الغالي شقيفات يكتب.. بيئة تلفزيون السودان
تلفزيون السودان الذي انطلق عام 1962م ببث تجريبي في مُحيط العاصمة الخرطوم، لا يزال إرساله ضعيفاً في بعض ولايات السودان، وقد اُستجلبت له كاميرات ومحطات من ألمانيا في عهد الوزير اللواء محمد طلعت فريد، وتمت توأمة مع تلفزيون وإذاعة برلين، وكان التلفزيون يساهم في توثيق الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية إلى أن وصل إلى البث الملون في عام 1975م، وفي عهد النظام البائد أُضيفت محطات قادرة على البث خارجياً عبر الأقمار الصناعية وتم إدخال أنظمة حديثة في الإضاءة والإنتاج، ودفع النظام بكوادره الإعلامية وأسندت لهم إدارات مهمة في التلفزيون، وكانت للتلفزيون برامج واضحة ومعروفة ومحضورة من قِبل المُشاهدين حتى برنامج ساحات الفداء الجهادي كان محضوراً، وأسماء في حياتنا وغيرهما من البرامج.
وللأسف، يمكن القول إنّ تلفزيون النظام البائد كَانَ أفضل بيئة وبرامجَ من تلفزيون الثورة الحالي وهذه فضيحة كبيرة للأستاذين الرشيد سعيد ولقمان أحمد رغم أنهما قادمان من العالم الأول والبلاد المتقدمة التي تهتم ببيئة العمل ونظافة المؤسسة، وفي أمريكا التي نعيش فيها أنا ولقمان لا يتم تصديق مطعم أو مجمع صغير ما لم يستوفِ الشروط الصحية والبيئية كتوفير حمام للزبائن ومطبخ وتدفئة وغيرها من الأساسيات المُهمّة وأثاث مُحترم.
ورغم تقدُّم العصر التكنولوجي واستخدام منصات التواصل الاجتماعي خاصةً المرئية كاليوتيوب والشاشة الذكية ومنصات البث الرقمية، إلا أنّ التلفزيون لم يفقد أهميته في السودان، فهو لا يزال الوسيلة الأولى لنشر الأخبار والمعلومات المرئية، والمتلقي يقول ليك (دا جابوه في الجزيرة) يعني مصدر موثوق وهو أيضاً وسيلة للترفيه ومتابعة الدراما والمسلسلات.
والتلفزيون بتاريخه الطويل، يجب أن يكون مُؤهّلاً تقنياً وفنياً وهندسياً وإدارياً لإنتاج الأفلام والمسلسلات والإعلان، والزائر للتلفزيون اليوم يُلاحظ التردي البيئي، والتراجُع في الأداء، وعدم تأهيل الكادر، وغياب التدريب، وتهالك الأجهزة والمعدات الفنية، وأيضاً هناك نقطة مُهمّة في العمل الإعلامي والإذاعي والتلفزيوني وهي تبادل الخبرات، حيث نُلاحظ توقُّف التبادُل مع المحطات الأوروبية والعربية، وواضحٌ جداً غياب الرؤية الإدارية والمُحفِّزات وعدم الرضاء المهني والوظيفي، وخير شاهد على ذلك التظاهرات والوقفات الاحتجاجية داخل مباني التلفزيون لهذا الغرض، وكثرة التقاطعات والصراعات الإدارية، وهذا يدل على قلة الخبرة للإدارة الجديدة، ودونكم برامج التلفزيون، حيث لا تنسيق ولا شراكات إنتاجية مع المُؤسّسات وبيوتات الخبرة، فكان في عهد النظام السابق كوادر النظام الجهادية والأمنية والإعلامية هي من تسيطر على التلفزيون وتُوجِّه البرامج على حسب رؤيتها السياسية وأجندتها التعبوية، إلا أنّه في عهد الثورة تُسيطر عليه المجموعات والعلاقات على حساب المهنية والجودة.
وبيئة العمل Work Environment في تلفزيون السودان تحتاج إلى عملٍ كبيرٍ حتى المياه الراكدة في شارع التلفزيون الخارجي تحتاج إلى شفط ونظافة وسفلتة الشارع، والكادر البشري هو من العوامل المُؤثِّرة لنجاح أية مؤسسة، فيجب الاهتمام به من حيث التدريب والتأهيل وتوفير مُعينات العمل والراحة.
والأستاذان لقمان والرشيد سعيد عليكما بالتواجُد مع العُمّال والموظفين حتى تتعرّفا على أحوالهم وظروف العمل التي يعيشونها حتى لا يُحسب عليكما الفشل.. مطلوب منكما تدارك الأمر قبل فوات الأوان وحتى لا يقول المُوظفون والعاملون في التلفزيون: “يا حليل زمن الطيب مصطفى عليه رحمة الله، أو كما يقول هو عليه الرحمة تلفزيون الرشيد الشيوعي”.