهدت العلاقات التركية السودانية، تطوُّراً وازدهاراً بعد توقيع اتفاقية السلام في عام ٢٠٠٥م، وبعد مجئ حزب العدالة للسلطة في التركية برئاسة أردوغان.
قام البلدان بمواقف سياسية داعمة لبعضهما البعض في قضايا كثيرة، منها دعم السودان للمرشح التركي لمنصب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في عام ٢٠٠٧م، وكذلك دعم السودان لتركيا لحل القضية القبرصية في الأمم المتحدة.
كما وقفت تركيا مع السودان في موضوع محكمة الجنايات الدولية،
وكذلك أنشأت لجنة التشاور السياسي برئاسة وكيلي الخارجية في البلدين، كما تكونت اللجنة الوزارية المشتركة من وزيري الزراعة في البلدين للتعاون الاقتصادي والتجاري.
في ٢٦ ديسمبر ٢٠١٧م، تم تسليم إدارة سواكن لتركيا لفترة زمنية غير محددة.
حجم التبادل التجاري حتى عام ٢٠١٥م كان في حدود ٣٢٠ مليون دولار، واهم السلع من السودان زراعية، ومن تركيا أجهزة كهربائية ومدخلات إنتاج صناعي وملبوسات. كما ساهم بنك الصادرات التركي للسودان بمبلغ مليون دولار في لإقامة كوبري المك نمر وكوبري الحلفايا ومياه بحري والصرف الصحي.
قدمت تركيا مائة مليون دولار كتسهيل ائتماني لتشجيع الشركات التركية تم رفعها الى مائتي مليون دولار.
أقامت تركيا مستشفى الكلاكلة في حدود خمسة ملايين دولار عام ٢٠٠٠م، وكذلك مستشفى نيالا التركي بمبلغ خمسين مليون دولار. وأقامت وكالة التنمية والتعاون التركي عدة مشروعات في السودان عام ٢٠١٤م، منها مركز التدريب المهني في الخرطوم، وكذلك معمل التلقيح الصناعي بالمناقل، وتأهيل معامل في جامعات دارفور، وكذلك ترميم الآثار في مدينة سواكن، وكذلك تم توقيع عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات تفاهم عديدة.
إذن العلاقة بين تركيا والسودان راسخة وممتدة وقوية، كما أن تركيا دولة عُظمى لها تاريخٌ تليدٌ وحضارة قديمة وهي دولة صناعية وثرية وداعمة لأغلب الدول الفقيرة والضعيفة وخاصّةً الدول الإسلامية والعربية والأفريقية، وتدعم فلسطين دعماً عملياً ومُباشرةً.
أعتقد لكل هذا أن علاقة السودان وتركيا مهمة، خَاصّةً وأن السودان مجابد محور الإمارات المتحدة وهو محور يطلب من السودان الكثير الذي لن يُوفِّي به الشعب السوداني، ولو رأت الحكومة السودانية وبعض ناشطي “قحت” ذلك وخاصّةً موضوع أراضي الفشقة الزراعية، حيث ان الشعب السوداني لن يسمح ببيع متر واحد من تلك الأراضي رغم الضغط الشديد من الإمارات، معها بعض أبناء السودان من مالكي المال ((الرأسمالية الجديدة))، والمتعاملين مع الإمارات الذين ظهر بعضهم في الصورة في استقبال ولي عهد الإمارات للسيد الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة لدى زيارته الأخيرة للإمارات، والتي سبقتها زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان، في كلا الزيارتين لم تحصل الإمارات على موافقتهما للحصول على الفشقة، لأنهم يعلمون أن الشعب السوداني لن يُوافق على ذلك.
أعتقد أن حكومة السودان وقيادة دولة السودان تسير على الطريق الصحيح في أن تتنوع علاقة السودان بالآخرين كتركيا والصين وروسيا وغيرها، وأن لا نرهن قرارنا ومصالحنا لمحورٍ واحدٍ.
ومن المُهم جداً أن نَتّجه نحو العالم، وأعتقد زيارة نائب رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الأخيرة كانت مُهمّة جداً ورسالة في بريد آخرين في الداخل والخارج، وقطعاً السودان يستفيد كثيراً من قطر لأنّها لا تتدخّل في شؤون السودان الداخلية.
أعتقد أنّ زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان لتركيا في هذا الوقت مهمة جداً. أرجو أن نطوِّر علاقتنا بتركيا وبغيرها، وأن تتبع هذه الزيارة زيارة للفريق أول البرهان والدكتور حمدوك لتركيا. وقديماً قيل ((لولا اختلاف الأمزجة لبارت السلع))، ولذلك يجب أن لا نضع مصالحنا في دولة السودان في سلة واحدة، لأننا لا نعلم المستقبل ((وثبات الحال من المحال)).