تقرير- عبد الله عبد الرحيم
قرارات عاصفة خرجت بها لجنة إصلاح تحالف قوى الحرية والتغيير (قحت) كما أسمت نفسها بذلك، أمس من خلال الاجتماع الذي انعقد بدار حزب الأمة القومي بأمدرمان. وقد أحدثت حراكاً واسعاً وسط الساحة السياسية إثر إعلانهم في اجتماعها والذي استمر حتى فجر أمس بدار حزب الأمة أعلنت فيه حل المجلس المركزي للحرية والتغيير، وقالت إن المجلس الحالي لا يمثل قوى الإجماع الوطني وطالبت المكون العسكري بعدم التعاون معه، ودعت لتكوين جسم جديد للحرية والتغيير خلال أسبوعين، وقالت إن المجلس الجديد يضم كل مكونات الثورة الحقيقية خاصة الشباب، منادية بتغيير كل المكون المدني بمجلس السيادة وأن المجلس السابق أصبح لا يمثل الحاضنة الرئيسية للحكومة، وتغيير الجهاز التنفيذي وتكوين الجهاز التشريعي بواسطة المجلس الجديد.
هذه الدعوة اعتبرها البعض انقلاباً داخل الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية والتي يمثل التحالف أحد أهم مكونات أضلاعها وأركانها الأساسية. وأكدت اللجنة أن المجلس المركزي للحرية والتغيير الحالي لا يمثل الحاضنة السياسية، وطالبت بضرورة مخاطبة أجهزة الدولة لعدم اعتماد أي قرارات تصدر عنه إلى حين عقد المؤتمر التأسيسي، واختيار مجلس جديد يمثل الحرية والتغيير، وأمّن الاجتماع على أن اجتماع القوى السياسية يمثل جمعية عمومية باعتباره ضم غالبية مكونات الحرية والتغيير.
المركزية ترد بعنف
وكرد فعل لمبادرة حزب الأمة عقدت مركزية الحرية والتغيير اجتماعاً طارئاً أمس “السبت” بحضور مكوناتها كافة لتبيان الحقائق للرأي العام وإجلاء موقف الحرية والتغيير، وقال بيانهم إن مركزية الحرية والتغيير تدرك الأوضاع الحرجة التي تمر بها البلاد من تعقيدات الانتقال والضائقة المعيشية وتداعيات الوضع الاقتصادي والأمني وتحديات الانتقال والتي تستدعي تماسك الجبهة الداخلية لمجابهة الوضع ودعم الحكومة الانتقالية حتى تتمكن من أداء مهامها الدستورية في تحقيق مقاصد الثورة وأهداف الانتقال وفاءً لدماء الشهداء وتتويجاً لنضالات الشعب السوداني، وهذا الأمر لا يحتمل المزايدة والابتزاز والمماحكة السياسية التي تفتح الباب للفوضى.
وقال إن ما تم في دار حزب الأمة القومي لا يمثل الحرية والتغيير، وأكد أن المجلس المركزي لم يقم بتشكيل تلك اللجنة التي ادعت أنها للإصلاح، وأن عملية إصلاح وتطوير الحاضن السياسي مهمة لا تقبل التأجيل وقد سعى لذلك بإرادة ووعي بمطلوبات المرحلة من خلال الحوارات مع أطراف العملية السلمية وبقية القوى السياسية والثورية تأكيداً للجدية.
وقالت المركزية إنهم ظلوا في تواصل مع حزب الأمة منذ تجميد حزب الأمة نشاطه في الحرية والتغيير في سبيل فك تجميده ضمن عملية إصلاح شامل للحرية والتغيير تبدأ بالهيكلة الموسعة وعقد مؤتمر تداولي تشارك فيه كل قوى الثورة لتطوير الميثاق والبرنامج الانتقالي في عملية توافق سياسي لإدارة الانتقال، وهذا ما تم التوافق عليه في ظل قيادة الراحل الإمام الصادق المهدي، ولكن ظل الحزب يتردد ويعطل مسار إصلاح الحرية والتغيير بتمسكه بتمثيل أعلى على حساب المكونات الأخرى، وفي ذلك قد طلب فعلياً (7) مقاعد في المجلس المركزي وتمت الموافقة عليها بداعي الحرص على وحدة قوى الحرية والتغيير، ثم عاد وفدهم مرة أخرى وطالب بعشرة مقاعد، كما طالبوا بـ (65) مقعداً من مقاعد المجلس التشريعي المخصصة للحرية والتغيير، علماً بأن المقاعد المخصصة لكل مكونات الحرية والتغيير مجتمعة (165) مقعداً بما فيها كل ولايات السودان، وهذا من الأسباب الرئيسية وراء تعطيل تشكيل المجلس التشريعي، وذات الموقف كان عند إعادة تشكيل مجلس الوزراء حيث قاموا بطلب (6) وزارات وتسبب أيضاً في تأخر تشكيله. وقال: ما صدر من الأمة لا يساعد على عملية الإصلاح الجارية، بل يعقد الموقف ويضاعف من تحديات الانتقال ويخدم الخط الرامي لإضعاف الحرية والتغيير وإجهاض الفترة الانتقالية ومعلوم من يقف وراءه. وأعلنوا رفضهم لهذا الموقف غير المقبول، وأكدوا بأن قرارت المجلس المركزي للحرية والتغيير في الإصلاح والتطوير لا رجعة فيها، والتي استوعبت كل قوى الثورة، وستشهد الأيام المقبلة استكمال عملية التشاور الجارية مع أطراف العملية السلمية لتوحيد الحاضن السياسي لدعم الحكومة الانتقالية.
وجدد المجلس المركزي للحرية والتغيير التزامه بالعمل على الوفاء باستحقاقات الانتقال وفق البرنامج السياسي للحكومة الانتقالية في استكمال مؤسسات السلطة الانتقالية ومتابعة ملفات السلام والعدالة والاقتصاد والحريات، كما نجدد دعوتنا للأحباب في حزب الأمة القومي ترسيخاً لمواقفهم الداعمة للثورة والانتقال أن يقوموا بمراجعة مثل هذه المواقف.
حاضنة جديدة
وقال د. محمد المهدي حسن رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة لـ(الصيحة)، إن الاجتماع الذي انعقد بدار حزب الأمة ضم كل القوى المكونة للحرية والتغيير وإن المجلس المركزي كله كان حاضراً بالإضافة للقوى الجديدة مثل لجان المقاومة، مؤكداً أن هذا يعبر عما ظل الحزب ينادي به سابقاً في مبادرته العقد الاجتماعي الجديد، وذكر المهدي بأنهم ظلوا في انفراد في اجتماعات مع المجلس المركزي لكي تحدث إعادة هيكلة القوى الحاضنة بإدخال آخرين ولتصبح سنداً حقيقياً للحكومة، مشيراً إلى أن الموضوع ليس انقلاباً وإنما فكرة قديمة للحزب وللقوى السياسية في مركزية قوى الحرية والتغيير في سبيل الإصلاح، وأنه الآن جاءت الفترة المناسبة لهذا الإصلاح استصحاباً لفكرة الآخرين وهي فكرة بحسب رئيس المكتب السياسي للأمة قابلة للأخذ والرد لتكون حاضنة للحرية والتغيير الجديدة.
وحول البيان الرافض لهذه الإصلاحات من قبل مركزية الحرية والتغيير قال المهدي، إن هناك بعض القوى التي تريد أن تبقى الأوضاع على ما هي عليه الآن، واصفاً هذه القوى بالنشاذ، وقال إن القاعدة العريضة تعارض هذا المبدأ.
محاولة للسيطرة
وقال د. معتصم أحمد الحاج المحلل السياسي لـ(الصيحة)، إن ما حدث يمثل انقلاباً داخل قوى الحرية والتغيير ومحاولة لبعض الجهات السيطرة على التحالف من جديد بدلاً عن تكليف قيادة بالإعداد لمؤتمر لكل قوى الحرية والتغيير يحدث مثل هذا الانقلاب، وزاد: في رأيي هذا الأمر مريب، واتجاه ومدعاة لتحالف جديد ما يؤدي ويقود لمزيد من الانقسامات داخل الساحة السياسية.
وذهب الحاج إلى أن ما تم وخرجت به لجنة إصلاح “قحت” يمثل دعوة لتحالف جديد ومحاولة للسيطرة على التحالف مع المحافظة على الاسم نفسه، ويرى أن مثل هذا المسلك يقود في النهاية لإحداث (بلبلة وتهتك) داخل جسم التحالف العريض، مؤكداً أن الأمر ظاهرة انقسامية خطيرة على الساحة السياسية لأن هؤلاء لا يمثلون خطراً على الحكومة بسبب أن الذين يشاركونها هم الجزء الشرعي وهؤلاء الانقلابيون كانوا جزءاً منهم، وكان يجب أن يسعى الجميع للاتفاق على الدعوة لمؤتمر تغيير، توضع فيه رؤاهم على المرحلة القادمة، مشيراً إلى الريبة الكبيرة التي تحيط بهذه الدعوة. وقال إنهم يتكلمون عن المكون المدني داخل مجلس السيادة وكأنهم لا يعلمون عن اتفاق جوبا الذي أكد أن فترة العسكر في الانتقالية تبدأ من أكتوبر الماضي، فيما لا زالوا يفتكرون أن مدة وفترة العسكر قد انتهت وولت، مشيراً إلى أن الساحة السياسية أضحت (مرتبكة وجايطة) في ظل غياب الرؤى ولا بد من النظر بعمق في ظاهرة الانقسامات والانقلابات.
سد الثغرات
ولكن د. السر محمد علي، الأكاديمي والمحلل السياسي يرى أن إقرار الاجتماع – توصية بتطوير ميثاق الحرية والتغيير لاستيعاب متغيرات الفترة الانتقالية وسد ثغرات الوثيقة الدستورية وحمايتها من أي تجاوزات وخروقات خطوة ربما أدت لتماسك هذه القوى وأعادت إليها الروح من جديد. وتقديم مصفوفة معالجات للأزمات الأمنية، والاقتصادية والاتفاق على موجهات العلاقات الخارجية بكل شفافية ووضوح قد تجيء ملبية لتطلعات الشعب السوداني،. مؤكداً أن تشديد الاجتماع على ضرورة التوحد حول رؤية واضحة لمؤسسات الفترة الانتقالية، وتحديد آليات واضحة، هو المطلب الذي يمثل ويلبي طموحات الشعب إن أحسنت التكوين والتصرف.