لواء شرطة (م) بشير علي محمد بخيت يكتب.. ورحل آخر القادة (المؤسسين) لقوات الشرطة السودانية
- كلية الشرطة
نالت كلية الشرطة قيادة وإدارة وطلبة الاهتمام والمتابعة الشخصية من القائد الراحل عبد الله حسن سالم الذي لم يألُ جهداً لتطويرها وتحديثها لتصبح من أوائل كليات الشرطة عربياً وأفريقياً وإقليمياً ولتواكب رصيفاتها عالمياً.. وكان يؤمن بأن تحديث وتطوير الشرطة السودانية يبدأ وينطلق من الكلية وطلبة الكلية, ضباط شرطة المستقبل ولم تخطئ فراسته ونظرته المستقبلية الصائبة.. فقد أصبحت كلية علوم الشرطة والقانون بضاحية سوبا اليوم هي المنارة الشرطية في قلب افريقيا, والوجه المشرق للسودان في المحيط العربي والأفريقي..
حل وزارة الداخلية.. وإلغاء منصب مدير عام الشرطة!!
خلال الفترة الأخيرة لعهد مايو 1969م وعندما بدأت سفينته القديمة المهترئة تهتز وتتمايل يمنة ويسرة بفضل الأمواج الهائلة “للسونامي الشعبي” الذي أخذ يهز السفينة المتهالكة هزاً عنيفاً.. وهي تبحر دون “بوصلة” في ذلك الطرف البعيد لعهد مايو قبيل سفره الأخير للولايات المتحدة الأمريكية ومن بعدها (الإقامة الطويلة) في مصر لأن الرئيس نميري رحمه الله قد أصدر قراراً جمهورياً صادماً مذهلاً أدهش وألجم أفواه أقرب المقربين إليه وجعل المواطنين كل المواطنين في السودان في حالة صدمة وذهول وهم بين مصدق ومكذب.. وقد شمل القرار الجمهوري “المدمرات” الآتية:
- حل وزارة الداخلية 2. الغاء منصب مدير عام قوات الشرطة 3. استبدال منصب مدير عام الشرطة بمفتش عام الشرطة 4. ضم قوات الاحتياطي المركزي للقصر الجمهوري 5. “تفويض” جميع سلطات مدير عام قوات الشرطة للقادة الإداريين بالمديريات 6. إلغاء منصب مدير عام السجون واستبداله بكبير ضباط السجون!!
لقد كانت تلك القرارات المدمرة وغير المسبوقة هي رصاصة الرحمة أو الانفجار والانتحار السياسي سمها ما شئت. التي أطلقها نظام مايو على نفسه!! فأشعلت وألهبت وألهمت “نيران الانتفاضة” المباركة الشاملة فكان البيان التاريخي للمشير سوار الذهب الذي نزع الأجهزة المنقذة للحياة من الجسد الواهن المسجى “بغرفة الإنعاش”!!
لقد جاءت تلك القرارات الرئاسية “الصادمة” جاءت ولحسن الطالع في عهد قائد شرطي شجاع ومصادم لا تأخذه في الحق لومة لائم.. إنه الراحل المقيم عبد الله حسن سالم الذي قابل الرئيس نميري قبل إحالته على التقاعد وأوضح له أن هذه القرارات ستؤدي إلى انهيار منظومة الشرطة والأمن الداخلي في طول البلاد وعرضها بثورة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى مضيفاً أن قوات الاحتياطي المركزي هي قوات مقاتلة مدربة تدريباً عسكرياً عالياً لا يمكن أن تكون تحت قيادة وتحكم “رئيس ملكي” حتى لو كان وزير شئون رئاسة الجمهورية.. وقد استمع المرحوم نميري جيداً لما سمع ولم يرد أو يعلق عليه..
ورحل قائدنا الاستثنائي الفذ الفريق أول شرطة دكتور عبد الله حسن سالم تاركاً كابينة قيادة الشرطة بعد خمس سنوات ونصف السنة.. وهي سنوات إنجازات عظيمة بيضاء من غير سوء.. تسر الناظرين لما حوته وقدمته للشرطة من إنجازات تاريخية استراتيجية عظيمة منها وعلى رأسها مستشفى الشرطة ودار الشرطة والمارد الشرطي قوات الاحتياطي المركزي جعلها الله سبحانه وتعالى جميعاً في ميزان حسناته..
ختاماً.. عزاؤنا الصادق لأسرته الكريمة الممتدة ولأهلنا في قندتو والعريباب والعزاء موصول أيضاً لمؤسسة الشرطة وزيراً ومديراً عاماً وهيئة قيادة وضباط وضباط صف وجنود في مواقع الشرطة في كل أنحاء السودان.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
نائب مدير عام قوات الشرطة (الأسبق)
قائد قوات الاحتياطي المركزي (الأسبق)