تقرير: سراج الدين مصطفى
إنفجار الأعداد:
يرجع خبراء ومختصون أسباباً عديدة أدت إلى انفجار أعداد حالات الطلاق في الآونة الأخيرة، حيث تشير الأستاذة إنتصار محمد عباس المحامي في القضايا الشرعية، إلى أن أعداد الطلاق في السودان ظلت تشكل أعلى معدل للطلاق في الأونة الأخيرة.. حيث اكتظت المحاكم بالدعاوى التي تطلب الطلاق من الجنسين لأسباب متفاوتة تحتاج بالفعل لدراسة متعمقة وحصيفة تتناول هذه القضية الهامة من كل جوانبها لأنها ببساطة تعني انهيار عدد كبير من الأسر ومن ثم تتنوع الأضرار البالغة والمتعددة.
أسباب متعددة:
وتابعت الأستاذة إنتصار التي تعمل كمحامٍ متخصص في ذلك النوع من القضايا في حديثها للحوش الوسيع (إن أسباباً عديدة تقف وراء ذلك العدد الكبير، لعل أهمها الوضع الاجتماعي والاقتصادي الحالي، مبينة أن الأزمة الاقتصادية، التي تشهدها البلاد منذ أشهر، أسهمت بشكل كبير في زيادة هذه الأعداد، فضلاً عن أن الحكومة ما تزال قاصرة عن معالجة الزواج خارج إطار السن القانوني..
يؤيد ذلك الأستاذ عصام عبد السلام، الذي يرى أن الارتفاع الكبير في عدد حالات الطلاق يعزى لجملة أسباب في مقدمتها تردي الوضع الاقتصادي وتفشي البطالة، فضلاً عن أسباب اجتماعية وعادات غريبة على المجتمع؛ مما أسهم بحصول مشكلات أسرية وانحلال اجتماعي لدى بعض شرائح المجتمع، بحسب تعبيره.
الوضع الاقتصادي:
وتشير علوية مسعود المحامي في حديثها لإحدى وسائل الإعلام إلى أن الوضع الاقتصادي أثر بشكل كبير في زيادة حالات الطلاق خاصة بعد تفشي فيروس كورونا، فضلاً عن أسباب تتعلق بعدم تكافؤ العمر بين الزوجين وزواج القاصرات، مبينة أن أغلب القضاة يبذلون جهدا كبيراً في إثناء المقبلين على الطلاق من خلال تأجيل المحاكمات أو الذهاب للمصلح الاجتماعي لدى المحاكم.. وتذهب في هذا المنحى المحامية والناشطة النسوية، رشا وهب، التي ترى في حديثها للحوش الوسيع أن أهم سبب لزيادة حالات الطلاق يعزى لفيروس كورونا وحالة الإغلاق وحظر التجول، الذي شهدته البلاد خلال الأشهر الماضية، ما أدى لبقاء الأزواج في بيوتهم، وبالتالي زيادة المشكلات المؤدية للطلاق في نهاية المطاف.
تغيير الطبائع:
من جهتها، ترى الصحفية شذى إبراهيم أن الأسباب تتعدد ما بين اقتصادية واجتماعية؛ إذ أن الأزمات الاقتصادية باتت جزءاً من حياة السودانيين منذ سنوات، فضلاً عن أن الأحوال الاجتماعية والتغيير الديموغرافي والنزوح كلها أسباب أدت إلى تغير النظرة للزواج، وبالتالي ازدياد حالات الطلاق.. وتعلق علوية مسعود المحامي في حديثها لــ(الحوش الوسيع) أن تغير الطبائع الثقافية والمجتمعية وإقحام الثقافات الغريبة والغربية كان لها دور كبير، حيث إن وسائل الإعلام من خلال ما تبثه من مسلسلات مدبلجة وأفلام وغيرها، باتت تدس السم بالعسل من خلال الأفكار الهدّامة والترويج للشذوذ، الذي يهدم القيم المجتمعية للإنسان السوداني، بحسب تعبيرها.
مواقع التواصل الاجتماعي:
وتابعت علوية، أن مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها السيئ يبرز بصورة كبيرة في مشكلة الطلاق من خلال تحول عادات السودانيين، حيث إن انتشار عيادات التجميل النسائية، التي وصفتها بـ(مصانع الجمال)، أدت إلى أن يقارن الرجل زوجته مع أخريات في المجتمع، وبالتالي تزداد حالات الطلاق؛ لعدم قدرة الزوج على الإيفاء بمتطلبات الزوجة، بحسب علوية مسعود.
وعن الحلول اللازمة، يعلق الأستاذ طارق محمدين الباحث الاجتماعي أن على الحكومة والمشرع السوداني سن قوانين تعمل على رفع المستوى الثقافي للمتزوجين وعائلاتهم، وتشجع الاهتمام بالأسرة من خلال توفير نواد اجتماعية خاصة تحض على الترابط الأسري وأهميته من الناحية الدينية والاجتماعية، وتبين مدى الأضرار الناجمة عن الطلاق خاصة فيما يتعلق بالأطفال، بحسبه..
مسؤولية الدولة:
أما علوية مسعود فتضيف لما ذهب إليه طارق محمدين أن حالات الزواج خارج إطار القانون منتشرة بشدة، وغالباً ما يتم زواج القاصرات بعقد شرعي (عند الشيوخ ثم يلجأ المتزوجون بعد سنوات إلى تثبيت زواجهم لدى المحاكم، وبعدها يحصل الطلاق، مشيرة إلى أن القضاء والمحاكم يكونون تحت الأمر الواقع حينها.
وبذلك تحمّل علوية الدولة المسؤولية الكاملة مقترحة اللجوء للتوعية، واستحداث دورات تدريبية إجبارية للمقبلين على الزواج، فضلاً عن ضرورة تشريع واستحداث قوانين لردع ومحاسبة من يعمد إلى تزويج الأبناء دون السن القانونية.