الغالي شقيفات يكتب.. محاكمة علي كوشيب
يخلط الكثير من الناس بين محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدةInternational Court of Justice وتعني محكمة العدل الدولية وهي أحد أجهزة الأمم المتحدة ومقرها في لاهاي بهولندا، وتأسّست في العام 1945م وتتكوّن من خمسة عشر عضواً وتعمل في حل النزاعات بين الدول.
أما التي تهمّنا في قضية السودان هي المحكمة الجنائية الدوليةInternational Criminal Court وهي تأسست عام 2002م لمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والاعتداء, فهي تمثل المآل الأخير في حالة عجز القضاء المحلي أو الوطني وهي منظمة دولية تسعى للحد من الإفلات من العقاب ويبلغ عدد الدول المُوقّعة عليها أكثر من 121 دولة وهي هيئة مُستقلة عن الأمم المتحدة من حيث الموظفين والتمويل، وأيضاً مقرّها في هولندا وقد وجّهت المحكمة تُهماً لسبعة مواطنين سودانيين، أربعة من الحكومة وثلاثة من الحركات وهم: بحر إدريس أبو قردة الذي مثل أمام المحكمة وانتهى أمره، ومحمد صالح جربو الذي قتل في شمال دارفور، وتبقى عبد الله بنده القائد السابق بالعدل والمساواة، أما مطلوبو الحكومة الأربعة، ثلاثة منهم رهن الاعتقال في كوبر ورابعهم علي كوشيب الذي سلّم نفسه طوعاً الى المحكمة، وقد بدأت جلسات مُحاكمته ووجِّهت له تُهمٌ مُتعلِّقةٌ بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي اُرتكبت في إقليم دارفور 2003 – 2004م.
وقد اقتصرت الجلسة الأولى على إقرار التُّهم إلى أن تستمر الجلسات حتى اليوم الخميس، وقرّرت المحكمة فصل قضيته على قضية أحمد هارون وزير الدولة بالداخلية الأسبق، الذي من المُنتظر أن تُسلِّمه الحكومة للمحكمة الجنائية الدولية، ووفقاً لاتفاق جوبا من المُفترض أن يُسلّم الرئيس المعزول عمر البشير أيضاً.
وكوشيب البالغ من العمر 71 عاماً ويرتدي بدلة وربطة عُنق، نفى التهم المُوجّهة إليه، وقبل مقاطعة النظام السابق للمحكمة كان وفد من الجنائية قد زار السودان وتحقّق مع بعض القيادات، منهم العميد عبد الواحد سعيد وآخرون، كما كوّنت الحكومة لجنة وطنية عُرفت بلجنة دفع الله، إلا أنها عادت وأوقفت التعامُل مع المحكمة وأصبحت من المحظورات، والرئيس المخلوع يُهدِّد ويتوعّد إلى أن سقط، والآن يرون أن المحكمة أفضل لهم من كوبر محل البعوض والجرايا.
ووفقاً للأستاذ إسماعيل أحمد رحمة المحامي والباحث في قضايا المحكمة الجنائية الدولية وهو مُحامٍ ضليع وثيق الصلة بالمشتبه به علي كوشيب، وله باعٌ طويلٌ في قضايا دارفور، وأحد الآباء المُؤسِّسين للكفاح المسلح وكان فاعلاً في معظم منابر التفاوض، قد أكد أمس لـ(الصيحة) أنّ من بين السيناريوهات احتمال إخلاء سبيل كوشيب أو إقامته في هولندا، وقد أصدرت هيئة محامي دارفور، بياناً رحّبت بمثول كوشيب في المحكمة، غير أن الكثيرين من أبناء دارفور اعتبروها جسماً غير مُحايد يستخدم صراع دارفور لأجندة، والخطوة التي أقدم عليها علي كوشيب بالوصول إلى لاهاي لهي كبيرة وموقف شجاع منه ويغلق الأبواب والتكهنات، وندعو الحكومة لتشجيع جميع المُشتبهين للمثول أمام العدالة سواء كان في الداخل أو الخارج مع توفير الحماية لكافة الأطراف.