تقرير: صلاح مختار
بدا الحديث عند الأمين العام للحركة الشعبية – شمال، جناح عقار، ياسر سعيد عرمان عن بناء مؤسسات جديدة وخطاب جديد ومشروع جديد، رغم أنه أقر خلال زيارته لـ(الصيحة): بوجود (كثيرين عايزين يفرتقوها) حسب قوله، وأن المؤسسات هشة, وهنالك احتقانات, وغبن كثير, مما يستدعي معه الحديث عن الحوار لتوضيح تفاصيل اتفاق جوبا والوصول إلى تراضٍ بين مكونات الدولة السودانية.
ولا يرى المراقبون أن الطريق إلى التراضي صعب أو مستحيل لأنه ينزع فتيل الأزمة والحفاظ على وحدة البلاد دون أن يصيبها شرارة النزاعات والتظاهرات المطلبية من هنا وهناك, فقط كما قال البعض يحتاج إلى أن يتواضع الجميع أمام مصلحة البلاد العليا للخروج من نفق الأزمة حال فشل ذلك المشروع.
فرص جديدة
عرمان في تصريحات سابقة يرى أن الفرصة الحالية لتحقيق السلام الشامل في السودان غير مسبوقة لتوافقها مع ثورة السودان الشعبية، وقال إن السودان ظل يعاني من الحروب منذ الاستقلال وأن توافق السلام لم يحدث مع الثورات الشعبية في ثورة أكتوبر ولا في ثورة أبريل، وفي أكتوبر لم تأت الأنانيا إلى السودان كما هو الحال في أبريل، حيث لم يأت الراحل جون قرنق إلى السودان حتى حلت دكتاتورية العهد البائد. وأكد أن فرصة السلام الحالية مختلفة ومغايرة تماماً لكل مسار تاريخ السودان وتتجه به إلى معالجة قضايا البناء الوطني والقضايا التي لها امتدادات دولية وإقليمية وستعمل على إصلاح الاقتصاد حتما وإعادة بناء وإصلاح الريف السوداني كقطاع منتج وإصلاح العلاقات الخارجية.
خطوة للأمام
وحمّل السياسي والقانوني د. أبوبكر عبد الرازق مسؤولية تحقيق عملية التراضي إلى الحاضنة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية ممثلة في قوى الحرية والتغيير، وقال لـ(الصيحة): هي الجهة المنوط بها أن تتحرك نحو تحقيق التراضي والإجماع الوطني وجمع أبناء الوطن, ونوه إلى أن الدعوة إلى الإجماع الوطني قديمة، غير أنه قال: تفاكرنا مع النظام السابق بشأن تحقيق الاجماع الوطني ولكنه قوبل بالرفض حتى سقط النظام، وقال: بعد المعاناة والعجز من تحقيق ذلك وصلت البلاد إلى حد الانهيار.
وأضاف بالقول: على كل حال مطلوب منهم ذلك. مبيناً أنهم ظلوا يطرقون باب التراضي من خلال الحوار الوطني السابق حتى قبل سقوط الإنقاذ وبعده, وقال: لا أعتقد أن هنالك من لديه موقف ينحو عكس الإجماع الوطني, بما في ذلك الحركات المسلحة, وهي ليس لديها مانع. بالتالي حتى يستكمل تنفيذ الاتفاق، علينا ترك نظرية الاستفراد بالسلطة وتقديم الأكفاء ومن هم أجدر بالمناصب, وليس بالانتماء السياسي. وأكد أنهم يدعمون الحكومة لاستكمال مرحلة الانتقال السياسي كذلك ودعم مهامها المنوطة بها خلال الفترة الانتقالية, وقال: لا أرى أي غضاضة في التمييز الإيجابي لدارفور، مبيناً أنه أمر طبيعي.
قوة دفع
وشدّد المحلل السياسي د. أبوبكر آدم، على ضرورة وجود قوة دفع نحو تحقيق السلام الشامل في السودان، وأمن على أن التوقيع على الاتفاق النهائي في جوبا له مؤشرات أخرى في تطور وطبيعة العلاقات مع دولة جنوب السودان، كما أن السلام صناعة سودانية خالصة داخل حدود دولتي السودان. وبالتالي تنعكس على الوضع الداخلي، وقال لـ(الصيحة): إن السودانيين متى ما جلسوا سيكون الاتفاق والتراضي بينهم وليس من المستحيل تحقيق عملية التراضي الوطني والوصول بالبلاد إلى آفاق جديدة، وأكد أن التغيير الذي حدث بالبلاد فيه مؤشرات عملية نحو التراضي بين السودانيين. وقال: بالإمكان أن يتحقق ذلك إذا جلست القوى السياسية ووضعت الكرة على الأرض والاتجاه نحو المصلحة العليا للبلاد, وأكد أن الدعوة إلى التراضي للوصول إلى حكم السودان قديمة وممكنة وطرحت في مؤتمر الحوار الوطني, ولكن لم يلتزم به النظام السابق، ولعل الفرصة الآن أكبر للوصول إلى إجماع نحو هدف واحد.
ليس مستحيلاً
ويرى الناطق باسم حركة العدل والمساوة (سد) أحمد عبد المجيد دبجو، أن أمر التراضي للوصول إلى حكم البلاد ليس بالبعيد أو المستحيل الوصول إليه, وبالتالي هو أمر ممكن. غير أنه قال: لابد من أن ترتفع النفوس والوصول إلى مقام الوطن، لجهة أن العقل الثوري الهدف منه تحقيق مطالب وحقوق إن وجدت الأذن الصاغية, وقال: طالما أن الكفاح المسلح الهدف منه الوصول إلى الاستقرار, لذلك لابد أن تقابله بروح المسؤولية التي وصلت إلى مرحلة السلام، ولذلك أي حديث قائم على التراضي هو كلام حقيقي، وأي حديث غير ذلك هو نشاز، ويصب في إطار التفكيك. وقال: الآن أمامنا اتفاقية السلام، علينا أن ننفذها بالكامل, والوصول إلى نقاط احترام للقانون، رغم أنه قال إن الاتفاق عليه أخذ ورد, وطالب بالابتعاد عن لغة “الأنا” للوصول إلى الإجماع, ورأى أن الدعوة إلى التراضي ممكنة تتطلب احترام الآخر, واحترام خياراتهم فيما تم الاتفاق عليه في العملية السلمية. ودعا القائمين على أمر تنفيذ الاتفاقية معالجة مسار الاختلال في الثورة. وعلى الحاضنة الساسية ممثلة في قوى الحرية والتغيير مراجعة النفس لجهة أننا في مرحلة تكاد فيها الحياة منعدمة وما عادت تخفى على أحد، وأن السكوت عليها غير مُرضٍ وغير معقول، مما قد يتسبب في انهيار البلد. وقال: علينا أن نصلح أنفسنا أولاً والرجوع إلى الحق وهو فضيلة، وعلينا سد باب الذرائع.