مزادات النقد الأجنبي.. هل تحل مشكلات الاقتصاد؟
الخرطوم: رشا التوم
بنك السودان المركزي اتجه إلى سن سياسات جديدة لمقابلة ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية عقب تحرير سعر الصرف وتفادياً لشح النقد والتكالب عليه من قبل قطاعات مختلفة بتنظيم مزادات للنقد الأجنبي، وقد كان المزاد الأول بقيمة 40 مليون دولار والمبلغ الذي تم تخصيصه 16 مليون دولار بمشاركة 20 بنكاً وحقق المزاد قبولاً كبيراً وبحسب المركزي فإن المزاد جاء وفقاً لسياسات سعر الصرف المرن المدار، ويتجه البنك الثلاثاء المقبل لتنظيم مزاد رقم 2 بمبلغ 50 مليون دولار.
واتجهنا إلى أخبار الاقتصاد لمعرقة وتقييم أثر هذه المزادات في حل مشكلة شح العملات الأجنبية وآثارها على الاقتصاد الوطني.
مزاد آخر
وقد أعلن بنك السودان المركزي عن إقامة مزاد ثان للنقد الأجنبي يوم الثلاثاء القادم بقيمة ٥٠ مليون دولار.
وأكد مدير إدارة السياسات والبحوث بالبنك، مصطفى محمد عبد الله استمرار المزادات كمرحلة أولى من مراحل آليات تدخل البنك المركزي لإحداث استقرار في أسعار صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية وإزالة التذبذبات في سعر الصرف.
ترتيبات خارجية
واستبعد عبد الله في تنوير صحفي خاص بمزادات النقد الأجنبي بالبنك امس أن تكون المزادات بديلة لمحفظة السلع الاستراتيجية، مبيناً أن البنك يعمل على تخصيص موارد للسلع الاستراتيجية ولا يقوم باستيراد ها.
وكشف المسؤول بالبنك المركزي عن حل مشاكل استيراد القمح عبر ترتيبات خارجية مؤكداً عدم الحاجة لتخصيص نقد أجنبي لاستيراد القمح.
وأكد على قدرة المزادات على التدخل لإحداث استقرار في أسعار الصرف بخلاف أسواق العملات غير الرسمية التي تتاثر بالشائعات والحملات الدعائية.
وجزم باستمرار عمل المزادات خلال الفترة المقبلة وتطورها إلى سوق إلكتروني يعمل مابين المصارف.
وقال إن المزادات ستعمل على حل إشكالية موسمية الموارد لمعالجة شح وندرة النقد الأجنبي.
وأكد وجود قوائم محددة من السلع التي حددها البنك المركزي مع الجهات ذات الصلة للقيام باستيرادها عبر المزادات.
ونوه إلى أن شروط المزاد تشمل تقديم العميل بطلب واحد عبر المصارف واستبعاد أي عميل يتقدم بعدد من الطلبات مع التزام العميل بامكون المحلي وتغطية المصرف لحسابه في البنك المركزي.
وأشار عبد الله إلى أن البنك سيعمل على إعلان المزادات قبل وقت كاف حتى يستطيع العملاء ترتيب أوضاعهم.
وكشف أن قيمة طلبات المزاد الأول وصلت إلى ٤٦ ألف دولار.
موارد كافية
وقطع بامتلاك المركزي موارد كافية لتغطية المزادات منها ١.٢٧٠ مليار دولار عبارة عن مشتريات البنوك من النقد الأجنبي من شهر فبراير وحتى الآن مبيناً أن مبيعات البنوك خلال هذه الفترة وصلت إلى ٧٠٠ مليون دولار.
سياسات خاطئة
من ناحيته قال الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي إن البنك المركزي انتهج سياسة جديدة تحت مسمى سوق مزادات النقد الأجنبي وطرح سوالاً حول لماذا لا تخاطب الأجهزة المصرفية الرسمية المشكلة من جذورها؟ وهي شح النقد الأجنبي التي يعاني منها الاقتصاد السوداني وهي نتيجة طبيعية أفرزتها الأخطاء والسياسات الكلية في الاقتصاد.
وقال: يتوجب على محافظ البنك أن يعلم بأن حل الإشكالية يتمثل في معالجة التشوهات والعلل الاقتصادية الراهنة.
وطالب المحافظ بالجلوس مع وزارة المالية والتي تملك مفتاح السياسات المالية وينبغي أن تسعى جهات الدولة الأخرى منها وزارة التجارة والأمن الاقتصادي وكافة أجهزة الدولة للحفاظ على موارد الدولة من العملات الأجنبية.
وزاد قائلاً (شايلين قرعة للعملات) وهي عبارة عن مصفاة من البحر الى البحر،
وطالب بالخروج من عقلية اقتسام (النبقة) والبحث عن نبق آخر وعدم تجريب المجرب.
واستشهد بالتجربة السابقة للجنة صناع السوق والتي فشلت في توفير العملات الأجنبية ولم تأت بجديد ولم تزد الحصيلة من العملات الأجنبية.
وقال: يجري الحديث عن سوق ومزاد للنقد والأيدي خالية من العملات الأجنبية والموجود مجرد فتات ولابد من توفير كميات تكفي حاجة الواردات وتوفير فائض حينها فقط يستطيع البنك أن يفرض سعرًا للدولار.
وجزم بأن هذا الأمر لن يتأتى إلا بإصلاح السياسات الكلية ووقف التهريب الذي يعاني منه الاقتصاد ومخاطبة المشكلة من جذورها وأوضح أن التعويل على الأمن الاقتصادي كبير على دور الأمن الاقتصادي في هذه المسألة
ودعا الى ملاحقة المهربين وتطبيق أقصى العقوبات علي المهربين والمتلاعبين في النقد الأجنبي ليرعوي البقية.
ونوه لأهمية الإسراع في وقف تهريب السلع الاستهلاكية السكر والزيوت على وجه الخصوص وبقية السلع المنتجة محلياً والتي تذهب إلى بوركينا فاسو والنيجر ومالي.
ودعا إلى إغلاق الحدود وقفاً للتهريب.
ورهن حل مشكلة سعر الصرف بالحصول على حصيلة كافية من العملات الأجنبية.
وزاد قائلاً: تم تغيير الأشخاص والإدارات وظلت المشكلة في حالها.
ونوه لأهمية وقف الاستيراد من دون قيمة وتقليص قائمة الاستيراد والكماليات والسلع الهامشية والتركيز على مدخلات الإنتاج ومحاربة الفساد، وتساءل لماذا يعجز السودان عن توفير عملات لأن هناك تسيباً وفساداً.
ولماذا الصمت تجاه شحنات الثروة الحيوانية من الماشية والتي وصلت إلى 27 باخرة ووصف الأمر بالإهمال والتسيب من الإدارة العليا.
ووجه بإعادة الثقة للمغتربين وتجاوزهم للبنك المركزي الذي تأذوا منه كثيراً في السابق وإنشاء بنك وتقديم الحوافز التشجيعية لهم لضمان تحويلاتهم.