أثارت الاتهامات التي أطلقتها سيدة ادّعت أنها تمثل أسر الشهداء في مُخاطبة حشد أمام القيادة العامة، ردود فعل عديدة، حيث أصدرت عدة كيانات وقبائل ومنظمات، بيانات إدانة لحصر الاتهامات في شخصية النائب الأول لمجلس السيادة وشقيقه الفريق عبد الرحيم حمدان دون غيرهما من أعضاء الحكومة وقادة القوات النظامية الأخرى.
وأمس الأول نظمت مجموعة من منظمات المجتمع المدني، مؤتمراً صحفياً بوكالة السودان للأنباء، أكّدت فيه رفضها لتسييس المنظمات والانحراف عن أهدافها الإنسانية.
وقالت الناشطة في منظمات المجتمع المدني رانيا راشد، إنّ هنالك ظواهر خفية تُمارسها بعض الجهات تحت غطاء منظمات المجتمع المدني لشيطنة الجيش والدعم السريع، وتعمل تحت غطاء حقوق الإنسان وتتبنى خطاب الكراهية والتفرقة العنصرية، بجانب اغتيال الخصوم سياسياً، ودعت إلى ضرورة ابتعاد المنظمات عن الأعمال المسيسة والعمل إلى تبني مشاريع المجتمع، وكذلك الابتعاد عن المصالح الحزبية والانتخابية، وكان النظام السابق له قانونٌ قادرٌ للسيطرة على المنظمات غير الحكومية ويُلاحقها بكل هوادة ويتّهمها بتلقي التمويل الأجنبي والعمل لأجندات دولية، وفضحت الاتهامات الأخيرة بعض منظمات المجتمع المدني التي تدعي العمل من أجل حقوق الآخرين، وبين كيف أنها تكفر بالآخر وتمارس الإرهاب الفكري وتكميم الأفواه ومُصادرة صوت الآخرين الذين قامت على أكتافهم ثورة ديسمبر، وبهذا يمكن القول إن مثل هذه المنظمات تمثل واجهات لجهات سياسية وأمنية لها أجندات سياسية وجهوية وتبحث عن دورٍ لها في الخارطة السياسية، والمطلوب الآن تحديد قانون واضح وفاعل لمنظمات المجتمع المدني التي من المُفترض أن يكون لها دور في التنمية وبناء القدرات وتقوية المجتمع ونشر ثقافة السلام.
وبرأيي، إنّ الخطاب الذي قرأته والدة أحد ضحايا الاعتصام، واضحٌ أنه يحمل أجندات جهات مُحدّدة تريد استباق نتائج التحقيق والإبقاء على القضية حيّةً للمُتاجرة بالمواقف السياسية، ومنظمات المجتمع المدني يجب أن تكون بعيدة عن الحكومات والأحزاب السياسية لأنها هي وسيلة بديلة للتمثيل المُباشر للضحايا ولإرادة المُواطنين البسطاء، وكذلك على المنظمات تجنُّب الدعم المالي من الأحزاب والواجهات ذات الأجندات السياسية حتى تكون مُحصّنة من التأثير السياسي، ونحن في السودان نحتاج الى مُنظّمات تعمل على ترسيخ قيم السلام والعدالة والمساواة والاستقرار والتكافُل, مُنظّمات تُرسِّخ قيم المَحَبّة والتسامُح، لا نُريد مُنظّمات تعمل على حض الكراهية والحقد والضغينة، والخطأ الأكبر أن تتبع بعض المُنظّمات لأحزاب سياسية أو حركات مُسلّحة وتتأثّر بصراعاتها وأجندتها السياسية والجهوية، لأنّ مثل هذه المُنظّمات ينظر إليها المواطنون بريبةٍ وتخوُّفٍ، والقادة الذين تمّ اتّهامهم من قِبل السيدة ممثلة المنظمة، عليهم أخذ حقهم القانوني وهو حقٌ يكفله لهم القانون والدستور، وكذلك على أُسر الشهداء من المهدية الى الإنقاذ معرفة المُنظّمة التي قالت إنها تمثلهم، وكذا الحال شهداء دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
وفي ظل الانفتاح مَطلوبٌ من المنظمات الإنسانية أن تعمل على تحسين الأوضاع الاجتماعية والصحية والخدمية، حيث يُعاني المواطن السوداني من تَدَنٍ في الخدمات كافة، ويحتاج الى دعمٍ في كل المجالات، تدريب, تأهيل وخدمات الصحة والمياه، وأن تكون مُنظّمات ذات أجندات خدميّة وإنسانيّة لا تكون كتلك المُنظّمات التي أضاعت حُقُوق أُسر فقدوا ذويهم وربطتها بأشخاص وهو ضَيَاعٌ للقضية.