أسهمت وزارة التربية والتعليم الاتحادية؛ بقدر وافر وسهم كبير ونافذ؛ في القضاء على هذا العام الدراسي الحالي؛ ٢٠٢٠م ـ٢٠٢١م؛ وإزهاق روحه وموته واغتياله؛ وكتبت بيدها نهايته ودقت آخر مسمار في نعشه؛ وشيعته إلى مثواه الأخير؛ واهالت فوقه التراب؛ من حيث تعلم ولا تعلم، ومن حيث تدري ولا تدري!
فعلى الرغم من الضجة الكبرى والغبار الكثيف والتصريحات النارية التي أثارتها وأطلقتها الوزارة؛ وأقامت بها الدنيا ولم تقعدها؛ قبل بداية العام الدراسي؛ حول تغيير المناهج الدراسية المعطوبة والمتخلفة وغير المواكبة للتطور والتقدم الذي يشهده العالم اليوم؛ والتي وضعها نظام الإنقاذ البائد؛ وحسب تصريحات المسؤولين الكبار بالوزارة سيما دكتور القراي مدير المناهج المقال؛ فإننا توقعنا أن تأتي لنا الوزارة بمناهج لم يسبقها عليها أحد من العالمين؛ أو دولة من الدول في العالم؛ مناهج تواكب التطور والحداثة والتكنولوجيا والمستجدات العلمية في كافة المجالات؛ وتمثل كل السودان وترتقي بعقول فلذات الأكباد وتفتح لهم أبواب المستقبل على أوسع مصاريعها وتحملهم إلى آفاق المعالي؛ وسماوات المجد والسؤدد؛ وتبني سودان العلم والمعرفة الجديد!.
ولكن تمخض الجبل وولد فاراً؛ وأرغت الوزارة وأزبدت وأرعدت بيد أن كل ذلك لم يكن ودق الرواعد؛ بل جاء برقاً خلباً؛ وخبالًا وسراباً لا يروي الظامئ؛ وأكذوبة (ووهمة) كبرى!.
إن المناهج الحالية التي أقرتها وزارة التربية والتعليم ودفعت بها للمدارس؛ بعد أن انصرم العام الدراسي؛ هي مناهج مشوهة وعقيمة ومبتورة وطفل خدج!
ولا تواكب التطور والتقدم الكبير الذي يشهده العالم اليوم سيما في مجالات التكنلوجيا والعلوم والمعارف الإنسانية المتطورة والمتجددة على الدوام؛ هي مناهج جامدة ومعطوبة وموغلة في التخلف والرجعية؛ تعود بأبنائنا إلى عهود الجهل والظلام والكهف الأول والقرون الوسطى؛ وتخلق منهم أجيالًا مشوهة العقول؛ ومتبلدة الأذهان؛ ومعطوبة الفكر والوجدان !
وكل ما فعلته الوزارة فقط أنها أعادت تدوير وإنتاج (نفايات) مناهج الإنقاذ القديمة؛ التي رفضتها ووسمتها بالتخلف والتكلس والجمود؛ مناهج وزارة التربية والتعليم الجديدة وفي عهد الثورة المجيدة والظافرة؛ ما هي إلا (ترقيع وتلفيق وسمكرة وتلتيق) وابتسار مخل للمناهج القديمة؛ واتسمت (بالعجلة والكلفتة ودفن الليل أب كراعاً برة).
ولم تأت الوزارة بمنهج جديد أو حتى حرفاً واحدًا أخضر أنضر وريفاً مثمرًا!
المناهج الحالية مملة ومنفرة وطاردة؛ تصب في عقول الطلاب الجهل والخبال وتصيبها بالعور والتكلس والجمود؛ وبنيت على الحفظ والتلقين؛ لا الفهم والامتاع والإبداع والتشويق وتنمية الإبداع والملكات وقدح زناد الفكر المثمر والعقل الخلاق والخصب المبتكر!
بل إن مناهج نظام الإنقاذ الملغاة؛ كانت أفضل منها بكثير وتتفوق وتتقدم عليها بمئات السنوات الضوئية!
إن مناهج وزراة التربية والتعليم الحالية؛ هي (جريمة فادحة) ارتكبت في حقوق أبنائنا ومستقبل فلذات أكبادنا ومستقبل الوطن الجميل؛ وتجب محاكمة ومعاقبة الذين أقروها وألزموا بها المدارس؛ وقبل ذلك يجب إلغاؤها فوراً قبل فوات الأوان.
أما في الجوانب الإنسانية والمسؤوليات الأخلاقية والتربوية؛ والمناحي الصحية؛ في ظل جائحة كورونا القاتلة والمتجددة والتي تغير جلدها ما بين فينة وأخرى؛ ولا تزال تتربص بالبشرية وتفتك بالخلق بلا رحمة؛ فإن مدارسنا اليوم هي (حواضن وملاذات آمنة وبيئات صالحة تعيش فيها الكورونا آمنة وتسرح وتمرح هانئة حرة سعيدة مطمئنة؛ ونقول إن هذا الداء القاتل منتشر بكثافة في مدارس السودان وولاية الخرطوم هي (أوهايو السودان).
نعم عزيزي القارئ أن الكورونا تحلق فوق رؤوس أبنائنا الطلاب وفلذات أكبادنا وتحدق وتحيط بهم إحاطة السوار بالمعصم.
فالمدارس الحكومية والخاصة تتكدس بأعداد الطلاب الكبيرة ويلتحمون مع بعضهم البعض وتلتصق أجسادهم بلا تباعد اجتماعي أو صحي؛ أو إجراءات وقائية احترازية؛ ونحن حينما ندخل الفصول يومياً (نتلو الشهادة ونترحم على أرواحنا وأرواح الطلاب مثنى وثلاث ورباع) ثم نقتحم الفصول بؤر الداء؛ ومسارح الموت؛ والخطر وحواضن الكورونا القاتلة.
ولن نخيفكم ولن نقول لكم أيها الآباء والأمهات؛ ولن نعلن لكم أن أبناءكم وفلذات أكبادكم؛ يعيشون تحت خطر الكورونا في مدارس ولاية الخرطوم الخاصة والحكومية؛ لا… لن نخيفكم ولن نصرخ ولن نصرح ولن نصدع بتلك الكارثة والطامة الكبرى؛ لا… لن نفعل ذلك.
وفي ظل هذا الخطر المحدق والقاتل؛ فإن وزارة التربية والتعليم ظلت غائبة عن المشهد الصحي (الكوروني) القاتل؛ وتخلت عن مسؤوليتها الأخلاقية وواجبها التربوي؛ وتركت الكورونا تحلق حرة طليقة؛ ولم تقدم للمدارس الحكومية والخاصة؛ (قطعة قماش) أو كمامة واحدة؛ أو معقمات؛ سيما مدارس الولايات والأقاليم وأطراف العاصمة المكتظة بالطلاب.
لكن السؤال الأهم والأخطر والذي يثور هنا بقوة؛ لماذا أصرت وزارة التربية والتعليم على فتح المدارس واستمرار العام الدراسي رغم كل تلك المخاطر والمهددات؟
ونحن نقول لك عزيزي القارى؛ إنها لعبة ومنطق المصالح الكبرى والسياسة العرجاء وسطوة المال والسلطة وخطر الشوكة وجبروت النافذين والمتنفذين.
فهنالك نافذون وأصحاب سطوة وباس وشوكة؛ تضررت مصالحهم من إلغاء العام الدراسي وإغلاق المدارس لأشهر طوال؛ وحتى يحافظوا على مصالحهم وتزداد ثرواتهم وأموالهم؛ فكان لزاما وحتما أن تفتح المدارس أبوابها بأي شكل كان؛ لا تهمهم حياة فلذات أكبادنا ومستقبلهم.
ومارست هذه (المافيا والطفيلية النافذة) ضغوطاً كبيرة على المسؤولين وقدمت مغريات ومحفزات ضخمة؛ ففتحت المدارس أبوابها؛ سيما كبرياتها وعظيماتها التي يدرس فيها الطلاب بالمليارات والدولارات والملايين .
إن فتح المدارس واستمرار العام الدراسي الحالي؛ في ظل الجوع والفقر والمرض والضائقة المعيشية والمهلكة الاقتصادية؛ يعد ويعتبر جريمة كبرى من الدرجة الأولى؛ تتحمل وزرها وتبوء بإثمها وزارة التربية والتعليم؛ ويجب محاسبتها عليها ومعاقبتها؛ وقبل ذلك يجب إغلاق كل المدارس فورًا والآن واليوم والساعة؛ في كل السودان قبل فوات الأوان… اللهم إني قد بلغت فاشهد.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!