دارفور ــ محمد البشاري
بعد مرور أكثر من (18) عاماً على اندلاع أشرس حرب في القارة الأفريقية، بات إقليم دارفور أكثر أمناً واستقراراً عدا بعض الأحداث – بفضل بسط القوات النظامية سيطرتها على الأوضاع الأمنية بجانب اتفاق سلام السودان الموقع بين الحكومة السودانية وحركات الكفاح المسلح في الثالث من أكتوبر الماضي، حالة الأمن والاستقرار بالإقليم بدت واضحة من خلال جولة لوفد إعلامي شملت عدداً كبيراً من مناطق دارفور وقف من خلالها على الأحوال الأمنية هناك ورصد انعكاساتها على حياة المواطنين اليومية، بالمقابل فإن استقرار الأوضاع الأمنية لم ينعكس على التنمية هناك والتي تتمثل في البنية التحتية والخدمات وخلافها والتي يبدو أنها تحتاج لسنوات حتى تصبح واقعاً معاشاً، آلاف الكيلومترات قطعها الوفد عبر البر مكنته من الوقوف على الأوضاع بدارفور.
مهدد أمني
محطة الوفد الإعلامي الخامسة في الإقليم كانت في محلية سرف عمرة بولاية شمال دارفور التي وصلها الوفد عند الحادية عشرة مساء قادماً إليها من مدينة الجنينة والتي سبقتها زيارة الوفد للفاشر ونيالا وكاس و”بورنقا” و”كايلك” وزالنجي، حالة من التوتر سرت وسط الوفد عقب وصولهم لمنطقة سرف عمرة بعد تسرب نبأ إليهم يفيد أن المنطقة شهدت اشتباكات طيلة نهار وعصر ذاك اليوم على خلفية حملة نفذتها قوات الدعم السريع لجمع الدراجات النارية “المواتر” التي باتت تشكل قلقاً ومهدداً أمنياً لسكان المنطقة، ساد الصمت والقلق وسط الوفد لكن سرعان ما زال ذلك القلق بسبب الانتشار الواسع لقوات الدعم السريع وتأمينها للمنطقة، تفاصيل الخبر الذي تلقاه الوفد يشير إلى أن قوات الدعم السريع بمنطقة سرف عمرة نفذت عمليات تمشيط وتفتيش ومداهمة بقوة قوامها 70 عربة مسلحة إثر استنجاد المدير التنفيذي للمحلية بالقوات حيث داهمت متفلتين يمتطون دراجات نارية “مواتر” الأمر الذي أسفر عن وقوع اشتباكات بين تلك القوات والمتفلتين داخل سوق المنطقة.
ترويع المواطنين
وأبلغ قائد متحرك درع السلام التابع لقوات الدعم السريع اللواء النور أحمد آدم “القبة” الوفد الإعلامي أن قواته حاصرت منطقة سرف عمرة لضبط الظواهر السالبة التي سببها متفلتون يستقلون “المواتر” ويرتدون “الكدمول” ويقومون بترويع المواطنين، وذلك بعد أن استنجد بقواته كل من والي ولاية شمال دارفور والمدير التنفيذي للمحلية بوجود مهددات وعمليات نهب من قبل متفلتين.
ونوه النور إلى أن قواته ضبطت أكثر من (81) دراجة نارية “موتر” يستقلها متفلتون، وأشار إلى أنه صدر قرار بمنع قيادة “المواتر”، مشيراً إلى أن المتفلتين شنوا هجوماً على قوات الدعم السريع وبدورها واجهتهم بحزم وألقت القبض على (7) مجرمين، بينما جرح (5) من منسوبي الدعم السريع، وأكد النور أنه لم يصله أي بلاغ عن وجود وفيات من طرف المتفلتين لكنه أشار إلى وفاة طفل جراء إصابته بطلق ناري “طائش”، وأضاف قائلاً “الآن فرضنا سيطرتنا تماماَ على سرف عمرة وأصبحت المدينة خالية من المتربصين والمجرمين؛ ورسالتنا أننا لن نسمح ولن نقبل بأي فوضى لزعزعة الأمن”.
في السياق، كشف النور عن وجود تحشيد قبلي بالقرب من بادية “مستريحة” بين قبيلتين بسبب جريمة قتل، لافتاً إلى إرسال قوات للتعامل مع الموقف حتى لا يتطوّر إلى مشكلة أكبر.
حسم المتفلتين
بالمقابل، أكدت قيادات بالإدارة الأهلية بسرف عمرة دعمها للإجراءات الأمنية التي اتخذتها قوات الدعم السريع، وأعلنت العفو عن مقتل الطفل الذي أصابته طلقة نارية بالخطأ أثناء مواجهة المتفلتين، مؤكدة أن ذلك قضاء وقدر ووقع في إطار أمن المنطقة واستقرارها وحفظ أرواح وممتلكات المواطنين.
بعد (12) ساعة قضاها الوفد بمنطقة سرف عمرة غادرها نهار اليوم الثاني متوجهاً صوب محلية السريف التي شهدت أيضاً أحداثاً دامية، ساعة من الزمان كانت زمن رحلة الوفد من محلية سرف عمرة إلى السريف، الوفد تلقى تنويراً من المدير التنفيذي لمحلية السريف وقيادات الإدارة الأهلية بالمحلية عن الأحداث التي وقعت هناك، وامتدحوا سرعة استجابة وتدخل قوات الدعم السريع لاحتواء الأوضاع هناك وحسمها للأحداث، بعدها غادر الوفد محلية السريف إلى محلية كتم في رحلة استغرقت أكثر من (7) ساعات.
حماية المدنيين
كتم مثلت المحطة الأخيرة في زيارة الوفد لعدد من مناطق دارفور في رحلة استغرقت نحو أسبوعين، بمحلية كتم التقى الوفد بإدارات أهلية هناك، وامتدح وكيل إدارة دار بيري بمحلية كتم إسحق علي منصور دور قوات الدعم السريع في تأمين وحماية المدنيين وممتلكاتهم وتأمين الموسم الزراعي بالمحلية.
وقال في تصريحات صحفية، إنهم ومنذ العام 2003 ظلوا يعيشون في حالة من الرعب والخوف بسبب الأحداث التي ظلت تتعرض لها كتم، وأضاف ” حتى جاء عام 2017 الذي وصلت فيه قوات الدعم السريع إلى المنطقة وقامت بتأمين المواطنين هناك بعد أن فقدوا أرواحاً وأموالاً كثيرة في الفترة السابقة”.
وأردف: “باعتباري وكيل إمارة بيري، نشكر قوات الدعم السريع لدورهما الوطني في تأمين المزارعين والرعاة بجانب تقديم الخدمات التعليمية والصحية”، وزاد: ” تجد الدعم السريع تحس بالاطمئنان والأمان، ونقول على الرغم من هدوء الأحوال الأمنية إلا أن هنالك هشاشة في الجانب الأمني في بعض المناطق الشرقية للمحلية تتمثل في جرائم السرقة والقتل، ونطالب بزيادة قوات الدعم السريع حتى تكتمل حلقات الأمان والسلام”.
وأشار منصور إلى أنه وخلال العام الماضي قامت قوات الدعم السريع بتأمين وحماية الموسم الزراعي حتى يتمكن المزارعون من حصد حقولهم بكل اطمئنان.
كتم التي كانت خاتمة زيارة الوفد الإعلامي إلى عدد من مناطق دارفور، بيّنت أن وجود الدعم السريع في الإقليم بات مطلباً جماهيرياً لضمان استتباب الأمن والاستقرار هناك.