الخرطوم- صلاح مختار
لم يكتمل نضج وإنزال المبادرة الإمارتية لحل الأزمة الحدودية مع اثيوبيا بالإضافة إلى مشكلة سد النهضة إلى أرض الواقع حتى فوجئ الشارع الذي كان يسأل بإلحاح عنها وما أحدثته من ردود فعل واسعة بين مؤيد ومعارض، حتى نقلت قناة (الشرق) السعودية عن مصادر بمجلس السيادة قوله إن الإمارات أخطرت السودان رسمياً بسحب مبادرتها بشأن الأزمة الحدودية مع إثيوبيا .وأضافت أن (أبو ظبي أكدت للخرطوم احترام موقف السودان الداعي إلى تكثيف العلامات الحدودية فقط)، وطبقاً للمصدر أن السودان رفض مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة، المتعلقة بالنزاع بين السودان وإثيوبيا، واعتبرها تجاوزاً للموقف السوداني المتفق عليه، والمتمثل في (وضع العلامات الحدودية). وحمل رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال زيارته للإمارات، رد حكومة السودان بشأن المقترحات التي قدمتها الإمارات بشأن حل الأزمة الحدودية مع أثيوبيا بالإضافة إلى مشكلة سد النهضة.
خفض التوتر
وشمل رد السودان الرسمي على وساطة الإمارات لتخفيف التوتر بين الخرطوم وأديس أبابا، بشأن الخلافات الحدودية وتلك الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، متمسكاً بالاتفاق العائد لعام 1972، وبالتفاوض لحل الخلافات. وسلم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، الذي أنهى زيارة لدولة الإمارات. وقال وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، الذي رافق البرهان خلال الزيارة، إن لقاء جمع البرهان بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، تناول قضية سد النهضة وتطورات الحدود الشرقية بين السودان وإثيوبيا. وبيّن المتحدث أن السودان نقل للإمارات موقفه الواضح حول الخلاف الحدودي مع إثيوبيا، وهو الموقف الذي يستند إلى حسم المسألة منذ العام 1972 عبر الاتفاق السوداني الإثيوبي. واشترط السودان للتقارب مع إثيوبيا وضع علامات ترسيم الحدود على الأرض بعد الاتفاق عليها على الورق.
على خط موازٍ، أكد أن الخرطوم نقلت موقفها أيضاً للإمارات حول سد النهضة، والقاضي بأن يتم حل الملف بالتفاوض والوصول إلى ما يعود بالنفع على الدول الثلاث، وهي السودان ومصر وإثيوبيا.
مثمرة وناجحة
ولفت السودان إلى ضرورة تأكيد أهمية الوصول إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة. من جهة ثانية، قال المتحدث إن زيارة البرهان إلى الإمارات كانت مثمرة وناجحة في الجانب الذي يعنى بالعلاقات الثنائية بين البلدين. وبين أن الطرفين ناقشا مسألة التحويلات البنكية وتعثرها بين السودان والإمارات، مضيفاً أن أبوظبي وعدت بتذليل العقبات وتنظيم زيارة تفصيلية لمحافظ البنك المركزي بالسودان عقب عيد الفطر، للعمل على إزالة العقبات في هذا الجانب. وأضاف أن الطرفين ناقشا أيضاً ملف استيراد السودان المشتقات النفطية، وتوصلا إلى اتفاقات سيتم تحويلها لوزارة الطاقة بغرض بحثها مع الجانب الإماراتي.
ردود واسعة
واجهت المبادرة الإماراتية ردود فعل واسعة وأغلبها كانت تنتقد الطريقة التي بنيت عليها المبادرة، ويرى مراقبون أن هنالك ضبابية في توضيح الطريقة التي جاءت بها المبادرة رغم حسن النوايا التي أبدتها الإمارات، وقالوا إن تلك الضبابية سبب في المشاكل التي تحدث الآن ودعا البعض الحكومة أن تكون شجاعة في بيان ذلك الغموض الذي يكتف المبادرة ولماذا رفضها أهل الشرق؟ وقال البعض حتى لا تكون المبادرة نفسها ساحة لتصفية الحسابات أو كشف الحال، على الجهات أن تطرحها على سكان الإقليم, بجانب ذلك وجود علامات استفهام كبيرة في الموضوع.
ويرى مصدر تحدث لـ(الصيحة) أن المشكلة أن تتم الصفقة بطرق ملتوية لذلك لم يتقبلها الشارع حتى أهل الشرق بجانب الأحاديث التي بدت تطفو على السطح حول علاقة الموضوع بقائمة من رجال الأعمال السودانيين أو الأجانب في الاستثمار بالمنطقة وتحويلها للعمل في الفشقة والعقد سري والجهة الموافقة عليه, كذلك الحديث عن الغنائم ولجنة إعادة توزيع المكاسب، وأكد مصدر آخر أن مصالح الإمارات واستثماراتها في إثيوبيا تفوق ما تأمل الحصول عليه من السودان فطبيعي أن تنحاز الإمارات كوسيط غير نزيه لصالح إثيوبيا. ورأى أن الإمارات لم يكن لها فضل على السودان في يوم من الأيام ولفت إلى الشعور بالغبن تجاه المبادرة هي السبب الذي دفع الحكومة الإماراتية لسحب المبادرة. واعتبر الغضب الذي واجهته الإمارات من قبل الشارع مبررا ومنطقياً ولولا هذا الانفعال ما سحبت مبادرتها. وطالب الإمارات باحترام سيادة السودان.
اتفاق إطاري
قالت مصادر، إن السودان تمسك خلال مباحثاته مع القيادة الإماراتية بضرورة تكثيف العلامات الحدودية بينه وأثيوبيا، كاتفاق إطاري ملزم مع إثيوبيا والذي تضمنته المبادرة الإماراتية لتسوية هذا الخلاف. وقال المصدر إن السودان دفع في رد مكتوب على المبادرة الإماراتية إنه “إيماناً بأن الغاية الأساسية من الاتفاق الإطاري هو تكثيف علامات الحدود بين السودان وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية لوضع علامات الحدود بين السودان وأثيوبيا بالمسافات المناسبة لتوضيح مسار خط الحدود بناء على الاتفاقيات الدولية 1902 والحدود في العام 1902 والمذكرات المتبادلة لعام 1972”. وأضاف الرد “التزامًا بالاحتفاظ لكل دولة بالسيادة على أراضيها بموجب القانون الدولي نقدر جهودكم الحثيثة في إطار المبادرة الكريمة”. وأشار الرد المكتوب إلى أن رؤية السودان تستند على تكثيف علامات الحدود بين السودان وأثيوبيا بوضع علامات الحدود بالمسافات المناسبة لتوضيح مسار خط الحدود بناء علي الاتفاقيات الدولية 1902م وتخطيط الحدود في العام 1903م والمذكرات المتبادلة لعام 1972 وأعمال المسح الميداني المشترك لمسار الحدود الموقع في العام 2010م”. كما يتأسس على اتفاق حول تأييد مسار خط الحدود وتطبيقه على الأرض وفق ما هو مبين في الإحداثيات المرفقة مع المبادرة الإماراتية تماشياً مع المذكرات المتبادلة للعام 1972 واستنادًا على اتفاقية 1902 وتخطيط الحدود 1903م تقوم مفوضية الحدود المشتركة باستكمال مهمتها في وضع وتكثيف علامات الحدود والانتهاء منها خلال عام تقويمي واحد بعد التوقيع على الاتفاق الإطاري بعون وتيسير الإمارات”. واقترح السودان أن يتم تكثيف علامات الحدود بعون الخبراء للعمل كمراقبين. كما اقترح في رده على مبادرة الإمارات انفتاح القوات لكل دولة داخل أراضيها التي تم تكثيف علامات الحدود عليها. وقالت مصادر”إن المباحثات المشتركة بين رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان تناقش الأزمة الحدودية بين السودان وأثيوبيا. وقالت إن المسؤولين السودانيين متمسكون بضرورة وضع العلامات الحدودية.
رؤية وطنية
ورغم أن مجلس الأمن والدفاع ثمّن، مبادرة إماراتية لإزالة التوتر على الحدود مع الجارة إثيوبيا. وهو ما دفع البرهان لقيادة وفد والتوجه إلى الإمارات لإبلاغ القيادة الإماراتية بموقف الخرطوم، إلا أن الاجتماع كان قاطعاً بوضع مصلحة السودان وأمنه القومي أولوية قبل البدء في أي حوار، ولذلك كان من المهم قيادة البرهان وفداً رفيعًا إلى الإمارات لابلاغ موقف القيادة السياسية والعسكرية بشأن قضية الفشقة ومفاوضات سد النهضة. وكان وزير الدفاع الفريق الركن يس إبراهيم يس، أوضح في تصريحات إعلامية عقب الاجتماع، أن المجلس ناقش الرؤية الوطنية حول المبادرة الإماراتية لإزالة التوتر على الحدود مع الجارة إثيوبيا. ولفت إلى أن المجلس ثمن المبادرة والجهود التي ظلت تقدمها دولة الإمارات العربية الشقيقة. ورهن المجلس موقف السودان من المبادرة بوضع العلامات الحدودية وفقاً لاتفاقية 1902 للحدود المشتركة، كأساس لأي تعاون أو تفاهمات لاحقة، مؤكداً تمسك السودان بحقه القانوني في أراضيه. وجدد حرصه التام على سلامة وأمن البلاد وتسخير كل آلياته وقدراته للحفاظ على الأرض والسيادة وأمن المواطن.